مع هجرة عدد من المدرسين نحو المدينة، والواقع الاقتصادي الصعب الذي خلّفته الحرب على "سورية"، وقعت أزمةٌ كبرى في قرية "الحريسة" البعيدة عن مدينتي "السويداء"، و"صلخد"، فجاءت فكرة صندوق دعم الطلاب لتعيد قطار العلم إلى السكة الصحيحة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت قرية "الحريسة" في الريف الجنوبي الشرقي للمحافظة، بتاريخ 11 شباط 2020 والتقت المدرس "فارس جودية" ليتحدث عن الفكرة التي جعلت الصندوق يرى النور، فقال: «الفكرة ليست جديدة في المحافظة، ولكن أهالي قرية "الحريسة" بالتعاون مع قريتي "شعف" و"الهويا"، استطاعوا إنجاحها من خلال حرصهم على أبنائهم وعدم التفكير بالهجرة نحو المدينة، فالوضع المتردي لريفنا يوحي بالكثير من الأفكار التي قد تندرج ضمن مفردات صراع البقاء، وكوننا لا زلنا نتنفس نعطي أنفسنا الحق بالحياة بشكل أو بآخر.

الفكرة ليست جديدة في المحافظة، ولكن أهالي قرية "الحريسة" بالتعاون مع قريتي "شعف" و"الهويا"، استطاعوا إنجاحها من خلال حرصهم على أبنائهم وعدم التفكير بالهجرة نحو المدينة، فالوضع المتردي لريفنا يوحي بالكثير من الأفكار التي قد تندرج ضمن مفردات صراع البقاء، وكوننا لا زلنا نتنفس نعطي أنفسنا الحق بالحياة بشكل أو بآخر. إنّ المدارس تعاني الكثير من النقص بالخدمات كواقع ريفنا، فالبعد يجعل أحياناً وصول المدرس إليها شبه مستحيل، وتداعيات الأزمة غالباً تنعكس بشكل أكبر على المناطق الأكثر بعداً عن مراكز المدن، فكان لا بدّ من التحرك، وجاءت فكرة المهندس "فراس البعيني" مدير دائرة دعم القرار في المحافظة لإنشاء الصندوق كالبلسم الشافي، حيث بدأ العمل مباشرة بفضل الأهالي والغيورين على المصلحة العامة

إنّ المدارس تعاني الكثير من النقص بالخدمات كواقع ريفنا، فالبعد يجعل أحياناً وصول المدرس إليها شبه مستحيل، وتداعيات الأزمة غالباً تنعكس بشكل أكبر على المناطق الأكثر بعداً عن مراكز المدن، فكان لا بدّ من التحرك، وجاءت فكرة المهندس "فراس البعيني" مدير دائرة دعم القرار في المحافظة لإنشاء الصندوق كالبلسم الشافي، حيث بدأ العمل مباشرة بفضل الأهالي والغيورين على المصلحة العامة».

مدرسة التعليم الأساسي

مدير المدرسة الابتدائية في القرية "ناصر العفير" قال عن الخطوات التي ساروا عليها: «تحولت الفكرة إلى مبادرة خلاقة جمعت الأهالي الفاعلين بالمجال الخدمي، وممن لهم أسبقية بمجال خدمة المصلحة العامة، وتم تعيين قائمين عليها والتواصل مع المهتمين لإنجاحها.

يبلغ عدد طلاب المرحلة الأساسية 137 طالباً، وطالبة، فيما يذهب طلاب الثانوي نحو ثانوية قرية "الهويا"، وكان أول أهداف الصندوق دعم المدارس والطلاب الفقراء، والمعلمين الذين يأتون من خارج القرية للتعليم فيها، وخصوصاً من هم من خارج الملاك ولا شيء يجبرهم على المجيء سوى حبهم للتعليم، وبدعمهم نكون قد دعمنا أبناء قريتنا والقرى المجاورة لنا، وكذلك تشجيع الفعاليات والنشاطات المدرسية التي بحاجة للدعم المادي، وتشجيع الطلاب المتفوقين وتقديم ما يلزم للحفاظ على مستواهم، كونهم الرصيد الحقيقي للمجتمع.

الطريق نحو القرى الثلاثة

وكان تأمين مدرسين وخصوصاً لمواد الرياضيات، والعلوم، واللغات صعباً من داخل الملاك، والمدرس من خارج الملاك براتب الوكالة لا يكفيه أجرة مواصلات، لذلك كانت هذه المعضلة هي المحور الأساسي لفكرة الصندوق، وبالتنسيق مع القرى المجاورة تمّ الاتفاق على دعم هؤلاء المعلمين والتخفيف من عبء أجور النقل».

"منيف الشعشاع" مدير ثانوية "الهويا" أكد أنّ الصندوق الذي أنشأه الأهالي في قرية "الحريسة" يستهدف دعم الطلاب وليس المعلم بحد ذاته كما يصور بعض من انتقد العمل بهذه الصورة، لأن دعم المعلم بشكل حقيقي يحتاج الكثير، وعمله لا يقدر بثمن، وأضاف: «إنّ تعليم الطلاب في المدينة هو السبب الأساسي للهجرة المتزايدة من القرى البعيدة عن المركز، وعزوف المدرسين عن الذهاب للريف الشرقي الجنوبي سببه البعد والراتب الزهيد، والسير، علماً أن التعليم في ثانوية "الهويا"، وإعدادية "شعف" أفضل من المدينة بسبب اجتهاد المدرسين والطلاب، وحرص الأهالي على التميز رغم الأعباء الكبيرة.

تضم الثانوية مئة طالب من القرى الثلاثة، وفي السنوات السابقة كان الاستقرار كبيراً، والمدرسة تضم أعداداً كبيرة من الطلاب، ولكنهم تناقصوا بشكل كبير، وهذا يعود للظروف المادية والنقل.

كانت النتائج النهائية للعام الماضي مشرفة، فشعبة الأدبي ضمت أحد عشر طالباً كان أغلبهم الأوائل على المحافظة، وشعبة العلمي ضمت 20 طالباً خرج منهم ثلاثة طلاب نحو التحضيري، وهذا يدل على أنّ التعليم جيد بفضل حرص الأهالي على تميز أبنائهم، وصندوق دعم الطلاب خطوة راقية لتحصين العلم».

يذكر أنّ قرية "الحريسة" تبعد عن مدينة "صلخد" 25 كم، وعن مدينة "السويداء" 33 كم.