من عمله في مجال النفط والطاقة استوحى المهندس "عماد صالح حمدان" أفكاراً للحصول على الأسمدة الطبيعية والوقود النظيف؛ واستثمر ناتج المشاريع الزراعية بهدف تنموي بعيد المدى.

الفكرة التي ظهرت على الأرض كمشروع هيأ أولى مستلزماته ليتمكن من إنتاج نوع من الوقود الخالي من المخلفات المؤذية للطبيعة أنيقة الشكل سهلة التعامل، وعمل لاستثمار كل النواتج العضوية بطريقة عصرية، هذه التجربة كانت ضمن اهتمامات مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 آب 2018، حيث زرنا المكان، وحدثنا المهندس "عماد" مصمم التجربة ومنفذها عن الآلية التي عمل بها ليظهر المشروع على أرض الواقع، فقال: «عملت في مجال النفط وسبر الآبار قرابة عقدين، فأخذني العمل إلى عالم الطاقة وأهميتها، وتابعت الكثير من التجارب العالمية، وبوجه خاص التجارب الأوروبية التي اتجهت إلى استثمار المخلفات العضوية وأغصان الأشجار، وقد عايشت مع أهالي قريتي واقع التعديات على الأشجار الحراجية وما تعرضت له هذه الثروة من أذى، لأعد لدراستي الخاصة وفق واقع قريتي "الكفر" مستفيداً من متابعة تجارب عبر شبكة الإنترنت، ونجحت في إيجاد طرائق بديلة لتصنيع السماد "الكمبوست" والوقود النظيف، والحد من الاعتداء الجائر على الحراج لكونها الثروة الطبيعية المتجددة لنقاء الأجواء وتوازن الطبيعة، والحصول على وقود صناعي بجودة عالية، أخذ يُطلب مني على نطاق واسع؛ وهو ما دفعني إلى تطوير العمل وتلبية احتياجات كل من يطلبه.

الاعتماد على جهده الذاتي في تأمين قاعدة لإطلاق معمل مصغر لإنتاج الوقود الصناعي بهذه المواصفات و"الكمبوست"، يظهر حالة من الوعي باتجاه إيجاد مشاريع نظيفة تنسجم مع التطورات الحاصلة على مستوى العالم، مع العلم بندرة هذه المشاريع. وبالعودة إلى التكلفة الكبيرة التي تحملها المهندس "عماد"، فإننا نعرف جيداً أن المشاريع البيئية عائدها الاقتصادي بسيط، وعليه فهذا المشروع بما يعنيه من منافع كبيرة للبيئة يحتاج إلى دعم الهيئات المختصة والمجتمع المحلي، ليكون أمامه فرصة للتطور والنجاح، مع العلم بالحاجة الكبيرة إلى المادة التي ينتجها المشروع؛ أي السماد الطبيعي أو الوقود الصناعي، لكونه يخلق بديلاً مناسباً جداً في هذه المرحلة، ويحقق لأفراد المجتمع حاجة مهمة ومطلوبة

في البداية أسئلة كثيرة بحثت عن إجابة لها؛ أولها كيف نقطّع الأغصان ومخلفات التقليم؟ فهي مادتنا الأولية لتصنيع الأسمدة، وأحد أنواع الوقود الصناعي، لأجد ضالتي في تصميم قطاعة تحقق هذه الغاية نفذها حرفي متميز، لتكون مؤهلة لتقطيع كميات كبيرة بوقت سريع، هذه القطاعة كانت بداية لخط إنتاج للمواد الأولية، وهي ناتج تقليم أغصان الأشجار لتحضير "الكمبوست" كخط إنتاج أول، والثاني لتصنيع الوقود الصناعي.

المهندس عماد حمدان بجانب المخمر الهوائي

فبالنسبة للمخمر الهوائي، فإننا نمرر كافة مخلفات الخضار (بقايا سوق الخضار) والأغصان وكل مخلف نباتي عضوي ليقطع بالكامل لنحوله إلى مكان التخمير، حيث نعد شكل المخمر الهوائي، وفق الدراسات العلمية، ونقوم بترتيب الطبقات التي تتكون من مخلفات الخضار ونشارة الخشب، وزرق الطيور وبعر الأغنام، والتراب، بنسب ودراسات محددة، والانتباه إلى طول المخمر والارتفاع وثخانة الطبقة نشكلها على شكل هرمي، ليكون معرضاً للهواء بما يكفل عملية تخمير متوازن تحسن مزايا المواد الداعمة لنمو النبات.

بهذه الطريقة نتمكن من إنتاج كمية كبيرة من السماد بعد مدة زمنية نحددها وفق نوع السماد الذي نحتاج إليه؛ فإذا كان تحضير السماد للخضار والبيوت البلاستيكية، يحتاج إلى شهر لتحقيق الغاية، وإننا بحاجة إلى شهرين إذا كنا نعد سماد الأشجار المثمرة، مع التقليب الدائم واستكمال المراحل المطلوبة لإنتاج نوع من السماد الطبيعي، وبذلك نتمكن من التوفير في استخدام السماد الكيماوي والتحول إلى زراعة عضوية متوازنة مفيدة للبيئة، وتحسين مقدراتها وحماية التربة».

