حقق أهالي "السالمية" القرية الواقعة في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة "السويداء" بتعاونهم مع "الأمانة السورية للتنمية" خطوات تنموية انعكست خيراً على دخل الأسر واستقرارها في هذه القرية النائية.

القروض التي حصلت عليها الأسر في المرة الأولى ولم تتجاوز خمسين ألف ليرة سورية من برنامج "مشروعي"، كانت بداية لمشاريع أعادت إحياء الثروة الحيوانية والزراعية، وهيأت فرصاً جديدة للدخل عدّها الأهالي نقلة نوعية لبناء نواة لمشاريع بسيطة كان لها أثر في تحسين الدخل وتحقيق نوع من التنمية الذي انسجم مع إمكانيات القرية وما يتوفر من وسائل دعم محدودة؛ لتكون المشاريع الصغيرة الأكثر قابلية للتطبيق وفق حديث "عاطف الأوس" محاسب لجنة برنامج "مشروعي" في القرية، وقال: «تعدّ قريتنا آخر قرى المحافظة باتجاه الشمال الشرقي، ويكفي لمن زارها أن يعرف واقعها بفعل هذه المسافة التي تفصلها عن المدينة ليس بعدد الكيلو مترات فقط، بل بانعدام فرص التنمية، وعليه فإن موارد السكان الذين لا يتجاوز عددهم 300 نسمة محدودة جداً؛ ارتبطت بالمحصول الزراعي وما يمكن الثروة الحيوانية أن تقدمه من مورد، وعندما تأثر المحصول الزراعي بفعل الجفاف أخذت الثروة الحيوانية تتهاوى مع نقص الأعلاف والمياه؛ وهو ما أدى إلى شلل شبه كامل في العملية الاقتصادية.

يتم العمل على دراسة رفع رصيد الصندوق لزيادة عدد المستفيدين ومدورات الصندوق من أجل استثمار موارد التجمع بطريقة أفضل لتساهم في إقامة مشاريع نوعية، التي من شأنها تحقيق استقرار اقتصادي أكبر لأهالي التجمع، وتمكين الناس وتثبيتهم في منازلهم، والعمل جارٍ لتحقيق هذه الخطوة

فكرة التعاون مع "الأمانة السورية للتنمية" وبرنامج "مشروعي" أخذت أفكارنا لما يمكن فعله وما الفرص المؤهلة للنجاح في هذه الظروف؛ لكون القروض صغيرة ولا مجال لمشاريع تنموية كبيرة، وكانت الخطوة الأولى التي تمت بين الأهالي والمشروع لتأسيس قاعدة أولية للصندوق، وشارك الأهالي بجمع مبالغ إلى جانب المبالغ الأولى المقدمة من البرنامج وتمت دراسة المشاريع، وهي في المجمل لتحسين الثروة الحيوانية وزراعة الزيتون وزراعات بسيطة و"العزاقات" الزراعية لفلاحة الأراضي، حيث لم يزد القرض الأول على 50 ألف ليرة سورية للأسرة؛ فكان بداية لمشروع صغير، وفي حال النجاح يستحق القرض الثاني 200 ألف ليرة سورية، وبالفعل أثبت الأهالي حرصهم على نجاح المشاريع، وتفاعلت عملية الإقراض وكان للتعريف بالمشروع والتعاون المستمر أثر كبير في تحفيز أشخاص جدد للاستفادة وإيجاد فرصة جديدة للحصول على دخل، علماً أن بعض الأسر لا تتوفر لها أي فرصة للدخل، وبفضل المشروع حققت نوعاً من الاكتفاء».

سعيد كحل منسق الأمانة السورية للتنمية ووليد الحمود برنامج مشروعي وعاطف الأوس

وأضاف: «يكفي أن نعرف أنه خلال هذه السنوات الثلاث -عمر برنامج "مشروعي" في المنطقة- امتلكت القرية 120 رأس غنم بعد انعدام هذه الثروة، وحققنا الاكتفاء الذاتي على مستوى الدواجن؛ لتنتج الأسر حاجتها وتبيع الفائض إلى جانب تطور واضح في مشاريع الزيتون ومشاريع زراعية منزلية، واستثمار آبار المكرمة بما خدم الأهالي وحسن ظروفهم».

عزيمة الأهالي للاستفادة من المشروع وتحقيق الأفضل أظهرت أهمية المشروع ونجاحه؛ كما تحدث "سعيد كحل" منسق "الأمانة السورية للتنمية"، وقال: «انطلاق المشروع بداية مبشرة وخطوة تنموية استثمرها الأهالي بحبهم للعمل وإحداث خطوة لتحسين واقعهم؛ ليكون نوع المشاريع ناجحاً ومحققاً للغاية المطلوبة؛ بخلق فرص تنموية لهذه القرية، وتضاف هذه القرية بفضل "الأمانة" وعمل أهلها وتعاونهم إلى مسارات تنموية تعلق عليها الآمال وتضمن استقرار الأهالي فيها وتحسين ظروفهم.

