دخل المصوّر الصحفي "سامر السيد" مجال الإعلام من بابه الواسع عندما سافر إلى "الإمارات العربية المتحدة"، ليثبت موهبته التي اكتسبها بالعمل والتدريب، ووصل إلى مبتغاه عندما التحق بفريق الإنقاذ الإماراتي حول العالم، فحقق نجاحاً كبيراً، وحاز جائزة التميّز بعد سنوات من العطاء والتعب.

انطلق من بلدة "شقا" التي تعدّ من أكثر البلدات الحاضنة للمواهب، وقرر السفر لملاحقة حلمه، وقال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 كانون الثاني 2019، عن بداياته في الغربة: «كان أول عمل لي في شركة إنتاج فني في مجال التصوير والمونتاج، وانتقلت بعدها إلى صحيفة "أخبار العرب" كمصور صحفي لمدة سنتين، وكنت متعاوناً مع تلفزيون "أبو ظبي" بصفتي مصوراً تلفزيونياً. بعدها انتقلت إلى وظيفة في إحدى مؤسسات الدولة لأعمل بها كإعلامي في مجال التصوير التلفزيوني والصحفي، وبقيت على هذا الحال حتى تم اختياري لأكون الإعلامي بفريق البحث والإنقاذ الإماراتي الذي أفتخر بأنني كنت أحد أعضائه، وشاركت الفريق بالنقل الإعلامي لكوارث وزلازل عدة حصلت في العالم، مثل "الباكستان" بمنطقة "بالكوت" الجبلية، و"أندونيسيا" في "جاكرتا"، وجزيرة "سوماطرة". من بعدها تم ترشيحي للذهاب إلى "سنغافورة" لإتمام دراسة كيفية نقل الكوارث الدولية، وإرسالها عبر الأقمار الصناعية، حيث تخرّجت في كلية الدفاع المدني في هذا البلد سنة 2007، وبعدها عملت للحصول على الاعتراف الدولي في النقل الإعلامي للكوارث الدولية، وتم ذلك بجدارة. واستمر العمل الإعلامي خلال هذه السنوات، وكنت متميزاً بالعمل الوظيفي، فحصلت على جائزة التميّز، وهذا عائد إلى التعاون والمحبة بين أعضاء الفريق، والإدارة الفاعلة التي توفر كل متطلبات العمل وتدعمه للوصول إلى أقصى درجات النجاح».

هناك مواقف خطرة جداً تصادف الفريق، وهناك مواقف مؤذية نفسياً، ولا يمكن تصورها بسهولة، وأكثر لحظات رعب عشتها كانت أثناء التصوير لاستخراج امرأة متوفاة بين الأنقاض، فبينما كان أحد أفراد الفريق يشرف على قص حديد مسلح في الجدار الإسمنتي، كان هناك آخرون يعملون على قص أنابيب الغاز في الجدران، وكانت هذه الأنابيب تحتوي بقايا غاز، وأثناء القص بالصاروخ، حدث انفجار ضخم، وأنا ما زلت أصور الحدث، وبسرعة رميت جسدي إلى حفرة خلفي مباشرة، ولولا ذلك لكانت وصلت النار إلى جسدي، وأصبت إثر السقوط في الحفرة بتمزق في الركبة، وما زلت أعاني الألم إلى الآن

توثيق الكوارث والعمل في مجال الإنقاذ يحتاج إلى مقومات خاصة يجب على الإعلامي امتلاكها، وقال عن ذلك: «اللياقة البدنية، والصبر والقدرة على تحمل المصاعب، والتعامل مع ثقافات المجتمعات المختلفة، والدقة في العمل، ونقل الوقائع كما هي على الأرض، وكل ذلك من خلال الصورة.

أثناء حصوله على جائزة التميز

وكذلك الدقة بالإحصائيات الموجودة، والأهم إظهار عمل الفريق الواحد من خلال عملية البحث والإنقاذ وإنجاز الفريق من خلال عمله على أرض الواقع. أذكر حادثة حصلت معنا في "الباكستان" عندما ضربها زلزال مدمّر، فأثناء البحث عن أحياء، وبإرشاد الكلاب المختصة في البحث، وجدنا طفلاً عمره سنة ونصف السنة ما زال على قيد الحياة بعد حدوث الزلزال بثلاثة أيام تحت الأنقاض، حيث تعامل الفريق بحذر كبير في إزالة الأنقاض للحفاظ على حياته، واستمرت العملية ساعتين للوصول إلى مكانه، وأخرجناه بحالة سيئة، وقمنا بإجراء الإسعافات اللازمة له، لكننا وجدنا بجانبه والديه وقد فارقا الحياة. كل هذا يعود إلى الخبرة والتدريب والتعامل مع الحالة، وكان إنجازاً لفريق البحث والإنقاذ الإماراتي، وهنا يكمن عملي بنقل الحدث وإظهار هذا الإنجاز من خلال الصورة والخبر».

وعن أكثر لحظات الرعب التي واجهته في عمله، قال: «هناك مواقف خطرة جداً تصادف الفريق، وهناك مواقف مؤذية نفسياً، ولا يمكن تصورها بسهولة، وأكثر لحظات رعب عشتها كانت أثناء التصوير لاستخراج امرأة متوفاة بين الأنقاض، فبينما كان أحد أفراد الفريق يشرف على قص حديد مسلح في الجدار الإسمنتي، كان هناك آخرون يعملون على قص أنابيب الغاز في الجدران، وكانت هذه الأنابيب تحتوي بقايا غاز، وأثناء القص بالصاروخ، حدث انفجار ضخم، وأنا ما زلت أصور الحدث، وبسرعة رميت جسدي إلى حفرة خلفي مباشرة، ولولا ذلك لكانت وصلت النار إلى جسدي، وأصبت إثر السقوط في الحفرة بتمزق في الركبة، وما زلت أعاني الألم إلى الآن».

مع مجموعة من الأطفال الناجين من الكوارث

الزميل الإعلامي "محمد طحطح" تحدث عن معرفته بالمصور الإعلامي "السيد" بالقول: «كان الهدوء الذي يغلف شخصية المصور الإعلامي "سامر السيد" في بداية تفتح موهبته ينبئ بمستقبل كبير، ولم يفاجئني حصوله على شهادة التميز في عمله الإعلامي الخطر الذي يقوم به، فهذا العمل السامي لا يقوم به إلا الشجعان، فعمله مغامرة فريدة لا يقوى عليها الكثيرون.

أعرفه منذ الصغر، وأراقب أعماله بشوق، وقد حقق شغفه الدائم مع الكاميرا، لكن بطريقة فريدة وإنسانية بحتة، فالوصول إلى الأماكن التي أصابتها الكوارث يتطلب مهارة عالية، وقدرة كبيرة، وصبراً لا يمتلكه إلا الفنانون الشجعان الذين يطلق الكثيرون عليهم "المجانين"، هذا الجنون يصنع الإبداع، ولهذا فليس غريباً عليه أن يكون من هذه الفئة المبدعة. والشيء الذي يضيفه "السيد" في هذا المجال أن يكون نموذجاً مع فريق الإغاثة والإنقاذ الإماراتي لقيام الدول العربية، و"سورية" تحديداً بتكوين فرق مماثلة».

متحفز لأي مهمة

يذكر، أن الإعلامي "سامر السيد" من مواليد بلدة "شقا" في محافظة "السويداء" عام 1972، متأهل وأبناؤه متميزون في الدراسة، بينهم مخترع صغير.