تجربة زراعية ناجحة استقرت بأطراف قرية "عرى" أسّس لها "غسان البريحي" و"وليد حامد" لإنتاج الدراق النموذجي كمنتج جديد قابل للتخزين تبعاً لمزايا الثمرة المميزة.

التجربة حصيلة خبرة زراعية طويلة تنوعت واغتنت على مدار سنوات سابقة، ليكون مشروع "الدراق النموذجي" أول الحقول في هذه المنطقة التي اكتسبت صفة جديدة بفعل انتشار هذا النوع بمردوده الجيد، والمشجع على الاستمرار في تطوير هذه الزراعة وانتقاء أنواع وأساليب إضافية، كما تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 أيلول 2018 المزارع "غسان البريحي" عن مزرعة "الدراق النموذجي" التي يديرها مع شريكه، وقال: «الزراعة العصرية أنتجت أنواعاً مميزة من الأشجار المثمرة، وقدمت للمزارع النشيط فرصاً كبيرة لتنويع الزراعة وتطويرها، وتجربتنا مع هذا النوع غنية بالقدر الذي يمكن أن يشجع على اتباعها، وهذا كان بالفعل دافعي لعرض الفكرة على المغترب وابن بلدتي "وليد حامد"، الذي اقتنع بالفكرة وباشرنا العمل، فهو قدم الأرض ومصدر الماء من خلال بئر امتلكها خصصت لإرواء المشروع، وأنا تكفلت بالرعاية ومتابعة المشروع.

المشروع الذي امتد اليوم إلى 500 دونم زرعت النسبة الأكبر منها بالدراق وأضفنا بعض أنواع الأشجار المثمرة، لكن النجاح الحقيقي كان من خلال الدراق، حيث غرسنا أنواعاً متعددة منه، وحرصنا على أن تكون أنواعاً نموذجية، وهي النوع الحديث الانتشار في العالم لكونها مقاومة لا تنضج بسرعة، ويمكن تخزينها إلى جانب مقاومتها لظروف النقل والتسويق؛ فلا تتعرض للتلف مثل الأنواع العادية التي تنتشر في المنطقة ويتجنبها الفلاح خوفاً من الخسارة

فكرة زراعة هذا النوع لم تأتِ من فراغ؛ فقد كانت لي تجربة سابقة في "الأردن"، من خلال مزرعتين خصصتا لهذا النوع وحققتا نتائج جيدة من حيث الإنتاج. وبفضل هذه التجربة امتلكت خبرة جيدة في معاملة هذه الشجرة واحتياجاتها، ففي منطقة تشبه أجواء قرية "عرى" كانت فرص النجاح كبيرة، ورغبت بتكرارها، وكانت البداية بالحصول على غراس مناسبة، وتمّت الزراعة عام 2011، حيث باشرنا زراعة 270 دونماً، وكانت المرحلة الأولى لهذا المشروع الذي علقنا عليه آمالاً كبيرة لنؤسس لزراعة جديدة أعدّها أحد البدائل التي يمكن أن تحمل في المستقبل فائدة كبيرة للمزارع».

غسان البريحي

ويضيف: «المشروع الذي امتد اليوم إلى 500 دونم زرعت النسبة الأكبر منها بالدراق وأضفنا بعض أنواع الأشجار المثمرة، لكن النجاح الحقيقي كان من خلال الدراق، حيث غرسنا أنواعاً متعددة منه، وحرصنا على أن تكون أنواعاً نموذجية، وهي النوع الحديث الانتشار في العالم لكونها مقاومة لا تنضج بسرعة، ويمكن تخزينها إلى جانب مقاومتها لظروف النقل والتسويق؛ فلا تتعرض للتلف مثل الأنواع العادية التي تنتشر في المنطقة ويتجنبها الفلاح خوفاً من الخسارة».

