نصف قرن من الزمن وهو يؤسس ليوم يذكره الناس بكل محبة، ويصبح فيه عميداً متطوعاً لمنظمة "الهلال الأحمر" من خلال أعمال وإنجازات جعلت فرع "السويداء" يلتصق باسمه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 15 آذار 2020 التقت الدكتور "عبدي الأطرش" عميد المتطوعين في "الهلال الأحمر" الذي تحدث عن مسيرته في العمل فقال: «خمسة عقود من العمل في منظمة "الهلال الأحمر" وأنا أحمل هذا الشرف الكبير للخدمة والتطوع، وكنت منذ بداية دخولي المنظمة متطوعاً أرغب في العمل لتطوير الخدمات، وبالتالي لينعكس هذا التطوير على الواقع. حاولت العمل على توفير ثلاثمئة منحة دراسية، وتأسيس ثقافة التطوع.

مذ عرفت الدكتور "عبدي الأطرش" قبل ثلاثة عقود، يحضرني حبه للعمل، ومبادراته نحو مفهوم التطوع، جاعلاً "الهلال الأحمر" يلتصق باسمه أينما ذهب، ومنذ بداية السبعينيات يعمل متطوعاً ولغاية الآن، تلقاه يحتضن الشباب كأولاده، ولم يتراخ يوماً بتأدية واجبه الطبي الإنساني، أو الاجتماعي، وحين تسلم درع الهلال كعميد للمتطوعين أدمع العيون والقلوب بكلماته المعبرة التي أكد من خلالها أنه يضع نفسه تحت تصرف الهلال في أي عملٍ مطلوب وأي رأيٍ مرغوب وأي نداء منشود، حيث ترك مجلس الإدارة بعد خمسة عقود ليكون عميد العمل التطوعي والإنساني

ولدت لأب مجاهد من مجاهدي الثورة "السورية الكبرى"، والمرافق لقائدها "سلطان باشا الأطرش" طيلة الثورة، وهو "صياح الحمود الأطرش" الشاعر المجيد، ورغم الفقر والمعاناة انتقلت إلى "دمشق" للتحصيل العلمي، ودرست الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدرسة "البطريركية للروم الكاثوليك"، وتخرجت طبيباً من جامعة "دمشق" عام 1964، ومارست الطب في عيادة خاصة، أقدم بها المعاينة للأصدقاء والأقرباء والمحتاجين بالمجان، ويوم الجمعة بالكامل يكون تطوعاً مع الدواء، في سبعينيات القرن الماضي ساهمت بتأسيس فرع "الهلال الأحمر" في المحافظة، ورأيت أن العلاقة بين ثقافة التطوع ضمن عمل مؤسساتي وبين المجتمع بشكل عام له أبعاد تدخل في بنية شخصيتي، ولهذا تشكلت لدي دوافع المبادرات الإنسانية بشكل منظم، وعملت مع مجموعة من الأصحاب على نشر ثقافة التطوع والعمل المجاني، وكنت أذهب أثناء الثلوج والبرد القارس لمعاينة مريض داخل "السويداء"، وفي القرى القريبة على دراجة هوائية خلف صاحبها، ولم يكن لدي وسيلة للتنقل سوى المشي على أقدامي، أو من يتبرع بإيصالي للمريض بالدراجة الهوائية إذا كان المريض من أقربائه».

