نشأ في أسرةٍ موسيقية متأثراً بأبيه وشقيقه، وحاول الخروج عن المألوف والتفرد بموهبته، فكان أن اختار آلة الهارمونيكا قليلة الانتشار، فحقق نجاحاً وتميّزاً بعمرٍ صغيرٍ مكّنه من الوصول ليكون أحد أعضاء الفرق الموسيقية الكبيرة في "لبنان".

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 1 أيار 2020 تواصلت مع الفنان "ضياء حمزة" ليتحدث بداية عن مرحلة الطفولة حيث قال: «والدي هو المؤلف الموسيقي والعازف "عاصم حمزة"، وأخبرني أنني كنت أتفاعل مع أحد مقطوعاته الموسيقية وأنا بعمر السنة، حيث رحت أهز رأسي متأثراً بها كلما عزفها، تلك المقطوعة أسماها "لحن الضياء" وإلى اليوم لها مكانة خاصة في نفسي.

"ضياء حمزة" عازف في فرقتنا الموسيقية واستديوهاتنا، موسيقي متميز ومحبوب من الجميع، ولديه حس فني واسع، ويضيف على مسارحنا لمسة فنية جميلة

في طفولتي عزف أبي أمامنا نخبة الألحان، فعشت مع الموسيقا، وباتت جزءاً من حياتي، وتعلمتها كما العربية لغتي الأم، كنت أسمع الموسيقا الصحيحة وأي خطأ يقوم والدي بالتصحيح لي، هذا الأمر شكل لدي ثقافة موسيقية جيدة بعمر صغير».

"ضياء حمزة"

وعن بداية العلاقة مع آلة الهارمونيكا قال: «اخترتها صدفة بعد خبرة بالعزف على آلة البيانو وفهم لنظريات الموسيقا، بعمر الـ14 كنت أفتقد لوجودي بين العازفين من أصدقاء والدي وأخي، ولم أستطع المشاركة في السهرات الموسيقية التي تقام في منزلنا، وأعلم أن والدي لديه آلة هارمونيكا، فجربت العزف عليها، ومن أول محاولة عزفت أغنية "تشي غيفارا" لأشارك بعدها في سهرات الموسيقا التي كانت تقام في منزلنا وكنت سعيداً بهذا الإنجاز، وبعد أسبوع من بدء العزف على هذه الآلة لاحظ والدي اتقاني العزف وسرعة تعلمي، فرشحني للمشاركة بحفل موسيقي معه أقيم آنذاك في "السويداء"، كانت الحفلة الأولى التي أشارك بها وأذكر أني دخلت الحفل بكل ثقة، وهذا ما خلق رابطاً بيني وبين آلتي ليبدأ مشواري بالعزف عليها.

في أول عام من بدء العزف لم أشاهد على الإنترنت أي عازف عالمي، ولم أتأثر بأحد، وبهذا كانت شخصيتي خاصة في مجال العزف على الهارمونيكا، بدأت تأليف وتوزيع أعمال خاصة بها، ولدي عشر مقطوعات موسيقية مؤلفة، والكثير من الخواطر والجمل الموسيقية التي لم تؤسس بشكل كامل بعد، وهذه الأعمال سوف تعرض مع فرقة موسيقية في حفل مخصص للمؤلفات الموسيقية لآلة الهارمونيكا، ففكرة وجود مؤلفات خاصة بالهارمونيكا قليلة عالمياً مقارنة بباقي الآلات».

من إحدى الحفلات

يقيم "حمزة" في "لبنان" وقد استطاع النجاح بوقت قصير، حيث أضاف عن ذلك: «في أول محطة سفر إلى "لبنان" بدأت من الصفر، ولكن الخبرة ساعدتني على إثبات نفسي وعزفي على آلة تصنف بأنها قليلة التداول، وهذان العاملان ساهما بشكل أساسي في انطلاقتي، إضافة إلى أنني أعزف على عدة آلات مثل (الكيبورد والأكورديون)، وهذا ما جعلني موجوداً في الوسط الفني، بدأت العمل في "ميترو المدينة" عن طريق صديقي عازف الأوكورديون "سماح أبو المنى"، وبعدها شاركت في عروض جديدة بشكل أساسي».

