هاجسها الدائم مساعدة الناس والتفكير بقضاياهم، ابتعدت عن الحقوق، إلا أنها لم تبتعد كثيراً عن الشأن الإنساني بدخولها كلية التربية وعلم النفس؛ إذ كان الطريق الأكثر فاعلية لمساعدة الآخرين، فبصمت في حياة العديد من الأشخاص، ونجحت في مهمتها التربوية.

"نجاح الحلبي" اختصاصية نفسية في مدرسة "الفتاة" في "السويداء"، ومتطوعة في مجال الدعم النفسي في عدد من الجمعيات الخيرية، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 كانون الأول 2018، عن عملها منذ البدايات قائلة: «عشت صراعاً بين فرعي الحقوق وعلم النفس؛ فقد كانت علاماتي تؤهلني لدخول أي فرع، كنت على اطلاع على مشكلات المقربين ولديّ تأثير بالمحيط، وقد لاحظت ذلك من خلال أشقائي وأصدقائي ومعارفي، حيث كنت موضع ثقة؛ وتتم استشارتي في العديد من المواضيع، في البداية اكتشف والدي ميزة الإصغاء عندي للآخرين؛ وشجعني ظناً منه أنني سأصبح محامية في المستقبل، إلا أنني رغبت بدراسة علم النفس».

عرفتها منذ بداية مشوارنا المهني، توظفنا بذات الوقت في مدرسة "الفتاة"، مجتهدة في تنمية مهاراتها وتطويرها، وتحمل شهادة مدرّب محترف في البرمجة اللغوية العصبية، وقدمت دورات عدة في مجال الدعم النفسي. وهي متطوعة في "بيت اليتيم" ومخلصة في عملها، وتحب مساعدة الناس، وكل ما تقدمه نابع من قلبها وإخلاصها وإنسانيتها

وعن مرحلة الدراسة أضافت: «مرحلة الدراسة كانت مميزة جداً؛ قرأت فيها كثيراً كتباً من خارج المقرر في الجامعة، كنت أجلس ساعات طويلة في مكتبة "الأسد" أطالع فيها كتباً في علم النفس، وبعد أربع سنوات دراسة في الجامعة تخرّجت وحصلت على الدبلوم مباشرة، وذلك في عام 1995، وفي عام 2001 أعلن عن أول مسابقة لخريجي علم النفس؛ وكنت من الخمسة الأوائل، وعيّنت في مدرسة "الفتاة" في "السويداء"».

"نجاح الحلبي"

من عام التخرّج حتى الوظيفة قامت "الحلبي" بعدد من الأنشطة النوعية التي ساهمت في دعم مهاراتها، وعنها قالت: «بين عامي 1995-2001 زرت السجن، وقمت بحلقات بحث، وزرت مستشفى "ابن النفيس" و"الجمعية العلمية النفسية"، وزرت الدكتور "نعيم الرفاعي" الذي كان متعاوناً جداً، حيث استفدت من خبرته وكان يجيب عن كافة أسئلتي، وكل ما قمت به نابع من رغبة بتطوير شخصيتي، ولديّ قدرة على الارتجال؛ فالحالة التلقائية تخدمني أكثر من الكتابية. أمتلك التنظيم بعقلي ولديّ القدرة على التحدث لساعات في مجال اختصاصي من دون تحضير، فأنا أثق بمعلوماتي وبما قرأت، وكانت زياراتي إلى السجن وعيادة الطبيب تطبيقاً عملياً لما درست؛ وهو ما ساهم في ترسيخه في ذهني. قمت بإعداد دراسة حالة خاصة بعيداً عن النماذج المعروفة من ترتيب أولويات واستبدال الأسئلة بما رأيته يستحق الأولوية من وجهة نظر شخصية، وإلى اليوم أواكب كل جديد وحديث في علم النفس من بحوث وكتب وغيرها».

امتاز العمل في مدرسة "الفتاة" بالنوعي على حدّ قولها، حيث قالت: «في المدرسة استطعت جذب الطالبات من خلال العلاقة المباشرة، كنت أبني علاقات طيبة على مدار العام معهن؛ أقترب منهن وأكون معهن وبينهن. قمت بإرشاد جمعي من خلال الدخول إلى الشعب الصفية والحديث مع الطالبات عن قرب، وبعد كل حديث في الشعب أجد عشرات الحالات في غرفتي يطرحن مشاكلهن، حتى إنني حاولت أن تكون ملابسي عادية كي أكون أقرب إلى الطالبات وأزيل الحواجز فيما بيننا».

للتطوع جزء مهم في حياة "نجاح الحلبي"، فهي تؤمن بوجوب دعم الجميع من دون استثناء، وتحب تقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، وبوجه خاص في فترة الحرب، حيث أضافت: «فترة الحرب كانت مرحلة اغتراب داخلي، عملت في مجال الدعم النفسي مع كافة الفعاليات والجمعيات في المحافظة، منذ عام 2010 وحتى اليوم أزور مركز الوافدين كل أسبوع، وحصلت على شهادة مدرّب محترف في التنمية البشرية "TOT"، والذي ساعدني في عملي البرمجة اللغوية العصبية، وأقمت دورات في الإسعاف النفسي والبرمجة اللغوية العصبية والدعم النفسي والاجتماعي، وكانت ناجحة؛ حيث يطلب مني إعادتها في كثير من الأحيان».

"منى حاتم" اختصاصية نفسية، تحدثت عن "نجاح الحلبي" بالقول: «عرفتها منذ بداية مشوارنا المهني، توظفنا بذات الوقت في مدرسة "الفتاة"، مجتهدة في تنمية مهاراتها وتطويرها، وتحمل شهادة مدرّب محترف في البرمجة اللغوية العصبية، وقدمت دورات عدة في مجال الدعم النفسي. وهي متطوعة في "بيت اليتيم" ومخلصة في عملها، وتحب مساعدة الناس، وكل ما تقدمه نابع من قلبها وإخلاصها وإنسانيتها».

"ميرفت الريشاني" منشطة لا صفية، أضافت: «"نجاح" شخص داعم للجميع بمجال العمل وفي المدرسة وحياتنا اليومية، تعطينا الثقة والمعنويات العالية، وتعامل الطلاب كالأخت، وتعطينا حلولاً لمشكلاتنا ونصائح دائمة للتغلب على صعوبات الحياة، أنا أعرفها منذ ثلاث سنوات، ولديها أسلوبها المميز، طموحة، تقيم الندوات الثقافية باستمرار في الجمعيات ورياض الأطفال، والجميع يشهدون بمهنيتها وحرفيتها».

"سعد فرحات" مدرّب دولي في التنمية البشرية، وعضو مجلس إدارة في دار "الرعاية الاجتماعية" في "السويداء"، تحدث عن "نجاح الحلبي" بالقول: «إنسانة محترمة وخلوقة، كنا ضمن فريق تطوعي في "بيت اليتيم" مع الأطفال قبل أن تصبح عضو مجلس إدارة، كانت مميزة لأننا كنا على تماس مباشر مع الطلاب، وهي تمتلك الخبرة العملية في هذا المجال لكونها مرشدة نفسية في مدرسة "الفتاة"، والخبرة تكتسب بالممارسة وبعدد الحالات التي تواجه الاختصاصي النفسي، اتبعت العديد من الدورات لتنمية المهارات وصقلها، منها مدرّب محترف، ولديها حافز للعمل، نشيطة جداً، وأسلوبها مميز في التعامل مع الطلاب».

يذكر، أن "نجاح الحلبي" من مواليد مدينة "السويداء"، عام 1971.