تعد طبيعة العلاقة بين الأطفال والإنترنت هاجس الأسرة، لإدراك كيفية توظيفها التوظيف الأمثل، لتمثل الفائدة والمنفعة لهم، خاصة أن منهم من يرى تكافؤ ميزان الإيجابي والسلبي فيها.

فكثيرون من الأهالي يمنعون أطفالهم من متابعة صفحات الإنترنت بمختلف تصنيفاتها، بحجة أن المجال فيه مفتوح على كل شيء، وأعمار الأطفال صغيرة على الكثير من أموره وتشعباته، وهنا تقول السيدة "غرام محمد" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 كانون الأول 2014: «أنا لست ضد منع الأطفال من ممارسة حقهم في الفائدة من تقانة الاتصالات وثورة المعلوماتية، خاصة مع هذه المناهج الدراسية الحديثة التي تتطلب في بعض جوانبها البحث في الإنترنت للحصول على الإجابة المطلوبة، ولكن أتمنى أن تحد إمكانية الولوج التشعبي إلى الصفحات والمواقع وطرح خيارات المتابعة المتكررة، فهي قد تثير فضول الطفل في وقت يبحث فيه هو عن الفائدة فقط، أي إن هذا الأمر هو من كان السبب الأساسي في حرمان الأطفال من حقهم في التفاعل مع تقانة الاتصالات الحديثة وثورة المعلوماتية.

أتمنى أن تبتكر متصفحات إنترنت خاصة بالأطفال، لا يمكن لأي شيء خطير ومنافٍ للأخلاق العامة في مجتمعنا تخطيها، وهنا يجب التركيز على متصفحات محلية وليست غربية أو عربية، لأننا في زمن بتنا فيه نختلف بكل شيء حتى مع المجتمعات العربية الهجينة، وتختلف أيضاً القيم الأخلاقية بيننا وبين المجتمعات الغربية

ومع هذا الأمر لا أجد المبرر الكافي لحرمان أطفالي من بعض عمليات البحث والتصفح، بحضوري شخصياً، حيث أكون إلى جانبهم لمحاولة منع عمليات الولوج التشعبي المقيت للخيارات المطروحة في بعض المواقع وبعض النوافذ، وهنا أؤكد أنني راضية بتجربة أطفالي مع الإنترنت».

الطفلة جودي تحاول تصفح الإنترنت

وتضيف السيدة "غرام": «أتمنى أن تبتكر متصفحات إنترنت خاصة بالأطفال، لا يمكن لأي شيء خطير ومنافٍ للأخلاق العامة في مجتمعنا تخطيها، وهنا يجب التركيز على متصفحات محلية وليست غربية أو عربية، لأننا في زمن بتنا فيه نختلف بكل شيء حتى مع المجتمعات العربية الهجينة، وتختلف أيضاً القيم الأخلاقية بيننا وبين المجتمعات الغربية».

السيدة "فتون البلخي" موظفة في "ثقافي بانياس" قالت: «طفلتي الصغيرة ذات العشر سنوات وبضعة أشهر، أجدها قد حملت في شخصيتها الكثير من المتغيرات بعد السماح لها بالدخول إلى صفحات الإنترنت المتعددة الخاصة بالأطفال نوعاً ما، ولاحظت أن تصرفاتها تبدلت وتغيرت نتيجة ذلك، فبدأت تهتم بأناقتها وتسريحة شعرها رغم صغر سنها كما أوضحت، على عكس حياتي أنا مثلاً في مثل عمرها، حتى إنها تحاول أن تكون أنيقة عند الذهاب إلى مدرستها، وبالمقابل طبيعة احتياجاتها التي تصرح بها لي تغيرت وتطورت، وكأنها شابة في مقتبل العمر، وهذا برأيي الشخصي كان أمراً سلبياً، لأن الأطفال يذهبون إلى المدرسة لتلقي العلوم وليس لعرض أناقتهم، إضافة إلى أن هذ الأمور ستشغلها عن دراستها كما يشغلها الهاتف النقال في بعض الأحيان، فتراها تستحوذ عليه فور عودتها من المدرسة، وحتى آخر النهار، بإرادة مني لتبتعد قليلاً عن الإنترنت».

الآنسة رزان حسن

وتتابع السيدة "فتون": «أحاول أن أمنعها بعض الشيء بوضع محاذير شخصية، دون التأثير والسيطرة على حقوقها الاجتماعية والفردية باكتساب المعلومة من الإنترنت، كما أنني أحاول إبقاء الحوار دائماً بيني وبينها، لإدراك كل تغيير في منهج تفكيرها، كما أنه سيكون سبيلاً مهماً للتوافق والوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين دون ممارسة القمع.

لا جرم، الأمر لن يتوقف عند الحوار بيني وبينها، والسماح لها بالدخول إلى متصفح الإنترنت متى تشاء، وإنما كان سبيلاً للتحفيز لها كما لاحظت، حيث كان أساساً لتحسين مستواها التعليمي والانطلاق نحو تحقيق متعة وفائدة من جراء عملية الدخول والتصفح، وهذا كله بإشرافي المباشر لمواعيد وأماكن الدخول».

وترى الآنسة "رزان حسن" أن الإنترنت عالم مفتوح على مصراعيه، لا يمكن التحكم به أبداً، فأحياناً بطريقة الخطأ من الطفل يدخل إلى مواقع سيئة بأفكارها ومضمونها، وهنا يأتي دور الأهل في التعريف بما هو جيد وما هو سيء بالعموم، وهذا حل. أما الحل الآخر فهو أن نمنع الطفل منه بالكامل، وهنا نكون أمام نتيجة صعبة هي أن الطفل سيدخل إلى الإنترنت دون علم أسرته.

المهندس "بهجت وردة" قال: «الإنترنت له آثار سلبية أكثر من الإيجابية، حيث يقوم الطفل بحل الوظيفة مثلاً عن طريق الإنترنت، بدلاً من أن يحلها بجهده الشخصي وتفكيره وما حققه من الحصة الدرسية، وهنا لا أنكر حق الطفل بالتفاعل مع التقنيات الحديثة والتدرب عليها، لكن يجب أن تكون العملية ممنهجة بطريقة صحية نبدأها بالتوعية في المدارس مثلاً على سبيل الثمال.

وهنا يجب التأكيد على أن تصفح الإنترنت يجب ألا يكون لساعات طويلة ومستمرة بالنسبة للأطفال؛ لأنه سيؤثر في النمو العقلي والجسدي والاجتماعي تأثيراً سلبياً».