أتقن الرسم من دون مساعدة أحد، وخرجت لوحاته صورة طبق الأصل بتفاصيل مدهشة تكاد تنطق، وغدا على الرغم من دراسته الصعبة، فناناً محترفاً في "البورتريه"؛ مع أنه استعمل لوناً واحداً في العديد من أعماله الغارقة في الواقعية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "غيث هلال" بتاريخ 20 حزيران 2019، ليتحدث عن علاقته مع فن البورتريه، فقال: «هناك علاقة متينة مع الفن، وتحديداً مع رسم الأشخاص، حيث توضحت معالمه منذ الصغر عندما كان جدي الراحل يقوم برسم أشخاص على طريقة الشبكة أو المربعات، وأنا أراقبه بكل فرح ودهشة، وأحببت أن أتعلم تلك الأساليب بعقل طفل محب لجدّه أولاً، ولهذه الطريقة ثانياً. والشيء اللافت للنظر أنه على الرغم من كبر سنه وتعلمه الفطري كان يطور دائماً أساليبه في رسم الوجوه. وهكذا دخلت تلك العوالم التي رافقتني أيام الدراسة، ولم تزل شغلي الشاغل مع دراستي لطب الأسنان».

البدايات كانت بالرصاص، بعدها استعملت الفحم، ولدي تجارب بكافة الألوان، لكن ذلك لم يشدني كثيراً، وكنت أشعر بأن تعقيد البسيط يعطي إحساساً جميلاً وممتعاً بالرسم، ولهذا أغلب أعمالي بدرجات الأسود والأبيض

وعن علاقته مع الألوان، قال: «البدايات كانت بالرصاص، بعدها استعملت الفحم، ولدي تجارب بكافة الألوان، لكن ذلك لم يشدني كثيراً، وكنت أشعر بأن تعقيد البسيط يعطي إحساساً جميلاً وممتعاً بالرسم، ولهذا أغلب أعمالي بدرجات الأسود والأبيض».

تفاصيل مدهشة

اكتسب باحتراف الخبرة في الواقعية المفرطة التي تظهر في أعماله، وهو ما يشد المتلقي إلى لوحاته كثيراً، حيث قال عن هذه المهارة: «بالتدريب المستمر والصبر، كانت هناك محاولات فاشلة كثيرة، حتى استطعت الوصول إلى هذه المرحلة، وكانت منصات "السوشيل ميديا" أكثر مكان استفدت منه، حيث تابعت فنانين عالميين يمارسون النمط الواقعي هذا، كنت أتابع أساليب عملهم، وكيف أمسك القلم، والحجم، والطريقة، وعلى هذا الأساس عملت، حتى كوّنت أسلوبي الخاص الذي أعمل عليه حالياً، وقد وجدت النجاح الذي أنشده، وأتابع نحو طموحاتي بكل هدوء، والمشوار ما يزال طويلاً».

وعن علاقته مع القلم الأزرق، وخطورة التعامل مع اللون الواحد، قال: «رأيت بالمصادفة أعمالاً لفنان مصري يدعى "مصطفى خضير"، وهو متخصص بالقلم الأزرق، لفتني الموضوع بشدة، وكان شيئاً جديداً هنا، ويكاد يكون نادراً بالوقت نفسه، فن بسيط وصعب؛ كمادة ودرجات لون واحد، عانيت كثيراً في المدة الأولى لعدم وجود مرجع واضح ومختص تستطيع الإفادة منه، عدا عدم توفر القلم المناسب بسبب الأوضاع في الوطن، لكنني نجحت في ذلك، على الرغم من أن الخطأ ممنوع هنا، ولا يمكن تعديله بسهولة».

الممثل وولتر وايد

رسم الكثير من الوجوه المعروفة والصور المعبرة، لكنه ابتعد عن الاشتراك بالمعارض بسبب الظروف الدراسية الصعبة التي تحتاج إلى تفرغ، حيث برر ذلك بالقول: «فكرة المعرض المنفرد كانت حاضرة دائماً، وقد ضاعت فرص كثيرة بسبب الدراسة، فلا وقت فراغ لهذا الموضوع، لأن الرسم يبقى هواية تغنيها بأوقات الفراغ، ووسيلة رائعة للتنفس عن الذات بعيداً عن ضغط الدراسة، لكنني أجد الصدى الكبير من الناس على أعمالي دائماً، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك باهتمام الإعلام المحلي، وهو ما يعوضني نوعاً ما على عدم الظهور في المعارض والمهرجانات والملتقيات، لكن ذلك قد يتغير بعد الانتهاء قريباً من دراستي في كلية الأسنان التي أحب، وقد اخترت هذا الاختصاص؛ لأن الفن قادني نحوه، وطب الأسنان أرجعني بقوة إلى الرسم، فهو فرع فني إضافة إلى أنه طبي، وأسير في الطريقين معاً».

يبقى الفنان "غيث هلال" في حالة واحدة مع "البورتريه"؛ وهو ما يجعله في اللوحة الواحدة بين العشرين حتى 150 ساعة حتى تكتمل الصورة كما يريد، وهي عملية مضنية، ووقت طويل جداً، لهذا تجده غارقاً حتى أذنيه لينتج عملاً مغرقاً في الواقعية، يقول عنه الأديب الشاعر "حسين ورور": «ولد "غيث" ضمن أسرة مميزة؛ همّها أن يكون أولادها جديرين بحياة كريمة، ومبدعين بما يلمسون في أعماقهم من هوايات.

بورتريه

هنا تكتشف الأم أن ابنها لديه موهبة الرسم منذ طفولته المبكرة، وذلك الشغف للألوان والأشكال، وأكثر ما يستهويه تصوير الوجوه، ثم تكتشف أنه تطور بسرعة مذهلة، وتكبر معه هذه الهواية؛ ليغدو ذلك التشكيلي الذي يشار إليه بالبنان؛ بلوحاته المثيرة للدهشة، وأسلوبه المتميز الذي جعل له بصمة فريدة.

وقد أصف هذه المرحلة من تجربته بأنها المحطة الأولى التي ترسّخه في هذا الفن الصعب، لينطلق منها إلى عوالم أخرى تتحدد من خلال التعامل معها، ومن خلال خبرته وثقافة لوحته المقبلة التي لا تقتصر على التشكيل الجسداني وحده، بل الفكري والتراثي والإنساني، ويعطي للوحته هويتها الأثيرية».

يذكر، أن "غيث هلال" من مواليد مدينة "السويداء"، عام 1995.