بين كتبها وأوراقها، خزنت "منى أبو حمدان" وروداً مجففة، تطالع بألوانها ألوان الطبيعة التي أخرجتها للضوء لتصنع منها لوحات فنية عامرة بالإحساس والذوق الرفيع.

وعندما قررت إخراج زهورها، لم تكن تعلم أنها ستكون محط الأنظار، ومصدر جمال في أماكن اختار أصحابها تزيننها بمنتج فني يدوي ميزته الأولى الدقة والصبر، كما قالت لمدونة وطن "eSyria" التي التقتها بتاريخ 10 تشرين الثاني 2019، وأضافت: «لم أتوقع أن تتحول هوايتي في تشكيل الزهور المجففة إلى عمل تنطبق عليه شروط الورشة الفنية، كما هي عليه اليوم، فهذه الزهور تعني لي الكثير كونها خزينة ذكريات وأوقات جميلة، وعلاقة صادقة نسجتها مع الورد عمرها طويل لكن هذه العلاقة تطورت اليوم لتأخذ منحى جمالياً مختلفاً، حيث لكل وردة مواصفات وحضور في مساحة جميلة في لوحة أصممها بين الورود والأغصان والخلفيات التي لاقت استحسان الجمهور».

لم أتوقع أن تتحول هوايتي في تشكيل الزهور المجففة إلى عمل تنطبق عليه شروط الورشة الفنية، كما هي عليه اليوم، فهذه الزهور تعني لي الكثير كونها خزينة ذكريات وأوقات جميلة، وعلاقة صادقة نسجتها مع الورد عمرها طويل لكن هذه العلاقة تطورت اليوم لتأخذ منحى جمالياً مختلفاً، حيث لكل وردة مواصفات وحضور في مساحة جميلة في لوحة أصممها بين الورود والأغصان والخلفيات التي لاقت استحسان الجمهور

وعن تجربتها الأولى مع الورود المجففة، تقول: «كوني خريجة معهد الفنون النسوية تدربت على طرق فنية مختلفة، ودربت طالباتي على العديد من الأعمال اليدوية التي تتلاقى فيها المزايا الجمالية والفنية والمهارة اليدوية التي تساهم في إظهار هذا الجمال بصورته المناسبة.

منى أبو حمدان

كانت تجارب أولية اشتغلتها على مهل لإشغال الوقت والمحافظة على ورود حفظتها في دفاتري وكتب قديمة، ونظمتها في لوحات كبيرة معتمدة تنسيق اللون والشكل، والتصنيف بينها بما يكمل جمالها، بطريقة استخدمت بها مادة اللكر ومواد لاصقة بسيطة دون أي مواد ملونة أو طلائية، لأحافظ قدر الممكن على مادة الورود الطبيعية وجمالها الطبيعي الذي حرصت عليه كونه مكتمل الجمال، وفيه ألوان ودرجات حقيقية نتجت عن تجفيف الأوراق بطريقة دقيقة».

وعن طريقة التجفيف وأنواع الورود المستخدمة، تضيف: «في البداية كان التجفيف محدوداً، حيث كنت أجمع بعض الورود وما يروق للعين، لكن عندما صممت مجموعة لوحات، ولاقت الطلب لأبيعها في "الإمارات"، ويطلب مني غيرها، أخذت أنظم العمل لأعد للتجفيف مواده الخاصة من كرتون ومجلات وكتب وأوراق مجففة خاصة، لتتسع لأنواع مختلفة مما أجمع من الطبيعة في مواسم الربيع والخريف، وأيضاً لأضيف عليها ورود أشتريها تسحرني باللون والشكل، وأتخيل صورتها بعد التجفيف، وأضع لها تصميماً مناسباً في لوحة أو عدة لوحات.

من أعمالها لوحات الورد المجفف

هذه التجربة اقتضت البحث في أنواع الورود الأسماء والصفات والحجم واختبار طرق التجفيف الأفضل، كي لا تتعرض للعطن، ويؤدي لخسارة الوردة وتصبح غير صالحة للوحة، إلى جانب انتقاء الألوان التي تحافظ على رونقها بعد التجفيف، وتفاصيل مختلفة لا تقل عن الأولى، أعمل على دراستها ليبقى لدي فرصة إنتاج أعمال تروق لي، وتجسيد تجربتي التي بدأت من الورد وتنهل من جمالها ما يفيض على أيامي رقة وعبير من خلال عمل تعلقت به وأرغب بتطويره».

وعن التسويق لمتابعة العمل، قالت: «لا أنكر أن هناك صعوبات كبيرة بالتسويق تبعاً للقدرة الشرائية في هذه المرحلة، وبالطبع لا يقارن التسويق للخارج مع التسويق الداخلي، مع العلم بوجود جمهور كبير متفاعل ومتذوق لما أنجزه من أعمال ولدي رصيد كبير من اللوحات الفنية التي أعتز بها.

منال صعب

وقد تطور التسويق من خلال المشاركة الكبيرة بالمعارض في "دمشق" التي تخصصت بالعمل اليدوي، وبالفعل حققت من خلالها فائدة كبيرة بالحصول على خبرات جديدة واستمزاج أذواق الجمهور والاطلاع على الآراء، وأيضاً حاولت بالبناء عليها التعامل مع حجم اللوحة التي لاقت الطلب من قبل جمهور محدد اختار اللوحة للتزيين، وهذا ما دفعني لتكثيف العمل وزيادة إنتاج اللوحات لتلبي الطلب.

وفي كل الأحوال فالعائد المالي مطلوب لدعم العمل، لكن العائد المعنوي بالنسبة لي كبير، ويبقى المشجع الأكبر على الاستمرار وتطوير العمل ليكون لي في كل موسم تجربة جديدة مع زهور الفصول، أحتضنها أجمعها وأعبر عن وفائي لجمالها وتعبر لي عن الحب بلونها، وشكلها الجميل الذي أحرص دائماً عليه وتقديمه لكل المهتمين».

"منال صعب" مؤسسة مشروع "الغصن العتيق" للأعمال اليدوية تقول: «أعمال مميزة تقدمها "منى" من خلال ورودها المجففة، وقد تابعتها في كثير من التفاصيل وأعجبتني طريقتها الفنية بإنتاج اللوحة، التي تحتاج للدقة والصبر لتقدمها بتصميم مميز، يستثمر جمال ورودها ويعطي انطباعاً جميلاً للناظر لأعمالها.

هذا النوع من العمل الفني أعتبره إضافة جميلة لمشروعنا "الغصن العتيق" الذي بات موقعاً محدداً ومعرضاً دائماً للأعمال اليدوية، وتواجداً دائماً لسيدات يقدمن أجمل الأعمال، ومنهم "منى" التي أخلصت لتجربتها الفنية التي تطورها إلى جانب عملها كمعلمة، وباتت مشاركة دائمة في المشروع، ما نتمناه توافر الدعم لعملها ولعمل كل النساء كون العمل اليدوي حرفة مرهقة ومجهدة تحتاج المتابعة لتستمر وتتمكن الفنانة من متابعة إنتاج أجمل الأعمال».

ما يجدر ذكره أن "منى أبو حمدان" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1968 خريجة معهد الفنون النسوية ومعلمة للفنون النسوية، شاركت بالعديد من المعارض الجماعية التي كرمت بها، ولها أعمال مقتناة في "الإمارات" وعدد من الدول الأخرى.