عن رعاية الشجرة والظروف المناسبة، قال: «في مزارع "الأردن" تابعت خبراء من "إيطاليا" ودول أوروبية، وتعلمت منهم طرائق رعاية هذه الشجرة، مثل: مواعيد السقاية، والتقليم، القطاف وطرائقه، وأخيراً أساليب الزراعة لتزرع على شكل "ديارات"، وهذه الطريقة فيها كثير من الفن والدقة في التعامل، حيث نغرس الأشجار ونباعد بينها مسافة متر ونصف المتر، ونعدّ أسلاكاً نرفعها عليها مع تطور نموها عمودياً، كما يتم التعامل مع الكرمة في الدول الأوروبية، هذه الطريقة تمكننا من استثمار المسافة وزراعة عدد أكبر من الأشجار، إلى جانب زيادة وتنظيم إثمارها وسهولة القطاف، وقد بدأت أولى نتائج هذه التجربة تظهر».

وليد حامد

المغترب "وليد حامد" من أهالي قرية "عرى" انتقل إلى الزراعة بعد تجربة اغتراب، وقال: «بعد سنوات من الغربة باشرت مع شريكي الخبير في مجال الزراعة وأقدمت على تجربة كانت جديدة بالنسبة لي، الهدف منها استثمار أراض زراعية امتلكتها وهيأت بجانبها بئر ماء بتكلفة مالية كبيرة، وقد وجدت في اقتراح زراعة الدراق فرصة مناسبة، مع تأكيد نجاح الزراعة من شريكي الذي قام برعاية المشروع، وتحويله إلى مشروع ناجح خلال سنوات بسيطة، وقد أصبح منتجاً عوضني عن السفر والغربة، وقد تشجعنا بفعل تحقيق نسب إنتاج جيدة من المرحلة الأولى بالتوسع لمساحة جديدة لتصل مساحة مزرعة "الدراق النموذجي" إلى 500 دونم يشتغل فيها عدد كبير من الأسر في مواسم التقليم والحراثة والقطاف، إلى جانب عمال دائمين للإشراف على السقاية والأعمال اليومية.

مشروعنا زوّد عدداً من البرادات بالمنتج، وهو اليوم مقصد لعدد كبير من تجار الفاكهة، وفي كل عام يتم (تضمين) المشروع ليتم القطاف من قبل (الضمان)، وعليه المشروع خلق مجموعة كبيرة من فرص العمل لعمال جدد. وبالنسبة لنا نستعد لمشاريع جديدة على أمل أن تصبح منطقة المشروع منتجة للدراق أولاً، وتحقق الشهرة بجودة الثمار وأنواعها المميزة، وهذا تحول زراعي مطلوب للمنطقة التي كانت تبيت بوراً بلا زراعة في حال انخفض معدل الأمطار».

الزراعة على شكل "ديارات"

من استفاد من فكرة المشروع حاول اختبار الزراعة تماشياً مع دعوة أصحاب المشروع لتطوير الزراعة، كما حدثنا "عهد فرحات" من سكان قرية "عرى"، وقال: «تابعت المشروع عن قرب، واستطعت التعرف إلى هذا النوع من الأشجار التي تختلف كثيراً عن الأنواع الرائجة، وجمعت معلومات منهما عن طريقة الزراعة ومتطلباتها لأحاول التأسيس لبستان خاص بالدراق، وكانت البداية منذ عامين بزراعة مئة دونم بهذه الشجرة.

فقد لاحظنا نجاح الزراعة وما تحمله من مؤشرات جيدة؛ أولها في حال استعد مزارعون جدد للتجربة وزراعة مساحات جديدة، ليكون لهذه الشجرة موقع محدد في المحافظة يقصده التجار وكل من تعامل بزراعة هذا النوع من الفاكهة، خاصة أن في المنطقة محفزات كبيرة للزراعة، لكن طريق نجاح الزراعة مهّده الأخ "غسان البريحي" الذي نقل الخبرة إلى كل من طلبها، لتكون طرائق التعامل واضحة ومعروفة، ونلجأ إليه في حال ظهور حشرات ومتابعة أساليب التقليم والطرائق الحديثة للزراعة، على أمل أن تتوسع المشاريع لتعود بالخير على القرية بوجه عام ونؤسس لزراعة ناجحة ومنتجة».

ما يجدر ذكره، أن انتشار "الدراق النموذجي" امتد إلى شمال غرب قرية "عرى"، وهناك فرصة كبيرة لتوسع الزراعة وانتشارها لتتجاوز المساحات المزروعة إلى مئات الدونمات حديثة الزراعة.