تعدّ من أجمل قرى "جبل العرب" بطبيعتها الخلابة، وأرضها الخصبة، ويعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، سكنها الأنباط، وبنوا فيها معالم ما زال بعضها باقياً إلى الآن، وعلى أرضها يقبع مقام "الخضر".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 نيسان 2019، مدير دائرة آثار "السويداء" الدكتور "نشأت كيوان"، ليتحدث عن المواقع الأثرية في قرية "سهوة الخضر"؛ حيث عاش وولد، فقال: «تقع ضمن مجال السيطرة النبطية السياسية على منطقة جنوب "سورية" عام 87 ق.م، حيث دخل الأنباط "دمشق" عام 85 ق.م، ولم يخرجوا منها حتى عام 72 ق.م، استمر هذا الوضع حتى الدخول الروماني إلى "سورية" عام 64 ق.م، وبدأ نفوذهم يزداد في المنطقة بدءاً من الثلث الأخير من القرن الأول ق.م، والقرن الأول الميلادي.

تقع ضمن مجال السيطرة النبطية السياسية على منطقة جنوب "سورية" عام 87 ق.م، حيث دخل الأنباط "دمشق" عام 85 ق.م، ولم يخرجوا منها حتى عام 72 ق.م، استمر هذا الوضع حتى الدخول الروماني إلى "سورية" عام 64 ق.م، وبدأ نفوذهم يزداد في المنطقة بدءاً من الثلث الأخير من القرن الأول ق.م، والقرن الأول الميلادي. نلاحظ في محيط القرية عدة مواقع فيها آثار نبطية، فإلى الجنوب منها تقع مدينة "صلخد" وقلعتها التي أسسها الأنباط، وقرية "عيون" التي سكنوها أيضاً، وإلى الجنوب الغربي موقع "العيَّن"، وفيه بقايا معبد نبطي. هذا كله من ناحية الجنوب، أما من الشمال والشمال الغربي وبمحاذاة القرية، وعلى بعد 3كم، فتقع قرية "مياماس" التي كانت مزدهرة في الفترة النبطية، وفيها بقايا مبانٍ متهدمة، وبقايا معبد نبطي تحول إلى كنيسة، وبقايا طواحين مائية

نلاحظ في محيط القرية عدة مواقع فيها آثار نبطية، فإلى الجنوب منها تقع مدينة "صلخد" وقلعتها التي أسسها الأنباط، وقرية "عيون" التي سكنوها أيضاً، وإلى الجنوب الغربي موقع "العيَّن"، وفيه بقايا معبد نبطي. هذا كله من ناحية الجنوب، أما من الشمال والشمال الغربي وبمحاذاة القرية، وعلى بعد 3كم، فتقع قرية "مياماس" التي كانت مزدهرة في الفترة النبطية، وفيها بقايا مبانٍ متهدمة، وبقايا معبد نبطي تحول إلى كنيسة، وبقايا طواحين مائية».

منزل قديم في القرية

وأضاف: «الواقع الجغرافي والوضع المناخي جعلا من أراضي القرية مكاناً خصباً وملائماً لزراعة الأشجار المثمرة، وعلى رأسها الكرمة، والحبوب كالقمح والشعير، ويمكن أن نستدل من الرجوم الحجرية؛ وما نسميه بالعامية (الحبلات)، أن هذه الأراضي قد استُخدمت قديماً، كما أن تقسيمات جدران الحقول وعملية تعزيل الأرض يمكن أن تمثّل دليلاً على هذا الاستخدام، وقربها من مناطق الاستقرار المجاورة، مثل تل "الخِزر" جنوب القرية، الذي يستدل من بقاياه الأثرية على أنه كان مركزاً رومانياً، كما توجد بالقرب منه بركة لتجميع المياه الشتوية.

وإلى الشمال الشرقي من "سهوة الخضر"، وعلى بعد 2.5كم، وعلى مقربة من "نبع بدر"، نشاهد تل "جفنة" المرتفع 1696م، وسفحاه الشمالي والجنوبي منحدران ووعران، أما السفح الشرقي، فهو شديد الانحدار، وأقل وعورة، ونشاهد الآن على قمة التل خربة أثرية تعود آثارها إلى الفترة النبطية، حيث وجدت كسر فخارية على سفحه وقمته تعود إلى هذه الفترة، كما استوطنه الرومان والبيزنطيون والغساسنة. وهذه الآثار عبارة عن عمارة متهدمة ومبان منهارة ما زال قسم منها ظاهراً كأساسات بعض الغرف، وقسم من جدرانها ومداخلها، وتوجد فسحة وسط التل، إضافة إلى وجود بئري ماء وعدد من سواكف الأبواب، وآثار أبراج ومقابر على سفحه الشمالي، وقبور محفورة في الصخر على شكل توابيت. كما يمكن أن نشاهد في أسفل سفحه الشمالي الغربي صخرة مجوفة حُفرت لتكون محرساً على الأرجح».

