التدريب على الفن وخلق نوافذ للتلاقي والتواصل مع المجتمع تجربة شابة، نفذها "حنين البعيني" و"فراس حاتم" على شكل ورشات لتعليم مهارات الفن لمختلف المراحل العمرية، لا لأن يكون الجميع فنانيين بقدر العمل لإيصال غاية الفن.

تجربة وضعت قواعدها في مدينة "السويداء" أثمرت ثلاثة مشاريع لتدريب فني خارج القواعد الكلاسيكية، كما تحدث "فراس حاتم" المؤسس والمدير الفني لفرقة "حنين" المسرحية وقال: «بداية الفكرة من سؤال وجودي كان ينتابني دائما وهو: لماذا خلقت؟ وهنا بالتحديد؟ عند هذه الأسرة، في هذا المجتمع، في هذه البلد؟ في هذا الزمن؟ ولماذا اخترت العمل بالفن؟، وقد آمنت بعد ملاحظات عدة وتجارب عدة بالغاية والرسالة من الوجود وبالتالي وعودة على الأسئلة، لا بد وأن يكون لي دور في هذه المنطقة مع هذا المجتمع من خلال معارفي ومهاراتي والتي كان أبرزها الفن».

بداية الفكرة من سؤال وجودي كان ينتابني دائما وهو: لماذا خلقت؟ وهنا بالتحديد؟ عند هذه الأسرة، في هذا المجتمع، في هذه البلد؟ في هذا الزمن؟ ولماذا اخترت العمل بالفن؟، وقد آمنت بعد ملاحظات عدة وتجارب عدة بالغاية والرسالة من الوجود وبالتالي وعودة على الأسئلة، لا بد وأن يكون لي دور في هذه المنطقة مع هذا المجتمع من خلال معارفي ومهاراتي والتي كان أبرزها الفن

ويضيف "فراس" عن تجربته في "لبنان" التي بدأت من عام 2017 ويقول: «كان أبرزها مع فرقة التهريج "clown me in" كمهرج حيث عرضنا بكل شوارع "لبنان" لأكثر من ثلاثين ألف طفل خلال السنوات الثلاث الماضية، وحول مواضيع عديدة منها حقوق الطفل والنظافة الشخصية والبيئية والتنمر والعنف القائم على النوع الاجتماعي وغيرها من المواضيع، بالإضافة لعدد من المشاريع والعروض والورشات التدريبية، التي كنت فيها مع فرق أخرى تحت عناوين "الدعم النفس الاجتماعي-العلاج باللعب" و"المسرح التفاعلي" و"الجندر" وحماية الطفل وغيرها.

فراس حاتم مؤسس فرقة حنين

تقديم الفن على هذا الشكل أتى بعد هذه الخبرات كحالة تجريب وعمل لتكتمل الصورة لدينا حول رسالتنا وبحثنا أنا و"حنين" لاكتساب ونقل المعرفة للمجتمع لتفعيل دور الفن أكثر، وليصبح أسلوب حياة عند الجميع، بعيداً عنه كاختصاص، ولذلك أسسنا لهذا النمط من الورشات التدريبية الذي يستهدف جميع شرائح المجتمع المختصين، وغير المختصين في المسرح.

ليس المطلوب أن يصبح الشخص ممثلاً أو مخرجاً، بل ليتعرف على نفسه وعلى الآخر وعلى المجموعة من خلال الفن، ويطور إدراكه لذاته من خلال الفن، بالتالي يصبح الفن أسلوب استقبال ومعالجة وتعبير عند كل الناس، ولا يبقى حكراً على الفنانين صانعاً حاجزاً بين الفنان والناس أو بين الخشبة والجمهور، لذلك هذا الفن هو فن مجتمعي لكل الناس بكل مكان وزمان وقد أقمنا تدريباتنا بالمضافات وأي قاعة أو غرفة وعروضنا القادمة ستكون بالشوارع والساحات.

حنين البعيني ورهف نادر

وكنا أنا و "حنين" قد أسسنا فرقة "حنين" المسرحية منذ عام 2016 وأطلقناها من خلال العمل المسرحي "لحظة حنين" وبهذا كانت القاعدة موجودة لإعادة الانطلاق من جديد».

عن بداية فكرة الفن المجتمعي تتحدث "حنين البعيني" المؤسسة والمديرة الفنية لفرقة "حنين" المسرحية وتقول: «أما عن فكرة الفن المجتمعي، فلقد كان لي ولزوجي "فراس" تجارب عديدة بالمسرح في "سورية" وخاصة "السويداء" ولكن كانت كلها تجارب على خشبة المسرح وما كان منها في الشارع كان يقتصر على المهرجانات.

