خرج من عائلةٍ تهوى الرياضة وتمارسها، ولم تكن رحلة اغترابه طلباً للرزق المادي وحسب، بل عمل بإصرار وثابر من أجل تطوير ذاته أكثر، وترك بصمة لدى الأجيال التي عمل على تنشئتها، حاملاً اسم بلده فيها.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع "سامر توفيق حمزة" المدرِّس والمدرِّب الرياضي العامل في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، ليحدثنا عن نشأته وعلاقته مع الرياضة، فقال: «ولدت وترعرعت في بيتٍ رياضيٍ بامتياز، ومع اهتمام والديَّ بتحصيلنا العلمي؛ إلاَّ أنَّ الرياضة كانت من صلب اهتماماتهم، والتشجيع على ممارستها كان حثيثاً، وقد ساعد في ذلك الأمر أن والدي من جيل الرياضيين القدامى، حتى إنه أصبح أول حكمٍ رياضيٍ في لعبة كرة القدم في مدينة "السويداء" مسقط رأسي، ومشرفاً لمادة التربية الرياضية مدة ثلاثين عاماً لدى مديرية التربية فيها، ومفوضاً لفرقة الكشاف لذات المدة. هذه العوامل دفعتني مع شقيقي إلى ممارسة الرياضة منذ مرحلة التعليم الابتدائية، والبداية كانت مع لعبة كرة السلة ضمن المنتخبات المدرسية، وفي صفوف فريق "العربي" أيضاً، بموازاة ذلك كنت أمارس لعبة كرة الطاولة، وأذكر فيها أول لقبٍ أحرزته في حياتي، كان ذلك مع فريق مدينتنا ضمن بطولة "الطلائع" المركزية سنة 1978، التي أقيمت حينئذٍ في مدينة "حمص"، وكنت في الصف الخامس الابتدائي. تحصيلي العلمي كان مستمراً حتى حصولي على الشهادة الثانوية لدورة عام 1985، بعدها انتقلت إلى العاصمة "دمشق" لإكمال دراستي في معهد الإعداد الرياضي».

معرفتي بالمدرّس والمدرّب "سامر توفيق حمزة" بدأت عام 2015 من خلال مشاركتنا معاً في دورة دولية أقيمت في مدينة "دبي"، وعلى الرغم من عدم ممارسته للعبة، إلا أنه أثبت كفاءةً وتميزاً بها، جعله يحصل على درجة امتياز في نهايتها، ومن هنا بدأت متابعتي له، والاطلاع على نشاطاته، والأثر الذي أحدثه لدى الفرق المدرسية التي أشرف على تدريبها، وكان له دور فاعل في نشر لعبة الريشة الطائرة في المنطقة التي يعلِّم فيها، نشاطه ومثابرته وعطاؤه اللا محدود، والتميز في أسلوب التدريس الرياضي الذي اتبعه، والأهم النتائج المبهرة التي حققها مع فرقه الرياضية المدرسية، كلُّ ذلك جعله من الكفاءات الرياضية والتربوية السورية الموجودة هنا

وعن مسيرة الاحتراف الرياضي في حياته تابع قائلاً: «أستطيع القول إنَّ احترافي للرياضة أكاديمياً قد بدأ عام 1986، عندما تمَّ إيفادي للدراسة في معهد "كييف" الحكومي ضمن بعثة دولة إلى "أوكرانيا"، وكانت باختصاص كرة السلة، حيث درست فيها كلَّ ما يتعلق بهذه اللعبة من الناحية التكتيكية والتحكيمية، وأساليب الإعداد البدني والطب الرياضي. بعد خمس سنواتٍ من الدراسة عدت إلى بلدي، حيث تمَّ تعييني معلِّماً في مدرسة "التطبيقات المدرسية"، ومعهد "إعداد المعلمين"، إضافة إلى عملي أيضاً كمدرِّبٍ للفئات العمرية الصغيرة في النادي "العربي"، وعضو في اللجنة الفنية للعبة كرة السلة، وفي لجنة الطب الرياضي التابعتين للجنة التنفيذية في المحافظة. هذه العوامل كلُّها ساعدت على اكتسابي الخبرة الجيدة في عمليتي التدريب والإدارة، وبقي عملي مستمراً حتى عام 1995، بعدها كان لا بد لي من الخوض في رحلة الاغتراب من أجل بناء مستقبلي بطريقة لائقة».

كؤوس البطولات التي أحرزتها الفرق المدرسية التي يدربها

وعن تلك الرحلة وإنجازاته فيها يقول: «سافرت عام 1996 قاصداً العمل في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، بعد تقدُّمي لمسابقةٍ في وزارة التربية فيها، وقبولي من بين 300 متقدِّم، واجتيازي للفحوص الشفهية والمقابلات، تمَّ تعييني معلماً لمادة التربية الرياضية في منطقةٍ نائية تتبع للمنطقة الشرقية في إمارة "الشارقة"، ومع صعوبة البدايات من حيث الإقامة والمواصلات التي كانت عبر طريق ترابي وحيد، إلاَّ أنَّ دافع التحدي مع الذات، وعدم قبولي للفشل بطبعي، وإصراري على أن أكون نداً لزملائي المعلمين أصحاب الخبرة التدريسية الطويلة، دفعني للعمل أكثر على تطوير ذاتي مهنياً وأكاديمياً، ومع قلَّة عدد طلابي حينئذٍ؛ والبالغ 70 طالباً من المرحلة الابتدائية حتى الصف العاشر، تولدت في داخلي الرغبة على فعل أثرٍ ما فيهم تعليمياً ورياضياً، ومن خلال تدريسي لهم لمست لديهم الشغف بلعبة الكرة الطائرة ورغبتهم بممارستها، ومع اطلاعي عليها كهاوٍ، إلا أنني قررت أن أخوض التجربة لمعرفتها أكثر، بالفعل سافرت إلى مدينة "دبي" فيما بعد لاتباع دورة دولية بإشراف مدرِّبٍ روسي محترف، وحصلت حينئذٍ على أول شهاداتي في هذا المجال، بعد عودتي باشرت فوراً تعليم طلبتي وتدريبهم على اللعبة، فرحتي الأولى معهم كانت كبيرة عندما حقق فريق مدرستي المركز الثاني في بطولة "اتحاد الإمارات للرياضة المدرسية"، ومع المتابعة والاستمرارية في تدريبهم، والعلاقة الأبوية التي كنت أحرص على ترسيخها معهم؛ استطاع الفريق تحقيق المركز الأول لأربعة أعوامٍ متتالية، والمركز الثاني ثلاث مرات، ذلك النجاح كان يدفعني لإعطاء المزيد دوماً من الرعاية والتدريب لهم».

