كتبت، وثقت وجمعت من قصص النساء والرجال ما فاض عن الذاكرة، لينطقَ على ورق مجلتها التي أسّستها "روز الريشاني" بداية لحلم كبير في مجال الصحافة، أطلقته من "أستراليا" وطعّمته بقصص سوريّة.

الفتاة التي درست الإعلام جسدت حلمها بمجلة "جبلنا" بجهد ذاتي، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 آب 2019، وقالت: «تعيدني تفاصيل كثيرة من حياتنا كأسرة عاشت سنوات قصيرة في "سورية" وانتقلت إلى مكان جديد، إلا أنّ للإنسان قدرة على التفاعل والتواصل مع كل ما يشي بالحياة إن صحّ التعبير، وبالتالي أعدُّ أفكاري نتاج هذه الرحلة، ونتاج متابعة أمّ وأب رافقهما الكتاب واكتسبا من سحره، ما جمّل الحياة ودفع بهما خطوات للأمام رافقناهما بها، وقد يكون اختياري الصحافة دراسةً وعملاً بفعل هذه البيئة التي أغنت ذاكرتي، وجعلت طموحي العمل لأرسم طريقي الخاص الذي أكونه على وقع أخبار التقطتها من وطني "سورية" ولقاء الأهل على فترات متقطعة، ومن "أستراليا" حيث عشنا مغتربين في بلاد بعيدة رسم فيها الأهل والأقارب نمطاً جديداً للحياة، استوحى من قيم "جبل العرب" ووطننا "سورية" الكثير، وعليه شكلوا حياةً جديدةً لها صفات اجتماعية وثقافية جديدة وجميلة كونتها عصارة تجربة وخبر، هذه التجربة كانت إحدى دوافعي لإطلاق تجربة مجلة أول معالمها رصيد حاولت جمعه للتعريف بالرحلة الأولى لكلّ من جاء إلى "أستراليا" طالباً الرزق والعمل، وطالت به مسارات الحياة للاستقرار في هذه القارة على بعد محيطين».

فكرة التوثيق التي اشتغلت عليها "روز" كانت مميزةً ومفيدةً للمجتمع السوري في "أستراليا" وفي الوطن أيضاً، لقد استطاعت في العدد الأول جمع قصص ستة من المهاجرين، وكيف خاضوا رحلة ومغامرة في القرن الماضي وصعوبات الرحلة، حاولت وأجادت في رصد تفاصيل مجهولة بالنسبة لجيل الشباب، والإضاءة على الحكايات القديمة ممن خاضوا التجربة وأهاليهم التي حفظوها عنهم، الفكرة الأهم التي تناولتها في العدد الثاني تفصيل مهم بالنسبة للشباب السوري في "أستراليا" يتعلق بالطريقة التي يحيا بها الشباب أبناء المغتربين، وكيف اختاروا طريقتهم بالحياة بما يختلف عن حياة أهاليهم وطرق تعاطيهم مع المجتمع الأسترالي، ما أرغب بتوضيحه أنّ "روز" استطاعت تقديم الكثير من الأفكار في هيئة مجلة كبداية تؤهل لنجاح قادم أتوقعه لها في هذا المسار، الذي اختارته رسالة إلى مجتمعها والتعريف بما لديه من طاقات وأفكار تجب مناقشتها بفكر مختلف عنوانه الأفكار القادرة على تحقيق نقلات ثقافية متطورة

وتضيف: «"جبلنا" مجلتي التي أصدرتها باللغة الإنكليزية، وترجمت بعض الجمل والعناوين إلى العربية، عبارة عن قصص وتجارب ومشاعر المغتربين وأولادهم، حاولتُ بأمانة توسيع نطاقها ونشرها، تضمنت توثيق الأحاديث والقصص والمخاطر التي تعرضوا لها وصعوبات التأقلم والاندماج مع الطبيعة والمجتمع، ناقلةً على لسان عائلات من توفى منهم، باحثةً في خوابي الذاكرة عن معلومات تخبرنا كيف سارت بهم الحياة إلى الاستقرار ودعوة أقارب لهم لتتسع الجالية، وتصبح عدة عائلات بأعداد فاقت المئات من "جبل العرب" فقط، وعدد كبير من أرجاء "سورية"، لغاية التوثيق وجمع معلومات أتصور أنّها ستكون مفيدة لجيل الشباب في المهجر الوطن، العدد الأول كان تجربة بسيطة لي كخريجة صحافة وعاشقة لهذه المهنة التي مارستها بشكل متقطع في "أستراليا" من خلال النشر في عدد من المجلات بما يرتبط بمواضيع عصرية، ووفق النمط الإعلامي الأسترالي الذي أحاول الاستمرار بالعمل به، وتطبيقه من خلال مجلتي، لعلّي أتمكن من التعبير عن حلمي وتطوير التجربة والسعي لتكون ذات نفع خاصة على المستوى الاجتماعي، والإضاءة على رؤى شريحة كبيرة من المسافرين في هذه الرقعة من العالم، باستحضار صور ومواضيع من "السويداء"، والحالة الإنسانية والاجتماعية وأهم الأحدث التي تخرج من إطار الأخبار العاجلة، هي محاولةٌ لإنشاء دائرة متصلة من المعلومات والمعارف تساعدني على إنجازها وسائل التواصل الحالية، لأكونَ على اتصال دائم مع ما يجري في وطننا، إلى جانب رحلتي السنوية بشكل فردي أو مع أسرتي لأجمع في كل رحلة أخباراً وأفكاراً من الجدات والأهل الذين ساهموا في جذبنا لزيارات متكررة، أفكار كانت مادةً غنية فاضت معها دموع من قرأ من المغتربين، واستذكروا ماضياً جميلاً».

