استطاعت روضة "الكفرون" الخيرية أن تترك بصمة إنسانية مميزة لبناء أهمّ لبنة في المجتمع؛ ألا وهي الطفل في ظلّ الظروف القاسية التي حلّت على بلدنا فسرقت من الطفولة الشيء الكثير.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 تشرين الثاني 2018، "راميا دلال" مديرة الروضة الخيرية، التي حدثتنا عن فكرة التأسيس قائلة: «لقد واجهت إدارة هذا المشروع المتقدم في الرقي والإنسانية تحدّياً يتعلق بشروط قبول الأطفال؛ إذ تمّ التشديد على أن يكون الطفل من أسرة مهجّرة حكماً من بلدتها أو مدينتها أو قريتها، وكان اختيار الأكثر حاجة والأضعف مالياً قوة ونجاح المشروع وإدارته.

حلمنا أن تبقى الأيادي البيضاء ممدودة لدعم هذا المشروع المميز لتستمر روضتنا كمؤسسة تربوية تخدم الطفل السوري وتساعده في بناء مستقبله؛ ليساهم في بناء "سورية" المنيعة كي لا تتكرر فيها المأساة ثانيةً

الفكرة بدأت في ذهن شخص كبير بمحبته وفكره وبُعد نظره، وهو القسّ الدكتور "حبيب بدر" رئيس الاتحاد الإنجيلي الوطني في "لبنان" وراعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في "بيروت"، وذلك لخدمة الأسر السورية المتألمة بسبب الحرب الظالمة التي شُنّت على بلدنا العريق من خلال خدمة أطفالها، وذلك بجمع أطفال مهجّرين من مختلف المشارب في روضة خيرية وتقديم التعليم والرعاية النفسية للتخفيف من آلامهم بالحب والحنان، إضافة إلى تقديم وجباتٍ بيتيّة متنوعة ومغذية، مع خدمة النقل للأطفال، والمراقبة الطبية الدورية، وبذلك يكون مشروعاً خيرياً متكاملاً بدلاً من تقديم معونات غذائية ومالية كما هو معتاد في المشاريع الخيرية».

خلال شرح درس عن جسم الإنسان في الطبيعة

وتابعت: «هذه الفكرة لم يسبقه إليها أحد وقتها، وبدأنا، وكان التوجيه للكادر العامل في الروضة صارماً لتحقيق العناية والرعاية والمحبة، الأمر الذي شعر به الأهالي من خلال الانعكاسات الإيجابية على أبنائهم، وكنا نلاحظ ذلك في لقاءات أولياء الأمور».

وأضافت: «حلمنا أن تبقى الأيادي البيضاء ممدودة لدعم هذا المشروع المميز لتستمر روضتنا كمؤسسة تربوية تخدم الطفل السوري وتساعده في بناء مستقبله؛ ليساهم في بناء "سورية" المنيعة كي لا تتكرر فيها المأساة ثانيةً».

أثناء تناول وجبة الطعام

المعلمة "روزيت سليمان" قالت: «أطبّق أسلوبي التعليمي بالحوار المتبادل عن طريق الخطأ والصواب وتصحيح الإجابة، واعتبار كل الإجابات عن الأسئلة صحيحة، وأوضح لهم الأفضل. أتعامل معهم بأسلوب الطفولة وأصل إلى عقولهم بالتشجيع وحب الاستطلاع والاكتشاف. وأكبر عقوبة لأي تقصير الحرمان من شيء محبّب لديهم لمدة قصيرة».

"ساندي جربوع" معلّمة في الروضة، قالت: «تجربتي مع الأطفال مركّبة جداً، ففي بداية العام كنت في أوج حماستي، لكنني صدمت بتنوع نماذج الأطفال، فهنالك المعنّف والفوضوي جداً، والذي يتعامل مع رفاقه بالضرب والصراخ، وآخرون في قمة الهدوء، ويغلب على هذا الجيل الدلال المفرط من قبل الأهالي، وكل ذلك في قاعة واحدة؛ وهذا ما جعلني أستخدم كل أساليبي التعليمية الحركية والحسية والألعاب والأغاني والتحفيز، فكانت وسائل شدّت اهتمامهم، وبدأ التغيير يظهر على الأطفال يوماً بعد يوم، ولا ننسى التعاون مع الأهالي في البيت لتتضافر جهودنا التي لاقت نجاحاً من قبل الأطفال، فأصبحوا متعاونين ويميلون إلى التنظيم وحب التعلم والدخول في عالم جديد يصل بهم إلى مستقبل واعد، وأنا فرحة لأنني علّمتهم وتعلّمت منهم الكثير».

أثناء متابعة الأطفال

"نوال عرار" والدة طالب في الروضة، قالت: «دخل ابني "أنطون" إلى الروضة يمتلك الكثير من الحرية والمشاغبة والدلال، لكن بأسلوب كادر الروضة المميز أصبح يحب النظام والدراسة والانضباط؛ فقد وجد الاهتمام والحنان والعطاء، ونحن بذلك في قمّة السعادة للنتائج التي حصلنا عليها أنا وأمّهات الأطفال اللواتي ألتقيهن ونتبادل أحاديث وملاحظات تعكس مدى الرعاية التي يتلقاها أطفالنا في الروضة».