لعبة الريشة الطائرة، بدأت وتطورت لاحقاً في نشاطاته، وعنها قال: «أحببت هذه اللعبة من خلال مشاهدتي لمبارياتها ومتابعتي لها، كنت أستمتع جداً بممارستها في أوقات رياضتي الخاصة، وهنا أيضاً دفعتني الحماسة لكي أتعلّم مبادئها وأصولها بأسلوب أكاديمي أكثر، البداية كانت عام 2015 من خلال دورة "وقت الريشة الطائرة" الدولية التي أقيمت في مدينة "دبي"، بعدها بعامين شاركت في دورة "مدربي المستوى الأول"، وفي عام 2018 كنت مشاركاً في دورة "دبي الدولية للريشة الطائرة"، تلك الخبرة التي اكتسبتها نقلتها إلى طلبتي في المدارس التي أُشرِف على تدريبهم، ودفعتني إلى تكوين فرقاً للناشئة في هذه اللعبة، وكانت مشاركاتنا ليست بعيدةً دوماً عن المراكز الثلاثة الأولى ضمن منافسات الأولمبياد المدرسي خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذه اللعبة بالذات تحتاج إلى كمٍّ من اللياقة البدنية العالية وثبات التركيز، إضافة إلى سرعة البديهة المطلوبة عند اللاعب؛ وهذا ما عملت عليه مع طلبتي من خلال تدعيم لياقتهم بالأسلوب الصحيح الذي تتطلبه هذه اللعبة، إن كان من ناحية التغذية أو القوة البدنية، فدراستي الأكاديمية إضافة إلى مشاركتي في دوراتٍ عربية ودولية، ومنها دورة "القوة العضلية للأطفال والناشئة"، التي جرت بإشراف الاتحاد العربي للثقافة البدنية عام 2015، كلُّ ذلك مكنني من عملي هذا مع الطلبة والوصول إلى نتائج إيجابية معهم.

جانب من صور شهادات التكريم والدورات التدريبية التي اتبعها

هذا العام كان تركيزي منصباً على رياضة الريشة الطائرة لأصحاب الإعاقة الحركية والبتر؛ لذا شاركت بهذا العام في ورشتي عمل في مدينة "الشارقة"، واحدة تعنى بتصنيفات الإعاقة والبتر، والأخرى خاصة بمدربي اللعبة، وكان لي شرف الحضور مع البطلة السورية "هيفاء منصور" في بطولة "IWAS" الدولية الأخيرة، التي جرت في "دبي" بداية العام الحالي، لكونها كانت تمثّل وطني "سورية" وحدها من دون مدرِّبٍ مرافق، لأقدم لها الدعم النفسي والفني الذي تحتاج إليه، وكنت سعيداً وفخوراً بحصدها للميداليات الذهبية».

"محمود طيفور" لاعبٌ ومدرِّبٌ سوري محترف في "الإمارات العربية المتحدة"، عن رأيه بالمدرّب "حمزة" يقول: «معرفتي بالمدرّس والمدرّب "سامر توفيق حمزة" بدأت عام 2015 من خلال مشاركتنا معاً في دورة دولية أقيمت في مدينة "دبي"، وعلى الرغم من عدم ممارسته للعبة، إلا أنه أثبت كفاءةً وتميزاً بها، جعله يحصل على درجة امتياز في نهايتها، ومن هنا بدأت متابعتي له، والاطلاع على نشاطاته، والأثر الذي أحدثه لدى الفرق المدرسية التي أشرف على تدريبها، وكان له دور فاعل في نشر لعبة الريشة الطائرة في المنطقة التي يعلِّم فيها، نشاطه ومثابرته وعطاؤه اللا محدود، والتميز في أسلوب التدريس الرياضي الذي اتبعه، والأهم النتائج المبهرة التي حققها مع فرقه الرياضية المدرسية، كلُّ ذلك جعله من الكفاءات الرياضية والتربوية السورية الموجودة هنا».

محمود طيفور لاعب ومدرب محترف في لعبة الريشة الطائرة

نهايةً نذكِّر، بأنَّ "سامر توفيق حمزة" من مواليد محافظة "السويداء" عام 1967، حائز على شهادة تكريم من وزارة التربية والتعليم الإماراتية كأفضل معلِّم في "اتحاد الإمارات" للرياضة المدرسية عام 2007، وجائزة المعلِّم المثالي في منطقة "الشارقة" التعليمية عام 2009، والكثير من الجوائز وشهادات التكريم، متزوج ولديه ثلاثة أبناء.