الوجود ضمن "مساحة آمنة" حققتها جمعية "تنظيم الأسرة" بمشروع حمل هذا العنوان، بهدف تمكين المرأة وخلق محفزات الاستقرار من خلال تدريب مجاني على حرف ومهارات تنوعت لتكون مفتاح الخلاص من البطالة.

العمل الذي أسس قواعد لبناء الثقة بالنفس وامتلاك المهارة خطوة لا بد منها في هذه المرحلة لتجاوز معوقات عمل المرأة، وتحسين ظروفها ضمن باقة متكاملة من الخطوات التوعوية والعملية؛ تحدثت عنه مشرفة المركز "غادة صلاح الدين" المشرفة الإدارية بمركز "مساحة آمنة" من خلال مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 5 نيسان 2019، وقالت: «تعرضت المرأة خلال الحرب إلى صعوبات كثيرة أفرزت واقعاً ألقى بظلاله عليها وعلى أسرتها ومشاركتها الاقتصادية؛ وكان لا بد من البحث عن طرائق تدعم حضورها وتمكنها من البحث عن فرصة عمل، وبأضعف الإيمان امتلاك مهارات تدعم اختيارها لعمل يشغل وقتها، ويساعدها في الحصول على دخل مادي جيد وتكوين شخصيتها المستقرة نفسياً واجتماعياً.

تعرفت إلى المشروع من خلال الفرق المتجولة، ورغبت بالاستفادة من الدورات، ولدى زيارتي للمركز، وجدت أن التدرب على الحلاقة النسائية قد يقدم لي فائدة بالحصول على عمل، وأنا ربة منزل وخريجة محاسبة ولم أحصل على عمل مناسب. اتبعت الدورة الأولى، واستفدت من خبرة المدربة "منال حمزة" المتطوعة لمصلحة المشروع، وتابعت في دورة ثانية أيضاً في المركز، وقد أسست صالون حلاقة في منزلي، وفي كل مرحلة أعود إلى المركز أتابع الجلسات، وأستفيد باستشارة المدربة لمتابعة العمل في مشروعي الذي عاد على عائلتي بدخل جيد، وقد أخبرت شابات عن المركز، واتبعن بدورات في مجالات مختلفة للحصول على فرصة عمل يحلمن بها لتحسين أوضاعهن

الفكرة التي حاولت جمعية "تنظيم الأسرة" تطبيقها في "السويداء" كان البحث عن مساحة المرأة التي تتحضر فيها لتكون قادرة على العطاء، والمقصود بهذا التعبير تلك المساحة التي تنطلق منها المرأة إلى فضاء أوسع، لكن ليس قبل أن تتلقى تدريباً وتأهيلاً يدعم انطلاقها للعمل على ساحة المجتمع، حيث تقدم مجموعة من الدورات التعليمية والمهنية، مع تساوي الفرص لتخصص الدورات في مجال الحاسوب واللغة، ومهنياً في مجال الأعمال اليدوية، مثل: صناعة الصابون، والكروشيه، والحفر على الزجاج، وصناعة الشمع، إلى جانب التريكو والخياطة والحلاقة النسائية، هذه الدورات كانت بداية تطبيق الخدمة التي تم الاهتمام بتقديمها مجاناً لتخديم النساء من داخل المحافظة وقراها إضافة إلى السيدات الوافدات».

المدربة أسوان أبو راس خلال تدريب السيدات

عن الإقبال والتجاوب وما تحقق، تضيف: «حاولنا في البداية الاعتماد على الفرق المتجولة التابعة للمشروع للتعريف بالأنشطة وما يمكن تقديمه من خلال الدورات، وبالفعل بدأ الإقبال على المشروع من قبل الشابات والسيدات، وانطلقت الدورات في كافة الاختصاصات على يد مدربين متميزين، اليوم وبعد ثلاث سنوات تجاوزنا 3300 متدربة استفدن من خدمات المشروع، ولدينا دورات مستمرة لنجد عدداً من الشابات أسسن صالونات حلاقة نسائية بعد اكتساب مهارات في المركز، ومن السيدات من أسسن مشروع عمل يدوي من الشموع، ونستعد لتلبية أي استشارة ومساعدة في كل مراحل المشروع من خلال الكوادر المتخصصة والمؤهلة ضمن فريقنا.

ما نرغب بالتعريف به هو أن الدورات تشمل سيدات بين أعمار الخامسة عشرة والأربعين، لكننا لم نلتزم بالعمر؛ لأننا وجدنا إقبالاً كبيراً من نساء تجاوزن هذا العمر؛ ليكون لدينا متدربات بعمر الستين تابعن الدورات وأتقن عدة مهارات، وما حقق الرضا لدينا أن نجاح المتدربات في إنتاج أعمال يدوية ساعد على تأسيس منفذ تسويقي في مجمع "المزرعة" وسط المدينة، لتكون للسيدات مساحة تكفل تسويق المنتجات من ركنهن الخاص الغني بالمنتجات المميزة التي لاقت استحسان الزوار، وبدأت حركة تسويق جيدة نتوقع أنها ستتطور، حيث تمت دعوة السيدات من كل الدورات لتقديم منتجاتهن، وبالفعل حرصنا على عرض منتجات مميزة لترضي الزبائن وتعود بدخل جيد على المنتجة، ومساعدتها هي الهدف».