الدكتور عدنان مقلد

وعن تأثير عمل المنظمة في نفسه، أوضح بالقول: «زرع "الهلال الأحمر" في داخلي ثقافة التطوع والعمل الإنساني، وكان لا بدّ لي من تقديم شيء لجيل الشباب، فبادرت إلى تقديم منح دراسية لطلاب الجامعة من أبناء الفقراء ومن مختلف الاختصاصات عبر المحسنين والمتبرعين لتصل إلى أكثر من ثلاثمئة منحة دراسية، وهم اليوم مهندسون وأطباء قضاة ومحامين وأساتذةٌ جامعيون، وبعد أن ترأست الفرع عملت مع زملائي على نشر ثقافة التطوع بريف المحافظة، وتم إحداث شعب صحية وطبية هلالية تجاوز عددها اليوم المئة والثلاثين بين نقطة وشعبة، وحين أحلت إلى التقاعد من نقابة الأطباء عام 1999 قدمت عيادتي لصاحبها "عبد الله زينية" كما هي محافظاً على ثقافة العمل الهلالي ومسلك المتطوع، واستمريت بالعمل في المنظمة متفرغاً رئيساً للفرع بـ "السويداء"، يقيناً أن العمل بات الجزء الأهم في استمرار حياتي إلى اليوم الذي شرفتني به المنظمة بلقب "عميد المتطوعين"، وكم كانت سعادتي كبيرة أن أقف بين أهلي وأسرتي وأبنائي الهلاليين الذين عشت معهم بين الفرح والمعاناة لاستلم درع المنظمة».

لم يكتف بالعمل الهلالي بل للأدب مكانة لديه حيث قال: «رغم ضيق الوقت الذي كنت أعيش في ظلاله، إلا أن الأدب لم يفارقني، أختلي مع نفسي برهة من الزمن، وأكتب القصيدة العمودية والتفعيلة، حتى حينما فقدت ولدي الوحيد المهندس "حسام" أثقل علي فقدانه، كتبت له أكثر من ثلاثمئة بيت، وأسميت ديوانه "الحسام"، إضافة لديواني "الغيمة الماطرة".

من أعماله الهلالية

كما أصدرت كتاباً بعنوان "أوراق من ذاكرة التاريخ.. وثائق ويوميات وأحداث" لسيرة والدي المجاهد "صياح الأطرش"، وخلال عملي كتبت المقالات العلمية والطبية في المجلة "الطبية العربية" التي كانت تصدرها نقابة الأطباء في "سورية"، والتي انتخبت لأكون أميناً لسر مجلس نقابة "درعا" و"السويداء" عام 1977، وعضواً لمجلس إدارة نقابة أطباء "السويداء" لثلاث دورات، ورئيساً للجنة العلمية فيها، وقد أتيح لي الكتابة في مجلة "الغد" التي كانت تصدرها الأمانة العربية لجمعيات "الهلال والصليب الأحمر"، وشاركت في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، وقدمت أوراق عمل حول تلوث البيئة وإدمان المخدرات والعادات الضارة والموضوعات الطبية والعلمية والأدبية والاجتماعية والثقافية والشعرية الوطنية في الدوريات والصحف المحلية، ونتيجة لثقافة العمل التطوعي شاركت في تأسيس العديد من النوادي منها: "النادي العائلي، هواة الصيد، السينمائي والفروسية"، وأنا عضو في جمعيات "تنظيم الأسرة السورية" و"الرعاية الاجتماعية والعاديات"، وعضوا في المكتب التنفيذي للمنظمة في "دمشق"».

الدكتور "عدنان مقلد" عضو مجلس إدارة فرع "الهلال الأحمر" في "السويداء" ورئيس جمعية "أصدقاء مرضى السرطان" بيّن قائلاً: «مذ عرفت الدكتور "عبدي الأطرش" قبل ثلاثة عقود، يحضرني حبه للعمل، ومبادراته نحو مفهوم التطوع، جاعلاً "الهلال الأحمر" يلتصق باسمه أينما ذهب، ومنذ بداية السبعينيات يعمل متطوعاً ولغاية الآن، تلقاه يحتضن الشباب كأولاده، ولم يتراخ يوماً بتأدية واجبه الطبي الإنساني، أو الاجتماعي، وحين تسلم درع الهلال كعميد للمتطوعين أدمع العيون والقلوب بكلماته المعبرة التي أكد من خلالها أنه يضع نفسه تحت تصرف الهلال في أي عملٍ مطلوب وأي رأيٍ مرغوب وأي نداء منشود، حيث ترك مجلس الإدارة بعد خمسة عقود ليكون عميد العمل التطوعي والإنساني».

درع التكريم

يذكر أن د. "عبدي الأطرش" من مواليد قرية "بكا" في "السويداء" عام 1938.