ثلاثة عقود والقاضي "عطا الله أبو راس" يضع ميزان حق بين عينيه ليكوّن ثقافة اجتماعية بإخلاصه لتطبيقه القانون الحكومي والاجتماعي، وبات مع ما اكتسبه من خبرة وعلم ومعرفة مرجعاً قانونياً لا يشقّ له غبار.

حول مسيرته وحياته ودور القضاء في حياته، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 شباط 2019، التقت القاضي المستشار "عطا الله أبو راس" رئيس محكمة الاستئناف المدنية في "السويداء"، الذي أوضح قائلاً: «ولدت عام 1958 في قرية "الرحا" التي تبعد بضعة كيلو مترات جنوباً عن مدينة "السويداء"، وهي الموصوفة بمناخها الاجتماعي المميز، وكان لي الحظ الأوفر أن والدي يجيد العمل الزراعي والحياة الاجتماعية، فدرست الابتدائية في قريتي والإعدادية والثانوية في "السويداء"، ودخلت جامعة "دمشق" كلية الحقوق، وتخرّجت فيها بالسنوات المطلوبة. بدأت حياتي القانونية بالعمل بمهنة المحاماة لمدة أربع سنوات، ثم انتقلت إلى سلك القضاء ليكون مشواري القضائي في محاكم متنوعة بين القانون الجزائي والمدني. ولعل أول دخول لي فوق قوس المحكمة بعد تعييني قاضي صلح جزاء، ثم قاضي منطقة "صلخد"، وقاضي تحقيق، وقاضي محكمة البداية المدنية، وقاضي المذهب، ومستشار محكمتي الجنايات واستئناف الجنح، ومستشار محكمة الاستئناف المدني، وقاضي إحالة، ثم رئيس محكمة الاستئناف المدني، إضافة إلى أنني المفتش القضائي المركزي، وكل ذلك في "السويداء"، تلك المهام والمراحل العملية التي جعلتني أخوض تجارب متنوعة من القانون ودراسة مواده واجتهاداته وتعديلاته خلال عقود خلت من الزمن».

محبتي للقضاء وتكوين شخصيتي أرغب دائماً الحفاظ على مبدأ استقلالية القضاء، ثم الاختيار الصحيح للقضاة الذين يتصفون بالنزاهة والفهم والوجدانية، ولا بد أيضاً من تطوير بعض القوانين المترافقة مع تطور الحياة والزمن من مبدأ (تغيير الأحكام بتغيير الأزمان)، وهذه الأحكام الرفيعة ذات الدلالة الإنسانية ترتبط بالصفات المعرفية والشرطية اللازمة للتشريع والمشرع، لأننا في الحقيقة نعيش تطور الزمن بتقنياته وثقافته ونظم معلوماته، ويحتاج ذلك إلى مواكبة الزمن بعقل منفتح ورؤية متطورة

وحول العلاقة بين المجتمع والقانون، يقول: «إن الممارسة القانونية ودراسة القوانين والأحكام والاجتهادات بمواده وأحكامه ومعرفة تفاصيله وغيرها، جعل شخصيتي تأخذ المنحى القانوني القضائي المكونة على إبداء الرأي القانوني فقط، وخلال حياتي الاجتماعية بلا شك تعرضت لكثير من الاستشارات الاجتماعية التي من شأني حلها بالطريقة العشائرية، خاصة أنني أعيش بين وسط اجتماعي يعبق بالمسائل التي تحتاج إلى رأي، لكنني آثرت الجانب القانوني بذلك، يقيناً بأن قاضي الصلح في حال وجوده خلال حل مشكلة ما يعرض على الطرفين المصالحة فوق قوس المحكمة، ولا أظن أنه يمكن لقاضي صلح التدخل في حلول خارج المحكمة، وخلال عملي لعقود خلت لم أتعرض لذلك، وأفراد المجتمع يؤمنون بما قدمت ويحترمون موقفي، وهذا ما أكسبني المحبة والوفاء والتقدير، وجعلني أدين لمجتمعي بمحبة ووفاء، وبدوري ما يجري من أحكام القضاء العشائري لم أتدخل به قط، لأن الناس المصلحين الاجتماعيين هم أصحاب تاريخ ولهم مكانتهم الاجتماعية وصدقيتهم بين أفراد المجتمع، ويرغبون بالحلول بين الناس لتخفيف الأعباء عليهم، وخاصة في المناطق الريفية البعيدة، لكنني مع القضاء القانوني القائم على مبدأ القانون الثابت».

القاضي سامي الشريطي

وعن القضاء ورجاله وضرورة تعديل القوانين، يقول: «محبتي للقضاء وتكوين شخصيتي أرغب دائماً الحفاظ على مبدأ استقلالية القضاء، ثم الاختيار الصحيح للقضاة الذين يتصفون بالنزاهة والفهم والوجدانية، ولا بد أيضاً من تطوير بعض القوانين المترافقة مع تطور الحياة والزمن من مبدأ (تغيير الأحكام بتغيير الأزمان)، وهذه الأحكام الرفيعة ذات الدلالة الإنسانية ترتبط بالصفات المعرفية والشرطية اللازمة للتشريع والمشرع، لأننا في الحقيقة نعيش تطور الزمن بتقنياته وثقافته ونظم معلوماته، ويحتاج ذلك إلى مواكبة الزمن بعقل منفتح ورؤية متطورة».

وأشار القاضي المستشار "سامي الشريطي" رئيس محكمة الجنايات حول العمل القضائي، بالقول: «يعدّ القاضي المستشار "عطا الله أبو راس" من القضاة المميزين بصفات عدة، أهمها النزاهة، والفهم القانوني، ومرجعاً قانونياً في الاستئناف، وكان له رأي مميز في مجلس القضاء الأعلى عبر مؤتمراته، حيث كرّمه كبار القضاة لعلمه وفقهه بالقانون، ونزاهته ليست مادية فحسب، إذ لا تراه إلا مبتسماً متواضعاً محباً للحياة الواقعية السليمة الخالية من الشوائب والمنازعات، والتواضع سمة من سماته، والرحمة والعدل، ويسعى بكل طاقاته العلمية والمعرفية إلى إصدار أحكام دقيقة يؤخذ بها بعين الاعتبار في المحاكم المركزية، وهذا دليل على عمق خبرته وإخلاصه لمهنته القانونية وعلمه».

القاضي عطا الله أبو راس