الوقود الصناعي المنتج

واستكمالاً لخط إنتاج يعول عليه الكثيرون ليكون بديلاً مناسباً عن الوقود، يضيف المهندس "عماد" بالقول: «كانت بداية خط إنتاج استكمل بآلية تعرض الناتج لضغط يراوح بين 40 و30 طناً، والحرارة التي قد تتجاوز 150 درجة لتحقق الغاية المطلوبة، بإنتاج قطع مناسبة للوقود بقيمة حرارية عالية، تؤهلها لتكون بديلاً مناسباً جداً عن المازوت، هذا المنتج خضع للتجربة، وكانت النتائج مميزة، وقد باشرنا العمل، ليس لهدف الربح بقدر اهتمامي بنشر الفكرة، والتعريف بما بين أيدينا من فرص لتحسين الواقع البيئي، هذا المشروع الذي سبقتنا إليه دول كثيرة، سيكون بالنسبة لقريتي وسيلة للتخلص من المخلفات وبقايا أسواق الخضار والتقليم وكل النواتج العضوية التي يمثّل عبء التخلص منها أكبر الهموم بالنسبة للبلديات.

وبوجه عام، فمشروعي عبارة عن محاولة لاستثمار طبيعي، نتمكن من خلاله التخلص من مخلفات فيها الكثير من العناصر التي لا يجوز هدرها، مستفيداً من تجارب الدول المتطورة لنحقق خطوة إلى الأمام على مسار التنمية، فهذا المشروع مؤهل لاستيعاب يد عاملة، وقابل للتطور بأفكار تنسجم مع هذه الفكرة كمرحلة أولى، وقد تمكنا من تسويق أطنان من الإنتاج بعد أن خضعت للتجربة».

حسان البني

من وجهة نظر المهندس "سليمان كحل"، التجربة خطوة باتجاه تعامل سليم مع البيئة، وقال: «عانت قريتنا تعديات كثيرة على الأشجار الحراجية، وكانت الأفكار تبحث باتجاه إيجاد نوع من الحماية بسلوك بيئي حضاري يساهم في حماية هذه الثروة، تجربة المهندس "عماد" تدخل ضمن هذا الإطار، فالمشروع له آفاق بيئية يجب الاهتمام بها لكونها تؤهل لفرصة التخلص من بقايا عملية التقليم التي تنتج كميات كبيرة من حقول القرية، وأنواع مختلفة من المخلفات التي تؤسس لمشروع كبير في حال لاقى الدعم المطلوب لإيجاد فرص عمل مناسبة، وعليه للمشروع أثر اقتصادي بيئي واجتماعي يخدم شريحة من طالبي العمل، ويحقق غاية تأمين بديل من الوقود الصناعي الذي بات هماً للكثيرين منا، واستمرار هذا المشروع يعني الكثير لقريتنا، ولا شك أنه بحاجة إلى الدعم لضمان هذه الاستمرارية، وتحقيق الغايات التي وضعها مؤسسه بالاعتماد أولاً على الغاية البيئية التي تعدّ الأهم».

الاعتماد على الذات والانطلاق لخدمة المجتمع عملية تحتاج إلى تضافر الجهود، وفق حديث "حسان البني" أمين الشؤون الثقافية في اتحاد عمال المحافظة ومن أبناء القرية، وقال: «الاعتماد على جهده الذاتي في تأمين قاعدة لإطلاق معمل مصغر لإنتاج الوقود الصناعي بهذه المواصفات و"الكمبوست"، يظهر حالة من الوعي باتجاه إيجاد مشاريع نظيفة تنسجم مع التطورات الحاصلة على مستوى العالم، مع العلم بندرة هذه المشاريع. وبالعودة إلى التكلفة الكبيرة التي تحملها المهندس "عماد"، فإننا نعرف جيداً أن المشاريع البيئية عائدها الاقتصادي بسيط، وعليه فهذا المشروع بما يعنيه من منافع كبيرة للبيئة يحتاج إلى دعم الهيئات المختصة والمجتمع المحلي، ليكون أمامه فرصة للتطور والنجاح، مع العلم بالحاجة الكبيرة إلى المادة التي ينتجها المشروع؛ أي السماد الطبيعي أو الوقود الصناعي، لكونه يخلق بديلاً مناسباً جداً في هذه المرحلة، ويحقق لأفراد المجتمع حاجة مهمة ومطلوبة».

ما يجدر ذكره، أن المهندس "عماد صالح حمدان" من مواليد قرية "الكفر" عام1973، درس هندسة الميكانيك بجامعة "دمشق"، ويعمل باختصاص النفط وسبر الآبار، اجتهد في تطوير خبرته في مجال النفط الجيوفيزيائية ليمتلك خبرة واسعة في هذا المجال تشهد بها جهات متعددة ومسيرة عمله.