من الحدائق المنزلية موسم ينقضي وآخر جديد من الخضراوات

بتقييم التجربة منذ افتتاح الصندوق حتى تاريخه عمل فريق "مشروعي" على إعادة استهداف القرية في تربية المواشي وتحسين الواقع الزراعي؛ عبر توجيه سلف الصندوق بهذا الاتجاه، وبدا الأثر واضحاً في ازدياد عدد المواشي في القرية مع ازدهار ملموس لزراعة الزيتون، وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج اثنين وستين مستفيداً بين تعليمي وتشغيلي بمبلغ مدور 555000 ل.س، وهنا نستطيع أن نقول إن البرنامج قد استهدف جميع الأسر المستحقة ممن لديها العزيمة والإرادة لتحسين واقعها الاقتصادي.

وللتعريف أكثر بآلية العمل يأتي انطلاق برنامج "مشروعي" لـ"الأمانة السورية للتنمية" ليدير برنامج التسليف المتناهي الصغر لدعم المشاريع المبتكرة، التي تشجع النمو الاقتصادي في المناطق الفقيرة. من هذه الانطلاقة تم استهداف قرية "السالمية" في ريف "السويداء"؛ وهي قرية فقيرة الموارد لا يزيد عدد الأسر المقيمة فيها على 42 أسرة، يعتمد سكانها في معيشتهم بوجه أساسي على الزراعة وتربية المواشي، إلا أن ظروف الأزمة جعلت من تربية المواشي حالة نادرة فيها، ترافق ذلك مع مواسم جفاف متتالية جعلت الوضع المعيشي صعباً؛ وهو ما استدعى تدخل "الأمانة السورية للتنمية" عبر برنامج "مشروعي" بالشراكة الاستراتيجية مع وزارة الإدارة المحلية، ودعم من المجتمع المحلي بفتح صندوق تشرف على إدارة أمواله لجنة أهلية لنصل إلى هذه النتيجة التي عززت الأمل في المستقبل بنقلات تنموية متسارعة».

ميسون قرضاب من أهالي السالمية

للمشروع رؤية مستقبلية، كما أضاف بالقول: «يتم العمل على دراسة رفع رصيد الصندوق لزيادة عدد المستفيدين ومدورات الصندوق من أجل استثمار موارد التجمع بطريقة أفضل لتساهم في إقامة مشاريع نوعية، التي من شأنها تحقيق استقرار اقتصادي أكبر لأهالي التجمع، وتمكين الناس وتثبيتهم في منازلهم، والعمل جارٍ لتحقيق هذه الخطوة».

استفادت "ميسون قرضاب" من أهالي القرية من القرض وخلقت فرصة عمل إضافية لتحسين واقع أسرتها بتربية الثروة الحيوانية، وقالت: «حاولنا البحث عن فرص إضافية لتحسين الدخل، لكن الإمكانيات المحلية كانت أضعف من كفالة النجاح، وعندما بدأ البرنامج تعرفنا إلى الفكرة وتقدمنا للحصول على قرض لشراء عدد قليل من الأغنام، وتعاونا أنا وزوجي في رعايتها لنحاول تأمين الأعلاف لها من خلال زراعة قطعة أرض لدينا حاولنا استثمارها بزراعة الشعير وغيره.

وكانت البداية بشراء سبعة رؤوس بالاعتماد على القرض، واستفدنا من حليبها وصوفها لنحافظ على المواليد الجدد ونزيد العدد، واليوم أصبح القطيع 50 رأساً نستفيد من حليبها، وقد يصل المبلغ في الموسم قرابة 500 ألف ليرة سورية، في سنوات سابقة كنا نضيفها إلى عملية بناء القطيع؛ لأن زيادة العدد تساهم في ربح أكبر واستقرار لإنتاج القطيع.

وعليه، فالقرض الصغير عاد علينا بالخير، وكل أهالي القرية لديهم فرصة للاستفادة في حال رغبوا بالعمل؛ فهذه المشاريع تحتاج إلى الرعاية والعمل، مثلها مثل مشاريع الدواجن التي حسّنت أوضاع أصحابها، وغيرها من الفرص التي حركت عجلة العمل وهيأت الظروف المناسبة لمعيشة الأسرة».

يذكر أن قرية "السالمية" التي تبعد 55 كم عن "السويداء".