دخل "نورس الملحم" عالمَ الطفل ورياض الأطفال بدُماه المتحركة وعرائسَ أتقن مهارات تصنيعها، وطوّرها من خلال الدراسة الأكاديمية، وبرغبة ذاتية في تقريب المسرح لذائقة الطفل وتنمية شخصيته.

تجربةٌ خطّط لها وقدمها، حتى لاقت شهرة كبيرة، جذبت المهتمين للتفاعل مع الفكرة، ما ساهم في نشر فكرته التي تحدث عنها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 تموز 2019، وقال: «بدأت فكرة مسرح العرائس في رياض الأطفال بناءً على حاجة تعليمية علاجية على مستوى تقديم المتعة والفائدة، والمساهمة الفعالة في بناء شخصية الأطفال في هذه السنّ المبكّرة، تطورت الفكرة من خلال نشرها بغية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال، حيث قدمت جلسات مسرحية قصيرة ومتفاعلة، خاصة أنّ لدينا فرصة كبيرة للتلاقي المباشر مع الطفل وإمكانية تشكيل مسرح صغير، واللافت في الفكرة أنّ الطفل بات ينتظر جلسة الدمى بداية من الحالة الحيوية التي تقدم فيها العروض كنوع من التغيير لطريقة تعليمية معتادة تخرج من إطار معلمة وأطفال».

الفكرة حملت مضامين عدة تقصدت إنجازها، فإلى جانب أنني كنت المعلم الوحيد في الرياض، فالمتعارف عليه أنّ الرياض كلّها يقوم بالمهام التعليمية والتربوية فيها معلمات، تمكنت من خلال مسرح العرائس من مشاركة المعلمات المهمة التربوية والتعليمة التي تعتمد على أسلوب ظاهره تسلية، لكنّه محملٌّ بقيم تعليمية تتناسب مع المراحل العمرية للأطفال، والأفكار التي تمكنا من نقلها على لسان عرائسنا المتحركة، مستثمرين اللون والشكل والأهم الحركة

وعن الفكرة يضيف بالقول: «الفكرة حملت مضامين عدة تقصدت إنجازها، فإلى جانب أنني كنت المعلم الوحيد في الرياض، فالمتعارف عليه أنّ الرياض كلّها يقوم بالمهام التعليمية والتربوية فيها معلمات، تمكنت من خلال مسرح العرائس من مشاركة المعلمات المهمة التربوية والتعليمة التي تعتمد على أسلوب ظاهره تسلية، لكنّه محملٌّ بقيم تعليمية تتناسب مع المراحل العمرية للأطفال، والأفكار التي تمكنا من نقلها على لسان عرائسنا المتحركة، مستثمرين اللون والشكل والأهم الحركة».

نورس الملحم مع أطفاله

وأضاف عن المرحلة الثانية في تطوير الدمى: «صممت ألعابي وفق دراسات اختصت بمسرح العرائس لتصبح يداي متحركة بهيئة عروس تتكلم وتقدم عرضاً قصيراً للطفل، وعلى مستوى آخر طورت صناعة الدمى بحيث تستطيع الدمية محاكاة الأفعال البشرية، وذلك للوصول إلى درجة قصوى من الإيهام والاستغراق مع الدمية ما يساعد في عملية التواصل مع الطفل، وجعله يتبنى الحالة الإيجابية التي تقدمها الدمية من ناحية الهدف السلوكي والهدف التربوي، كل ذلك بناء على ما اكتسبته من مهارات صناعة الدمى في "مصر"، ودول أخرى».

