تجاوز "أسامة هلال" عارضاً صحياً تعرض له في الصغر، مختاراً درب التعليم واكتساب المعرفة، وأسس بجهده الذاتي موسوعةً تمكّنه من تدريس مادة اللغة العربية وعلومها، بوسائل علمية حديثة مستخدماً الكمبيوتر في عرضها.

تبلور حلمه الذي استطاع من خلاله ممارسة مهنة التدريس، وتقديم علمه لطلابه بطريقة سلسلة، وتخزين محتوى لغوي غني كما تحدث لمدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 15 تشرين الأول 2020 قائلاً: «عارض صحي عانيت منه منذ الولادة نتجت عنه صعوبة في الكتابة رافقتني في مراحل تعلمي المختلفة، فارضةً عليّ ظروفاً خاصة، فأحسنت التعامل معها حتى وصلت مرحلة الدراسة الجامعية، وبدأت البحث عن ابتكار طرائق تعليمية جديدة بديلة عن الكتابة واستخدام القلم كي تبقيني على تواصل مع اللغة التي عشقتها، فدراسة اللغة العربية وآدابها بحر علم يحتاج إلى الاهتمام والبحث والاجتهاد في جمع أصدافه المعرفية، وقد اخترت أن أكون مدرساً متخصصاً في دراسة علوم اللغة العربية وآدابها لأهديها لطلابي».

بعد التخرج تقدمت لمسابقة لدى مديرية التربية، وكان عملي الجديد حافزاً إضافياً للعمل، فتابعت الدراسة الدائمة والبحث والتحليل في كل ما جمعته، وإضافة كل ما هو جديد إلى جانب اجتهاداتي السابقة، ضمن هذه الموسوعة التي تبصر النور اليوم وتجني بشائر ثمارها

من وجهة نظره التعليم السليم يحتاج لأساليب ترصد احتياجات كل الشرائح فيقول: «عدا عن بعض الصعوبات الحركية لم أجد صعوبة في الدراسة خلال المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، تعلمت مع أبناء جيلي، ولم أنفصل عنهم إلا في امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية بسبب مشكلة بطء الكتابة، حيث أجريت امتحانات الشهادتين آنذاك في مراكز صحية متخصصة تابعة لمديرية التربية، وكانت تجربة جديدة حاضرة بعد هذه السنوات في ذاكرتي، وتذكرني بوجود شريحة كبيرة طامحة تحتاج التعليم في مجتمعنا تشبه الينابيع المغمورة، بسبب صعوبات استخدام الوسائل المعتادة، لذا حاولت إيجاد وسيلتي الخاصة التي أعدّها نافذة لتقديم خبرتي بالشكل المناسب، ومنذ أن تعلمت الكتابة على الكيبورد، وجدت فرصة إضافية لإعداد حلقات البحث وكتابة النصوص وتخفيف عبء الكتابة عن يدي، وأخذت أتبحر في هذا العالم، فالتطور العلمي والتقني يفتح أمامنا قنوات معرفية جديدة حاولت استثمارها لرسم المستقبل والعلاقة التي أرغب بتطويرها مع اللغة، فحال الوضع الصحي بيني وبين حلم ذاك المدرس أمام طلابه داخل الشعبة المدرسية، لتكون موسوعتي اليوم الحلم البديل، والطريقة الأنسب لاستخدامها في تعليم الطلاب باستخدام شرائح إلكترونية جمعتها بما ينسجم مع رغبتي في عرض المادة العلمية، والتمكن من تقديمها من خلال شاشةٍ لعدد من الطلاب أو طالب واحد».

المعلم أسامة هلال

ويتابع: «بعد التخرج تقدمت لمسابقة لدى مديرية التربية، وكان عملي الجديد حافزاً إضافياً للعمل، فتابعت الدراسة الدائمة والبحث والتحليل في كل ما جمعته، وإضافة كل ما هو جديد إلى جانب اجتهاداتي السابقة، ضمن هذه الموسوعة التي تبصر النور اليوم وتجني بشائر ثمارها».

وعن الموسوعة وما تتضمن يضيف: «العمل الذي انطلق في السنة الدراسية الثالثة استهلك ست سنوات من البحث ليكتمل بالشكل الذي هو عليه اليوم، حيث تتألف الموسوعة من ألف وثلاثمئة شريحة تضمنت كل ما وجدت فيه فائدة للطالب في النحو والصرف، الإملاء العربي، علم العَروض، علم البديع، علم البيان، وعلم المعاني، إضافة إلى بعض الدراسات الأدبية والنقدية.

تجربة تدريب الطلاب في قاعة مشفى العناية

وبعد الجمع قمت بالتصنيف والتنظيم السهل والواضح علها تحقق غايتي في تبسيط طريقة التعلم، لكن مع استمرار إضافة المعلومات وجدت أن حجم الموسوعة كبير جداً، وعليه سعيت لإعداد نموذج آخر مصغّر مكتفياً بعرض ما يحتاجه الطالب ضمن المناهج الدراسية».

وعن اختبار موسوعته يقول: «اختبرت التجربة مع عدد من طلاب الشهادات، كانت التجربة جيدة ناجحة حققت سعادة كبيرة لي، رأيتها في انسجام الطالب وتفاعله مع الشرائح المعروضة أثناء الدرس، فالتعلم عملية فكرية تشترك بها الحواس جمعاء.

سميحة الصالح

ونحتاج نوعاً من الدعم ليكون لدينا قاعة مناسبة مجهزة بجهاز عرض وإسقاط تحتضن عدداً من الطلاب لتقديم هذا المخزون، بعدما كانت لي تجربة ناجحة في هذا المجال بالتعاون مع الجمعية "السورية للمعوقين جسدياً" فرع "السويداء"، وجمعية "العناية الطبية" التي قدمت لي القاعة المجهزة بكل ما يتطلب نجاح هذه الدورة، فنظمت دورة تعليمية مجانية للطلاب لاقت أصداء وتفاعلاً كبيراً في المجتمع الأهلي، وما زالت الدورة مستمرة كل يوم سبت».

للموسوعة محتوى رقمي عربي تجدر الاستفادة منه كما تحدثت "سميحة الصالح" المدير الإداري للجنة الإدارية في الجمعية "العلمية السورية للمعلوماتية" فرع "السويداء"، وتقول: «فكرة جمع هذا الكم الكبير من المعلومات على شكل محتوى رقمي خطوة تحسب لمدرس لغة عربية همه توسيع دائرة المهتمين باللغة، وتعليم عدد من الطلاب من مختلف الشرائح، وما اطلعت عليه من هذه الموسوعة شجعني على تقديمه للجمعية، وخلق أقنية حوار لدراسة وتقييم العمل الذي أجده مميزاً وله عدة مقومات للنجاح، يمكن أن تكون من خلال التعاون مع الجمعية بوصفها حاضنة وداعمة لتطوير المحتوى الرقمي.

فهذا العمل الذي انطلق بشكل ذاتي وإمكانيات متواضعة يعول عليه الكثير، وقد لمست اندفاعاً كبيراً لديه للتدريس والاهتمام بالطلبة، جميل أن ننتقل بطلابنا إلى هذه الطرائق المتطورة بالعلم الرقمي التي تنسجم مع غاية الجمعية، وما قدمته من مشاريع هامة عبر مسيرتها الطويلة».

جدير بالذكر أنّ "أسامة محمود هلال" مواليد "السويداء" عام 1984 خريج جامعة "دمشق" عام 2010، معاون رئيس شعبة في دائرة المعلوماتية في مديرية تربية "السويداء".