من التدريبات

أما في "لبنان" فلقد تعرفنا على مفاهيم جديدة في المسرح مع عدد من الفرق المهمة على رأسها فرقة "كلاون مي ان" التي تعرفنا فيها على مفاهيم متل فن التهريج ومسرح الشارع، وخضعنا لعدد من الورشات التدريبية معاً تحت عناوين كبيرة، ومهمة متل العلاج بالفن –العلاج بالتهريج -العلاج المجتمعي -السرد القصصي وغيرها من العناوين المهمة وكلها كانت على يد أخصائيين من مختلف مناطق العالم».

وتكمل "حنين" لتخبرنا عن نتائج الورشات وتقول: «النتائج إيجابية حسب قول المشاركين والمشاركات وفي العموم وبعد تجاربنا العديدة في هذا المجال هناك ثقة كبيرة بالتمارين المقدمة من حيث التركيب والغايات وآليات الوصول، لذلك نحن بالعموم ندخل على التدريبات بكامل الثقة بفحوى التدريبات التي تدربنا عليها مع مرجعيات قدمت جهداً كبيراً على الأرض، وفي الرصد والتجريب والتقييم والتعديل والمتابعة حتى وصلت لهذه النتائج ونحن نقوم بنقلها مع تطويرات حسب طبيعة وخصوصية كل تجربة.

بالتالي ما ننفذه ليس نصوصاً وإنما تمارين وألعاب مسرحية، دون نتائج منتظرة ولا أحكام مسبقة، وإنما قد يحصل أن يكون نتاج إحدى المجموعات عرضاً مسرحياً.

وبالنسبة للمستهدفين فلقد تمكننا من إنجاز ثلاثة مشاريع على مدار كامل العام 2019 استهدفنا من خلالها حوالي 67 مشاركاً ومشاركة و 150 طفل بورشات تدريبية من خلال ثلاثة مشاريع، وقد كان ذلك بالتعاون مع جمعية "تنمية المجتمع المحلي" في "السويداء" بمبادرتها "يوتوبيا" التي قدمت تعاوناً لوجستياً كبيراً من حيث تقديم المكان، وعدد كبير من المشاركين والتغطية القانونية.

"رهف عاصم نادر" سنة رابعة تكنولوجيا المعلومات مسؤول إداري في حضانة House kids كاتبة مقالات وبحوث تحدثت عن الفكرة: «أعتبر تجربتي مع فرقة "حنين" المسرحية من أفضل التجارب التي عشتها حتى هذه اللحظة، فلقد ساعدتني وبشكل كبير ضمن برنامجها Cape (creative arts for peace and equality)

في التغلب على العديد من الأمور التي وقفت عائقاً بيني وبين المجتمع، ومنها مواجهة التحديات والصعوبات، وخلق مساحه آمنة ومكان تفريغ نفسي لي، وللكثير من السيدات لأنها كانت تخص السيدات فقط، مما شجعني على التقديم لمشروع "جنى الشمس" الذي من خلاله أصبحت لدي القدرة على تدريب الأطفال من عمر الست سنوات حتى الثامنة عشرة من خلال منح الأطفال الفرصة للتعبير عن عواطفهم وتجاربهم المختلفة اتجاه الظروف والأحداث التي يعايشونها في حياتهم اليومية، ويصبح الطفل قادراً على التفاعل الإيجابي وبناء العلاقات مع الآخرين، بالإضافة إلى تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وقدرته على التعبير والتركيز من خلال خلق مساحة آمنة للأطفال يتم فيها تشارك مجموعة ألعاب وتدريبات مسرحية معهم.

هذه الورشات كانت نمطاً فريداً ومميزاً وهو غير مطروح سابقاً بمجتمعنا، لذا من المهم التركيز على هذا النوع من الورشات بهذه الظروف التي نعيشها حالياً».

ما يجدر ذكره أن "فراس حاتم" خريج كلية العلوم-قسم الفيزياء من جامعة "دمشق" من مواليد "السويداء" عام 1990 و"حنين البعيني" من مواليد "السويداء" عام 1991 خريجة كلية الآداب قسم الأدب الفرنسي جامعة "دمشق" وهما أعضاء بنقابة الفنانين السوريين بصفة ممثل/ة منذ العام 2012.