إحساس مرهف تمتّعت به "زينب حيدر" وحاولت إيصاله بجمل سهلة بسيطة تارة، ومكثفة عميقة تارة أخرى، وكان شعر الومضة بديوانها "يسبقني صوتي" هو الأقرب إلى أفئدة المتلقين.

لقد وجدت في انطلاقتها الأدبية مساحة للحب، تحدثت عنها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الأول 2017، قائلة: «لا يلزم أن تكون شاباً لتصبح كاتباً، فأغلب المؤلفين بدؤوا في منتصف العمر، مثل الكاتب "ريتشارد آدامز"، كما أن هناك العديد من الكتّاب الذين حققوا انتصاراً أدبياً وأبدعوا بتأليف كتب حققت لهم الشهرة والنجاح، فمنهم من حصل على هذه الشهرة مبكراً مثل الكاتبة "إليانور كاتون" البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاماً، وفازت بجائزة البوكر عام 2013 عن روايتها "النجوم"، ومنهم كتّاب سطع نجمهم عند وصولهم إلى عامهم الأربعين أو الخمسين، أمثال "جورج إليوت". أستفيض هنا لأدلّ على أن لا شيء يأتي من فراغ، فالاهتمام والشغف بأي شيء لا بد أن يدلّ على الطريق الذي يتحمل الوصول والتعثر، لكن بالنهاية، جميل أن نحقق ما نحب».

تملك قدرات أدبية جيدة، تمكّنت من توظيفها بأسلوب مثالي، وأنجبت مولودها المميز، كما أن لها نشاطاً مميزاً في مجال "جمعية بانياس الثقافية" مع بقية الأصدقاء

لها علاقة خاصة مع ما تكتبه، عبّرت عنها بقولها: «علاقتي مع الأدب لم تكن فجائية، وإنما من أيام الدراسة ظهر تعلقي بمواضيع التعبير، ويرجع الفضل بتنمية موهبتي تلك إلى أساتذتي، فهم لاحظوا ودرّبوا وشجعوا لأكمل حبي للكتابة وأصقله، وهكذا بدأت شراء بعض الروايات واستعارة أخرى، وكانت المطالعة تأخذ الوقت الكثير مني، وعلى حساب دراستي أيضاً».

مع المدققة اللغوية سهام

يعدّ الأدب إحساساً جميلاً إن صحّ التعبير، وقد كان فياضاً بالنسبة لها، بحسب وصفها، وتضيف: «من الجميل أن تعبّر عما تشعر به بالكتابة، وخاصة إذا ملكت أدواته من الشغف والخيال، والأهم من ذلك الثقافة، فيجب أن نكون محبين للقراءة لتكون مفرداتنا على مستوى الكلمة والصورة والفكرة التي نريد طرحها أو إيصالها إلى الآخر، وعلينا ألا نستهين بقدرات المتلقي؛ فلدينا شريحة واسعة من المثقفين والمهتمين بالأدب، ويجب ألا ننسى أن الطبيعة والمكان بوجه عام له سحره الطاغي».

في إصدارها "يسبقني صوتي" الذي أشرفت الفنانة المغتربة "لينا شديد" على صورة غلافه، الكثير من العواطف والجمل الغنائية، قالت عنها: «في ديواني "يسبقني صوتي" تقصدت أن يكون فقط عن الومضة؛ لأنني أحببت أن أضيئ على هذا النوع من الشعر؛ فالومضة حالة عالية من التكثيف في المعنى والدهشة والإمتاع، تراوح بين الصور العاطفية، وهناك حالات سخرية من واقع ما، كما تحدثت عن الوطن وحالات الإنسان من الخذلان والحب والخداع، وحكمة ما نعيشه، وجاءت بعض الكلمات والجمل من طبيعة السهل الممتنع».

يسبقني صوتي

وتتابع: «هذا الديوان "يسبقني صوتي" بطبعته الأولى، صادر عن "دار بعل" في "دمشق"؛ وهو عبارة عن قصائد وجدانية كتبت بأسلوب نثري بطريقة الومضة التي ظهرت في العصر الحديث، وهي وحدات جملية ذات غرض انفعالي خاص، اعتمدت به بناء الصورة الشعرية بطرائق القصّ، أو المثل، أو الاقتباس.

أما فيما يتعلق بالزمن، فقد جاء إصداري في وقت مثالي؛ فبعد تنشئة أولادي والعناية بهم، وجدت بعض الوقت لأعيد ترتيب أوراقي وماذا أحب، وتركت للمتلقي الحكم بخصوص الجودة؛ وهذا ما يجعلني راضية تماماً عما قدمته، لأنني أعشق التكثيف والومضة، وقد أحييت من خلال ديواني شيئاً ما لذاتي، أما إذا كنا ننتظر الأفضل، فدائماً هناك خطوة أولى تتبعها خطوات، وأتمنى أن يكون القادم أفضل».

زينب حيدر

كما كان لها تجربة جيدة مع الملتقى الثقافي الأدبي في "بانياس"، وجمعية "بانياس" الثقافية، تحدثت عنها بالقول: «كانت تجربتي بالملتقى الأدبي غنية وجميلة أثمرت مع الأصدقاء بعد ثماني سنوات جمعية "بانياس" الثقافية التي تم ترخيصها أصولاً وإشهار أهدافها، بهدف تنمية وترسيخ أهمية الثقافة لدى جيل الشباب، لتكوين لبنة أساسية لمجتمع صحيح معافى قدر المستطاع، والارتقاء بالكلمة إلى مستوى يرقى بها».

وللأنشطة الثقافية الأدبية ضمن الملتقى دور في بروز وتنمية الذائقة الأدبية وصقلها وفتح الأفق الاجتماعية، وصفته بقولها: «من خلال الملتقى تعرّفت إلى الكثيرين من الأشخاص حتى باتوا أصدقاء أعتزّ بصداقتهم، فالملتقى بالنسبة لي صقل موهبتي وقدراتي، وكوّن مجموعة من التفاعلات والخبرات صقلت ونمت وأطرت، وهذا بمشاركة ضيوف أدباء وموهوبين من مختلف المحافظات والمناطق، وفي الختام، أؤكد أنني أكتب الأدب لتحقيق ذاتي أولاً، وترك بصمة شخصية ثانياً، ولأن الأدب والكتابة حياة من نوع آخر؛ لا يمكن الخروج منها ما إن ندخل إليها».

وفي لقاء مع الأديبة ومدرّسة اللغة العربية "سهام رقية"، والمدققة اللغوية لديوان "يسبقني صوتي"، قالت: «الكاتبة "زينب حيدر" قدمت ومضات بلغة تميل إلى التكثيف وإعطاء المعنى بمفردات تحمل صوراً حركية ممتعة، وتميل نحو الحكمة بثوب منسوج بكلمات الحب، فتجربتها جديدة، والمتميز فيها بعدها عن السرد الطويل، وقد اعتمدت تقديم الفكرة بصورة غير مألوفة أحياناً، وكي تتضح للقارئ، عليه أن يقرأها أكثر من مرة لتثري انطباعه، فهي تقول: "لست أنثى لزمن القحط، أنا امرأة الغيم"».

الأديبة "راغدة محمود" قالت: «تملك قدرات أدبية جيدة، تمكّنت من توظيفها بأسلوب مثالي، وأنجبت مولودها المميز، كما أن لها نشاطاً مميزاً في مجال "جمعية بانياس الثقافية" مع بقية الأصدقاء».

يشار إلى أن "زينب حيدر" من مواليد مدينة "بانياس"، عام 1967.