مديرة المركز غادة صلاح الدين والمرشدة النفسية ساندي نصر الدين

التدريب واكتساب المهارة ترافق مع جلسات الدعم النفسي والاجتماعي؛ وفق حديث "ساندي نصر الدين" مقدمة الدعم النفسي الاجتماعي في الجمعية، وقالت: «بدأ العمل بتأسيس خطوات المشروع لمن هن بحاجة إلى هذه النوعية من الخدمات من السيدات والشابات من دورات مهنية أو تعليمية، حيث تتم متابعة ظروفهن وواقع الضغوط والمشكلات الأسرية التي تعاني منها والمشكلات المجتمعية وغيرها من المواضيع التي تشغل جلسات الدعم النفسي التي نقدمها للمتدربات، وجلسات الصحة الإنجابية والدعم النفسي الاجتماعي والإرشاد والتوعية بمواضيع مثل الزواج المبكر أو التثقيف الجنسي الشامل، وكل ما يرتبط بالمرأة.

نحرص على التعامل المباشر، حيث تنقل السيدة أفكارها لنا وتزورنا، تدخل حلقات الحوار مع سيدات مثلها؛ وهذا ما أعطى للعمل ميزة أننا نتناول قصصاً من الواقع؛ وهذا خلق رابطاً قوياً بين المتدربات لتبادل الدعم والتشجيع لإنشاء مشاريع كانت "المساحة الآمنة" الدافع الأهم لتأسيسها».

المتدربتان نغم عصمان وياسمين بدرية

من المتدربات التي أسست لمشروعها الخاص بعد اتباع دورة الحلاقة النسائية "نغم عصمان"، وقالت: «تعرفت إلى المشروع من خلال الفرق المتجولة، ورغبت بالاستفادة من الدورات، ولدى زيارتي للمركز، وجدت أن التدرب على الحلاقة النسائية قد يقدم لي فائدة بالحصول على عمل، وأنا ربة منزل وخريجة محاسبة ولم أحصل على عمل مناسب.

اتبعت الدورة الأولى، واستفدت من خبرة المدربة "منال حمزة" المتطوعة لمصلحة المشروع، وتابعت في دورة ثانية أيضاً في المركز، وقد أسست صالون حلاقة في منزلي، وفي كل مرحلة أعود إلى المركز أتابع الجلسات، وأستفيد باستشارة المدربة لمتابعة العمل في مشروعي الذي عاد على عائلتي بدخل جيد، وقد أخبرت شابات عن المركز، واتبعن بدورات في مجالات مختلفة للحصول على فرصة عمل يحلمن بها لتحسين أوضاعهن».

المدربة "أسوان أبو راس" للأعمال اليدوية ومهارات الكروشيه وعدة مهارات، قالت: «من خلال المشروع الذي تطوعت به للتدريب في مجال تخصصي بأعمال الكروشيه والحفر على الزجاج وصناعة الصابون الطبي والصحف والخشبيات والشمع، تعرفت إلى شريحة كبيرة من السيدات من أعمار مختلفة، رغبن بإتقان هذه المهارات، وتعلمن بشغف تبعاً لما تم تجهيزه من قبل المشروع من أجواء مناسبة لاكتساب المهارة وإعطاء الوقت المناسب للتدريب، الذي يتجاوز الشهرين من دون مقابل مادي.

الفكرة قدمت لي كمدربة فرصة كبيرة لمساعدة المتدربات، وتمكنا من خلال عدد كبير من الدورات نشر أكبر قدر من المعلومات التي تطبق من قبلهن، وتمكنَّ من تطبيقها وأنتجن أعمالاً متميزة، خاصة أن المشروع قدم المواد الأولية ووسائل التدريب المختلفة ومجمل احتياجات العملية، لتتمكن النساء من صنع ما يرغبن به بجودة عالية، وقد زينت منتجات المتدربات ركناً جميلاً في منفذ التسويق، وقد أسس عدد منهن مشاريع في منازلهن من ورق الصحف والشمع ويتم التسويق من المنزل ضمن مدد قصيرة؛ وهو ما شجع الشابات على الالتحاق؛ لنجد في كل دورة أعداداً جديدة يطلبن الالتحاق بالدورات والتدريب».

ما يجدر ذكره، أن مشروع "مساحة آمنة" انطلق عام 2016، وهو أحد مشاريع جمعية "تنظيم الأسرة"، وبات أحد مقاصد النساء الراغبات بالعمل والحصول على المشورات الاجتماعية والنفسية والمهنية والعلمية، ومنه انطلق عدد كبير من السيدات لتأسيس أعمال خاصة بمشاريع صغيرة حققت نوعاً من التنمية، وحسّنت ظروفهن الاقتصادية والاجتماعية.