الدكتور نشأت كيوان

أما ما يتعلق بالبلدة القديمة، وما تحتويه من آثار، فأضاف: «إن البلدة القديمة التي بُنيت على سفح صخري منحدر، ما تزال العمارة السكنية الحجرية الحديثة ظاهرة للعيان، والبيوت وملحقاتها متراكبة بشكل متدرج من الأسفل إلى الأعلى، ولم تجرِ دراسات عن أساسات هذه العمائر، لكن أهم الآثار التي تحدث عنها الباحثون هي المعبد النبطي الذي يقع إلى الشرق من البلدة القديمة في مكان قريب من الوادي الصغير الذي يخترق القرية، هذا البناء الذي ذكر عنه الباحث الأميركي "بتلر" أنه وجد فيه نقش نبطي يشير إلى مكان مقدس، وعثر على عدد من الكسر الحجرية التي تمثّل أجزاءاً من عمارة تدل على وجود سكني؛ من المرجح أن يكون معبداً أو على الأقل ضريحاً أو مزاراً حسب رأيه. كما أن الصور التي أخذها الباحث الأميركي "ليتمان"؛ وهو عضو في البعثة الأثرية مع "بتلر"؛ تقدم نموذجاً شائعاً لأجزاء من العمارة؛ وُجدت لها قرائن في موقع "سيع" النبطي بالقرب من "قنوات". كما أشار "بتلر" إلى القوسين في واجهة المعبد اللذين ربما يعودان إلى القرون الوسطى؛ أي الفترة المسيحية، والعمود القصير المحمول بين القوسين؛ الجزء الأكبر منه سقط، أما التاج والقاعدة اللذان عثر عليهما أيضاً، فربما كانا جزءاً من المعبد، وهما على الأرجح من أجزاء مجموعة أعمدة كانت تحيط بباحة المعبد المشابه لإحدى معابد "سيع"، كما أن التاج والقاعدة يمكن أن نقارنهما مع أجزاء وتفاصيل مشابهة لهما في معبد نبطي في قرية "حبران" إلى الغرب من "سهوة الخضر"، إضافة إلى أن جميع أجزاء المعبد الأخرى أو الفناء المسيج بالأعمدة كانت مختفية تماماً».

وعن المعابد الموجودة في القرية، أضاف: «لقد حوِّل المعبد في العصر البيزنطي إلى كنيسة، وهذا تقليد يمكن أن نراه في الكثير من قرى جبل العرب، حيث يمكن إعادة استخدام المعابد وتحويلها إلى كنائس، ثم إلى مساجد إذا اقتضى الأمر، مع إضافة شيء من التعديلات إلى العمارة نفسها أو الزخرفة المعمارية. ومن المرجح أن المعبد الذي بناه على ما يبدو قائد مجموعة من الفرسان؛ قد تحول إلى كنيسة للقديس الشهيد "جرجيوس"، وبعد إعادة استيطان القرية في العصور الحديثة استمر استخدام الكنيسة كمزار لـ"الخضر" من قبل الأهالي.

البلدة القديمة المتدرجة

أما المعبد الآخر في القرية، فيوجد ضمن البلدة القديمة، وهو أيضاً حوِّل إلى كنيسة في القرن السادس الميلادي خلال وجود "الغساسنة" في المنطقة؛ يمكن أن نشاهدها في الوقت الحاضر مبنية وسط البلدة القديمة تقريباً، والمعبد الثالث الذي ذُكر أنه كان يقع غربي القرية، لم يُشاهد له أثر إلا الأساسات».

رئيس المجلس البلدي "فيصل مذكور" قال عن شواهد أثرية أخرى في "سهوة الخضر": «لقد ذُكر أنه في القرن التاسع عشر؛ شُوهدت في القرية بقايا قناة مبنية بالآجر الأحمر تمتد حتى "صلخد"، وهذا دليل على أن عملية استجرار المياه قديمة، إضافة إلى ذلك توجد آثار منقولة ومحفوظة في متحف "السويداء" مصدرها "سهوة الخضر"، ومنها عدد من الجرار الفخارية كبيرة الحجم ذات الاستخدام المنزلي الزراعي، التي تعود على الأغلب إلى الفترة النبطية، وقد وجدت في إحدى البيوت السكنية القديمة، وهذا يمثّل أحد الأدلة على الحياة الاقتصادية القديمة في القرية، إضافة إلى شاهدة قبر منحوت عليها ملاك أو مساعد لأحد الآلهة.

ومن خلال النقوش اليونانية التي جمعها "ودنغتون" من "سهوة الخضر"، ونشرها في كتابه "النقوش والكتابات الإغريقية واللاتينية في سورية"، وعددها أحد عشر نقشاً، نلاحظ أن بعضها مهم مثل النقش رقم 1969 المؤرخ عليه سنة 171م؛ يذكر فيه الإمبراطور "ماركوس أوريليوس أنطونيوس قيصر". أما النقش رقم 1981، فيذكر القديس "جرجيوس"، حيث قدم "سخولاتيثيوس" تقدمة النذر لهذا القديس من أجل حماية روحه، وكما نعرف أن عبادة القديس "جرجيوس" استمرت في الفترة الإسلامية باسم "الخضر"».