وتابع عن انطلاقته الحقيقية: «التقيت الفنان "رامي عياش" عام 2018 عن طريق صديقة تحدثت معه بشأن أغنية "بعقلين" من كلمات عمي "معتصم حمزة" وألحان أخي "بهاء حمزة"، حيث وزعت الأغنية أمامه، نالت إعجابه واستحسانه، لأبدأ العمل معه بالحفلات عازفاً على آلة الهارمونيكا، وحالياً أقوم بتوزيع أعماله».

المطرب "رامي عياش" تحدث عن "حمزة" قائلاً: «"ضياء حمزة" عازف في فرقتنا الموسيقية واستديوهاتنا، موسيقي متميز ومحبوب من الجميع، ولديه حس فني واسع، ويضيف على مسارحنا لمسة فنية جميلة».

"سليمان زيدان" كاتب مسرحي ومؤلف موسيقي أضاف عنه: «"ضياء" ظاهرة بكل معنى الكلمة، هو نبض من نغم بمختلف مستويات هذا الفن، إن كان على مستوى العزف فهو أروع من عزف على آلة الهارمونيكا، ونقلها بعزفه من آلة شعبية محدودة الاستخدام إلى آلة لها دور بارز وحضور ساحر في معظم القطع الموسيقية التي ألفها أو وزعها، إضافة إلى أنه عازف بيانو متمكن.

هو مؤلف موسيقي استثنائي يفكر خارج الصندوق، إضافة إلى أنه أبعد من مجرد فنان جامع للتأليف والتوزيع والعزف في آن معاً، بل يتخطى ذلك من خلال مشاريع اختراعات لآلات موسيقية جديدة ستضيف الكثير إلى عالم العزف والتوزيع حال تنفيذها».

المايسترو "فادي م. يعقوب" مؤلف موسيقي، وقائد أوركسترا القسم الشرقي بالمعهد الوطني العالي للموسيقا في "لبنان"، وقائد فرقة "زكي ناصيف" بالجامعة "الأمريكية" في "بيروت" "AUB" ومؤسس وقائد الفرقة اللبنانية للإيقاع "LIBRA" تحدث عن "حمزة" بالقول: «عام 2017 كان اللقاء الأول بيني وبين الشاب العشريني كرحيق الروح يسكب شهده داخل رواق متواضع من أروقة المعهد الوطني العالي للموسيقا في "بيروت"، حيث أدرس منذ 29 عاماً، طلبت منه أن يعزف مقطوعة من مؤلفاته، فأخرج آلة الهارمونيكا من جيبه وبإيماءة واثقة لصديقه عازف الغيتار شرعا بالعزف.

من قرية "عرى" في ريف "السويداء" جاء "ضياء" ينفخ أنفاسه بألم وأمل، استدرجني عزفه المتقن، وأدهشني ترويضه لثقوب تلك الآلة الصغيرة، يلاحق اللحن غير آبه باسترداد النفس الذي يكاد ينقطع، شغف يلامس الانخطاف المطلق.

كانت تلك الدقائق المتوهجة من أنفاس هذا العبقري الشاب، كافية لإضرام الدفء في داخلي، طلبت منه زيارتي في اليوم التالي لتبدأ رحلة الاحتضان والتبني لتلك الموهبة الواعدة، وبعد أيام معدودة أصبح عضواً أساسياً ضمن خماسي كنت قد أسسته وباشرت بتدريبه ويضم نخبة العازفين، وما هي إلا أسابيع قليلة حتى وقع اختياري عليه كعازف بيانو، وهارمونيكا ضمن فرقة الفنان "غسان صليبا" التي أديرها وأقودها، وما لبث الفنان "صليبا" أن أعجب بالشاب وبدأ يستثنيه بصولو على المسرح لإحدى أغنياته».

يذكر أنّ "ضياء حمزة" من مواليد مدينة "العين" الإماراتية عام 1996، أصوله من مدينة "السويداء"، أحيا مؤخراً حفلاً فنياً في مديرية الثقافة في "السويداء" تم بثه عبر شبكة الانترنت من "لبنان" على مدى ساعتين من الوقت عزف فيها مقطوعات منوعة على آلتي البيانو والهارمونيكا.