بدأت مغامرة "رامي القاضي" مع الأدب في وقت مبكر، فقد تركت روايته الأولى صدى واسعاً، وقبولاً من المهتمين بالأدب والنقاد؛ وهو ما جعلها فاتحة لنتاج آخر يتحدث فيه عن الأحداث التي مرّت بها "سورية" بطريقة جديدة، وخارجة عن المألوف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 31 كانون الثاني 2019، الكاتب الروائي "رامي جميل القاضي" ليتحدث عن دخوله باب الفن الإبداعي من خلال القص الروائي، فقال: «في الحقيقة لا أنظر إلى أي حالة فنية على أنها نتجت أو تولدت عن عوامل أو أسباب، ما أراه -وهي مجرد وجهة نظر شخصية- أن أي نتاج فني عبارة عن حالة من الفيض الحسي أو الروحي الناتج عن تراكماتٍ من كبتٍ في تفريغ المشاعر، وهنا تختلف الحالة الناتجة بين شخصٍ وآخر، فهناك من يفرغ طاقته بالصراخ، ومن يفرغ طاقته بالكتابة، وهكذا».

لكل شيءٍ علاقةٌ بكل شيء، وهنا لا يمكن تحديد ما إذا كانت للطفولة فقط أثرها في نتاج فردٍ ما، بل لكل مرحلة من مراحل حياته الأثر الكبير فيما يمكن له أن يقدمه لاحقاً

وعن قراره في الكتابة الروائية والنشر، وهل احتاج إلى الكثير من الشجاعة في عرض إنتاجه الفني وسط عالم لم يعد يقرأ، قال: «هنا على كل فرد من أفراد المجتمع ألا ينظر إلى الأمر بعين النجاح أو الفشل، بل يجب على كل واحدٍ منا أن يُنتج ما قد يراه مفيداً له ولغيره، ولا ينتظر نتيجة عمله. وأُشبّه الأمر بالشخص الذي يفعل خيراً مع أخيه من دون أن ينتظر ردّ الجميل».

لقد أحببت ظلاً

النجاح الجماهيري لروايته الأولى "لقد أحببت ظلاً" جعلت من أحد كتاب السيناريو تبنيها لكي تتحول إلى مسلسل طويل خلال سنة؛ وهذا يعدّ اعترافاً بموهبته الكبيرة ونجاحه في زمن قياسي، حيث يضيف عن ذلك: «أثبتت رواية "لقد أحببت ظلاً" منذ بداية نشرها عام 2016 أنها تمتلك عنصر الجذب، وأن من يقرأ صفحتها الأولى لا بد أن يكمل قراءتها حتى يصل إلى صفحتها الأخيرة في وقتٍ قياسي حتى وإن لم يكن من هواة القراءة، لذا فقد جذبت لي هذه الرواية مقابلة تلفزيونية وعدة مقالات صحفية كتبت عنها. وفي النهاية جذبت السيناريست "سلطان مصطفى" الذي قرر تحويلها إلى سيناريو، وسيعمل لاحقاً على تسويقها لدى شركات الإنتاج، وهذا ما تعهد به وحده من دون أي مساعدةٍ مني».

أطلق روايته الثانية التي أخذت طابعاً سياسياً، وعنها قال: «بعد عملي الأول، كان لي شرف كتابة رواية أخرى بعنوان: "بروباغاندا"، التي تحدثت فيها عن الأزمة السورية بمنظورٍ وطنيٍ حقيقي، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بانتشارها، نظراً إلى كثرة رُوّاد هذه المواقع على اختلاف أطيافهم، وأظن أن الصدى الذي تلقيته كان مشجعاً».

توقيع إحدى رواياته

وعن الطفولة وعلاقتها مع الأدب، وما تركته من أثر في عقله، قال: «لكل شيءٍ علاقةٌ بكل شيء، وهنا لا يمكن تحديد ما إذا كانت للطفولة فقط أثرها في نتاج فردٍ ما، بل لكل مرحلة من مراحل حياته الأثر الكبير فيما يمكن له أن يقدمه لاحقاً».

الإعلامي "ضياء الصفدي" قال عن رواية "القاضي" الأولى: «منْ رحم معاناتنا اليومية رسم "رامي القاضي" أولى رواياته "لقد أحببت ظلاً" ملامح تجربته في عالم الأدب الروائي، ناسجاً خيوطها بحبكة يلفّها الغموض المشوق، متنقلاً بين العشق والشيفرات الرقمية والألغاز، وهامَ الكاتب في كنف الغموض الذي حاك به أحداث الرواية، وعبَرَ فوق الزمان والمكان. لم يصف أحداثاً أو أزمات، إنما اكتفى بأن يهيم فوقها، فكان نقدياً أكثر منه روائياً، وتقصّد عدم تقييد القارئ خلال مجريات الرواية وأحداثها بزمانٍ أو مكانٍ ليسهّل عليه إسقاط الأحداث على مجتمعه الذي يعيش فيه في أي زمان.

رواية "بروبوغاندا"

ووصّف الكاتب شخوصَ روايته بلفيف من الغموض، الذي أحاط أبطال قصته وكل تفصيل درامي سارت عبره أحداث الرواية في كنف المجهول، وعبرت قاع مدينة مظلمة، وجسّدت شيئاً من واقعنا، فلم يركز على أسماء محددة، إنما أحبّ فكرة المزج بين قصص الحب والقصص التي تكثر فيها لغة الجسد من جهة، وتصوير أحداث قصةٍ مشوقة تروي في طياتها بعض الأحداث التي تعيشها البلدان التي شاءت الظروف أن يعيش سكانها في ظل أزمات داخلية، وتدخلٍ خارجي يغذّي الأحداث في هذه البلاد من جهة ثانية».

الكاتبة "مجدولين الجرماني" قالت عن رواية "بروباغاندا": «هي تدوين لحوادث موجّهة بعناية؛ همّها الأوحد التأثير بسلوكيّات أشخاص بعينهم أو مجتمع كامل، لتجعل منه أسيراً لها أولاً، ثم عبداً أجيراً ينفذ أمرها بعد إسقاطه في فِخاخها. ببساطة هي عرض المعلومات بهدف التأثير المباشر بالمتلقي المستهدف، فهي تفتح مزاد الأسئلة في ذهنية القارئ التي عصفت بها إرهاصات الحالة انطلاقاً من: لماذا يستخدم الحقد الطبقي كوسيلة وأداة في الإرهاب؟ ولماذا يستخدم الفقر كوسيلة في تفجير وطن؟ وما المبرّر أنّ يُقسّم هذا الوطن، ألا يتّسع لنا كلنا؟

كانت تلك الأسئلة وحدها كافية لكشف النوايا، وهي بسيطة وبديهية، وليست مركّبة، نتلمّسها عن كثب من خلال حكايات السوريين الذين وقعوا في فخّها مباشرة، حين استعمل العدوّ سلاحاً فتّاكاً ومناسباً لهذه المرحلة والحقبة التي تمر بها البلاد، ألا وهو الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي للسيطرة التامة على العقول، والذي يفضي في النهاية إلى بيعنا سلاحهم ومخدراتهم والسيطرة على مكوّنات الأرض والسماء. إذاً، الدلالة واضحة، وهي تشير إلى دور الإعلام الموجّه للتلاعب بأفكار وعقول البشر للوصول إلى الأهداف بأقل خسائر من الطرف الآخر».

يذكر، أن الروائي "رامي القاضي" من مواليد مدينة "صلخد" عام 1981، مجاز تجارة واقتصاد.