تجربة مسرح العرائس في رياض الأطفال كانت خطوة أولى، تلاها عمل تربوي لطلاب المدارس كما قال "الملحم"، وأضاف: «بعد عمل طويل مع الرياض، والتعيين كمعلم في مديرية التربية، استثمرت وجودي في هذا القطاع، ومن خلال دائرة المسرح المدرسي بـ"السويداء " عملت على توسيع دائرة العمل على شريحة اليافعين، وكان الهدف الأعلى خلق مناخ صحي وصحيح يخدم الأجيال، ويساعد على بناء شخصية الطفل، ورفع قدرته على اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة من خلال المسرح الحي، ومسرح الدمى، وكوني خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، ومتخصص في "الدراما تورجيا" العلم المتخصص في هذا المجال، حاولت خلق معادلة من التوازن بين النص المسرحي والبيئة الموجه لها، فكان التركيز على مستوى الأفكار التي تتناسب مع الواقع، والمحافظة على طزاجة الفكرة بقالب مسرحي مميز، وكانت النتائج إيجابية ورائعة، هدفي العمل مع الفريق لرفع ذائقة الجمهور "المتلقي "من خلال رفع مستوى المعايير الفنية لدى الجمهور، وحتى يصبح شريكاً معنا في صناعة المادة الفنية، وقد شكلت فريقاً لتقدم هذه الرؤية، ورغم كل ما سبق يبقى حضور مسرح العرائس خجولاً في المحافظة، رغم أهميته الشديدة والحاجة الملحة له، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها: عدم توفر البنية التحتية لهذا النوع من الفن، وعدم توفر كوادر مدربة بشكل كافٍ كونه فن صعب بل من أصعب فنون التمثيل لما يتطلبه من جهد وتكنيك وخبرة».

يصنع دماه مع الأطفال

من أوائل المربيات التي اقتنعت بفكرة مسرح العرائس في رياض الأطفال المربية "لينا الشاعر"، التي تأثرت بتجربة "الملحم"، وقالت: «عندما التقيت به كمتخصص في مسرح الدمى والعرائس، لمست شغفه وتأثره الواضح بالطفل، وحرصه على تطبيق مهاراته وخبرته، ومن خلال الروضة التي أديرها قدم "نورس الملحم" مجموعة عروض، أعدت بشكل علمي تربوي مدروس يخدم الطفل، وقدم لنا فرصة لاستخدام المسرح لهدف تربوي وتعريف الطفل بالعرائس والدمى كفن له فائدة كبيرة في تطوير شخصية الطفل، وتقديم قيم سلوكية تربوية من خلال القصة وحديث الدمية ولونها والحركة، التجربة انتقلت لرياض أخرى لكن الجميل لديه أنه تمكن من تطويرها بشكل مستمر، لنجد لديه مواضيع ومحاور مختلفة، والأجمل دمى جديدة صنعها بطرق مختلفة، ونجد فارقاً كبيراً بين بداية التجربة والدمى التي استخدمها مع مجموعات جديدة، شكلها وصنّعها بطريقة مؤثرة وجميلة ساهمت في خلق مجالات واسعة لتفاعل الطفل، وعالج من خلالها مواضيع مفيدة للطفل والمربية، وخدمت عمل الرياض في رعاية الأطفال».

الفنان "وجيه قيسية" مدير المسرح القومي في "السويداء" أكد جهود "نورس الملحم" المميزة لنشر مسرح الدمى، وقال: «لمع اسمه في مجال مسرح الطفل والعرائس، وصمم مشروعه الخاص لبناء شخصية الطفل، وبحثه لإثراء تجربته بشكل ذاتي، ولي معه علاقة قديمة محورها صداقة في الحياة والمسرح، كان متميزاً بالتعريف عن الدمية وعرائس المسرح بأشكالها المتحركة وأنواعها المختلفة، وهو من أوائل المشاركين بمهرجان عريق في "القاهرة"، فتخصص بمسرح العرائس، وفور عودته وضع مخطط لعمله مع الطفل، مطوراً دماه وأساليب تصنيعها ومواضيعها ليقربها لعقل الطفل، غايته الأولى تعزيز علاقة الطفل بالمسرح، وتعزيز الثقة وخلق الفرصة ليكون الطفل مشاركاً بهذه التجربة، وما يميزه بحثه الشخصي لتقديم مسرحيات قصيرة، استفاد منها وطورها ليعكس الحالة الفنية على الحالة التربوية بإخلاص للهدف والعمل، طموحه -الذي التقي معه فيه- أن يكون في مدينتنا مسرح طفل مستقل تماماً، ومسرح عرائس، وقد اقترحنا الفكرة، والموضوع على طاولة النقاش، وهذا ثمرة لعمله وعملنا من خلال مشروع "شغف"».

وجيه قيسية

ما يجدر ذكره أنّ "نورس الملحم" من مواليد "السويداء" 1980، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وهو رئيس قسم المسرح لدى دائرة المسرح المدرسي في "السويداء"، نفذ الكثير من المسرحيات والأعمال الفنية منها "بيت برناردا البا"، "العملاق"، "فالس البعوضة"، و"المعطف" التي نالت جوائز عدة في المهرجان المدرسي الأخير.