روز الريشاني في قريتها عرمان

مجلة متكاملة بالأبيض والأسود كانت فيها الكاتب والمحرر والمصوّر والمخرج، وتابعت بالقول: «لا أجد في الحياة دافعاً للعمل أقوى من الطموح الذي يرفع مستوى الرؤية لترتقي إلى تحقيق أفكار وخطط جديدة، هذه الخطط أجد أنّ وقتها المناسب للتطبيق قد حان لأجسد على أرض الواقع هذه التجربة بعددين أنجزتهما في وقت الفراغ، حيث وضعت التصميم الأولي وجمعت مواد العدد بدقة كوني غير مقيدة بالوقت لأصمم صفحاتها وأفرد مساحة لأحاديث نقلت لي من كبار السن والشباب، محاولةً المزج بين الذكريات والحياة العصرية، وقد شاركت أختاي معي بإعداد مواد قصيرة وقصائد شعرية واقتبست من أخبار الإصدارات السورية وقصائد لبعض الأصدقاء، والمضمون الأساسي كان مواد صحفية أبطالها أشخاص بمراحل عمرية مختلفة، وقصصاً ناسبت فكرة العدد الأول والثاني، وكمرحلة أولى حاولت إيصال العدد لشريحة كبيرة من القراء وكانت ردود الفعل جميلة، وما لا يعرفه المجتمع السوري أنّ هناك نسبةً كبيرةً من الجالية العربية في "أستراليا" من القراء والمتابعين الذين عبروا عن حاجة كبيرة لهذا النمط من الدوريات، وهذا ما عزّز رغبتي بالاستمرار ورصد تجاربهم ونقلها إلى محيط أوسع».

"عمرو جابر" طالب طبّ -سنة سادسة- وصله العدد وعبر عن أهمية التوثيق وجهد "روز" في إنتاج هذه المجلة، وقال: «فكرة التوثيق التي اشتغلت عليها "روز" كانت مميزةً ومفيدةً للمجتمع السوري في "أستراليا" وفي الوطن أيضاً، لقد استطاعت في العدد الأول جمع قصص ستة من المهاجرين، وكيف خاضوا رحلة ومغامرة في القرن الماضي وصعوبات الرحلة، حاولت وأجادت في رصد تفاصيل مجهولة بالنسبة لجيل الشباب، والإضاءة على الحكايات القديمة ممن خاضوا التجربة وأهاليهم التي حفظوها عنهم، الفكرة الأهم التي تناولتها في العدد الثاني تفصيل مهم بالنسبة للشباب السوري في "أستراليا" يتعلق بالطريقة التي يحيا بها الشباب أبناء المغتربين، وكيف اختاروا طريقتهم بالحياة بما يختلف عن حياة أهاليهم وطرق تعاطيهم مع المجتمع الأسترالي، ما أرغب بتوضيحه أنّ "روز" استطاعت تقديم الكثير من الأفكار في هيئة مجلة كبداية تؤهل لنجاح قادم أتوقعه لها في هذا المسار، الذي اختارته رسالة إلى مجتمعها والتعريف بما لديه من طاقات وأفكار تجب مناقشتها بفكر مختلف عنوانه الأفكار القادرة على تحقيق نقلات ثقافية متطورة».

من أعداد المجلة

ما يجدر ذكره أنّ "روز الريشاني" من مواليد "أستراليا" عام 1995، تعود أصولها إلى قرية "عرمان" في محافظة "السويداء"، درست الصحافة في جامعة "The University of Queensland" تخرجت مؤخراً وتمارس عملها مع عدد من الصحف بشكل حرّ، زارت "سورية" عشر مرات وبقيت على اتصال دائم مع وطنها الأم.

عمرو جابر