بين الحجارة التاريخية القديمة والصخور البازلتية، وضمن أوابد قرية "الغيضة" في الريف الشرقي لمحافظة "السويداء"؛ عثر الباحثون في الآثار على تمثال الإله "جوبيتير آمون" العائد إلى القرن الرابع قبل الميلاد.

حول تاريخ التمثال ومكانه في "جبل العرب"، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 حزيران 2019، التقت الباحث في الآثار الدكتور "نشأت كيوان"، الذي بيّن قائلاً: «أثناء أعمال التنقيب وإجراء الأبحاث والدراسات العلمية لآثار وتاريخ المنطقة، وفي قرية "الغيضة" الواقعة في الجهة الشرقية من محافظة "السويداء"، عثر على ساكف مُثل عليه الإله "جوبيتير آمون"، أو "هامون"، ويقع في الوسط بشكل مركزي، وله قرون، ويرتدي (البولوس) على رأسه، ويصفف شعره على شكل مقياس الحبوب القديم الذي يشبه الدلو، يؤرخ هذا الساكف بالقرن الثاني أو الثالث الميلادي. كما عثر في بلدة "قنوات" على رأس إله ملتحٍ له قرنا خروف، ويمثل بلا شك "جوبيتير آمون" حامي الفيلق البرقاوي الثالث، وهذا الرأس موجود الآن في "كوبنهاغن"، وكذلك عثر عليه في بلدة "المشنف"، لكن بنحت نافر لتمثال نصفي، ونراه يصفف شعره أيضاً على شكل مقياس الحبوب. كان ذكره "ماسكل" في كتابه عن "جبل العرب". وقد انتشرت عبادة هذا الإله منذ انتقال الفيلق البرقاوي الثالث إلى "بصرى" التي يوجد فيها معبد أو مزار "آمون"، حيث قام التدمريون بتدميره فيما بعد، وقد زود المزار الداخلي له بتمثال "آمون"، وصنع من الفضة النقية، وهو مفقود الآن، ويُفترض أن يقع مزار هذا الإله العسكري المصري قريباً ما أمكن من معسكر الفيلق الروماني».

عُثر في "بصرى" على نحت نافر من البازلت، عبارة عن تمثال نصفي لـ"زيوس" أو "جوبيتير آمون"، وقد حددت هويته من خلال قرني الكبش، ويشبه في شكله تمثال "زيوس آمون" في بلدة "المشنف"، الذي يمكن أن نؤرخه في القرن الثاني أو الثالث الميلادي. ويوجد هذا الإله في "بصرى" تثبته العديد من النقوش، وهو بلا شك "زيوس" المحلي، كما يظهر على مسكوكات من نفس المدينة نقش لـ"جوبيتير آمون" وهو ملتحٍ مع قرني الكبش ويعتمر رأسه "كالاثوس"، ومن المعروف أن قرني الكبش يمثلان الشمس؛ رمز الطاقة، وشعاع القوة الخالقة. وكما يقول الآثاري "باوزانياس" أن توجه النسر نحو الشرق هو ذات توجه "زيوس" باتجاه شروق الشمس الدال على النور المقابل له في اليسار المظلم. كما كانت الثيران والخراف من الذبائح الرئيسة لـ"جوبيتير"، وقرن الكبش رمز اتخذه "الإسكندر الأكبر" فيما مضى، حيث وعده "آمون" بتأليهه في حياته عند غزوه لـ"آسيا" كمكافأة له على هذا العمل، ولم يذهب "الإسكندر" على ما يبدو إلى "آمون" ليعترف به كإله للعالم الإغريقي، بل لينشر وحيه الموحد حتى ولو كان له معبدان في "مصر" و"سيوة"

وتابع بالقول: «عُثر في "بصرى" على نحت نافر من البازلت، عبارة عن تمثال نصفي لـ"زيوس" أو "جوبيتير آمون"، وقد حددت هويته من خلال قرني الكبش، ويشبه في شكله تمثال "زيوس آمون" في بلدة "المشنف"، الذي يمكن أن نؤرخه في القرن الثاني أو الثالث الميلادي. ويوجد هذا الإله في "بصرى" تثبته العديد من النقوش، وهو بلا شك "زيوس" المحلي، كما يظهر على مسكوكات من نفس المدينة نقش لـ"جوبيتير آمون" وهو ملتحٍ مع قرني الكبش ويعتمر رأسه "كالاثوس"، ومن المعروف أن قرني الكبش يمثلان الشمس؛ رمز الطاقة، وشعاع القوة الخالقة. وكما يقول الآثاري "باوزانياس" أن توجه النسر نحو الشرق هو ذات توجه "زيوس" باتجاه شروق الشمس الدال على النور المقابل له في اليسار المظلم. كما كانت الثيران والخراف من الذبائح الرئيسة لـ"جوبيتير"، وقرن الكبش رمز اتخذه "الإسكندر الأكبر" فيما مضى، حيث وعده "آمون" بتأليهه في حياته عند غزوه لـ"آسيا" كمكافأة له على هذا العمل، ولم يذهب "الإسكندر" على ما يبدو إلى "آمون" ليعترف به كإله للعالم الإغريقي، بل لينشر وحيه الموحد حتى ولو كان له معبدان في "مصر" و"سيوة"».

الدكتور نشأت كيوان

وبيّن الباحث الأثري "خلدون الشمعة" بالقول: «ضمن عمل دائرة الآثار في "السويداء"، كان لقرية "الغيضة" النصيب الأوفر في البحث والتنقيب، وتم العثور على تمثال الإله "جوبيتير آمون"، وإذا ما كان "بعل شامين" قد عُبد في "حوران" بالاسم الإغريقي "زيوس"، وهذا ما نراه في عدة أماكن مثل "سيع"، و"صلخد" التي كان ينعت فيها بالعظيم، ويوجد في "قنوات" نقش كتابي يشير إلى أن "زيوس" هو الإله الأكبر لـ"كاناثا" القديمة. وكذلك عُبد باسم "جوبيتير" الإله الروماني الذي قورن بـ"زيوس"، كذلك نرى شكلاً آخر لعبادة "زيوس" التي ظهرت في "حوران" مع تأسيس الولاية العربية الرومانية عام 106 التي كانت عاصمتها "بصرى" بدخول الفرقة القورينائية الثالثة التابعة للفيلق البرقاوي الروماني، واستقرارها في "بصرى". وقد جلب جنود هذا الفيلق معهم عبادة الإله "أمون"، وهو إله مصري كان يعبد في واحة "سيوة" في الصحراء المصرية الشمالية الغربية؛ أي قرب الحدود الليبية في بداية القرن الثاني الميلادي، ويبدو أنه في الربع الثالث من القرن الرابع قبل الميلاد كان الإله الليبي "آمون" الذي أتى بالأصل من "طيبة" في "مصر"، ووحيه كان في واحة "سيوة" كان معروفاً جيداً في أجزاء عديدة من "اليونان"، وقد وجدت المراجع الواضحة والأقدم لآمون الليبي في الأدب الإغريقي، وفي العصر الروماني قورن "بعل شامين" بالإله "جوبيتير"، وارتبط الأخير بالإله "آمون"، حيث ظهرت له تمثيلات في أعمال النحت والزخرفة المعمارية والمسكوكات في "حوران"، وهذا يدل على الأهمية التي اكتسبها في هذه المنطقة من جنوب "سورية"، وتحديداً مكان وجود التمثال في قرية "الغيضة"».

تمثال آله جوبيتير مع العاكف
الباحث الأثري خلدون الشمعة