تتربع قرية "البلوطية" على سفح جبل "الديمس"؛ وسط غابة حراجية كبيرة، أحاطت بها الجبال والوديان، مناخها طبيعي نقي نادر في منطقة "بانياس" الحاضنة لـ"المحطة الحرارية" و"مصفاة بانياس"؛ وهو ما أسهم بزيادة نسبة معمّري القرية لتصل إلى سبعين معمّراً.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "البلوطية" بتاريخ 10 نيسان 2019، والتقت المدرّس "بسام إبراهيم" ليتحدث عن جغرافية القرية، فقال: «تتوسط قريتنا الصغيرة أربعة جبال مرتفعة تحيط بها على مسافات ليست قريبة، كما أنها تقع على سفح جبل "الديمس"، وهو عبارة عن غابة حراجية طبيعية كبيرة جداً أساسها أشجار السنديان والبلوط، وهذا منحها طبيعة وجمالاً خاصاً ميّزها عن بقية القرى المحيطة بها، فأجواؤها نقية جداً وخالية من أي ملوثات تقريباً، بدليل أنه يوجد فيها نحو سبعين معمّراً أعمارهم فوق الثمانين عاماً.

ترجع التسمية بحسب الروايات غير الموثقة إلى وفرة أشجار البلوط فيها ضمن الغابة الحراجية، وفي رواية أخرى يقال إن اسمها الأساسي "حبال هاشم" بحسب أكبر المعمّرين فيها، ومن أقدم العائلات فيها: "آل ونوس" و"آل أسد" و"آل علي" و"آل شاهين" و"آل داوود" و"آل إبراهيم"

يعمل أهالي القرية بالزراعة بمختلف أصنافها؛ كزراعة التبغ والحمّص والعدس والقمح والفول، واعتمدوا أيضاً في وجباتهم الغذائية على النباتات البرية كـ "الهندباء والقرص عنة والبلغصون والخبيزة"، وهذا منحهم بنية جسمانية قوية مكنتهم من متابعة حياتهم الطبيعية على الرغم من تقدمهم في السن، والطبيعة النقية هنا هي الأساس».

المدرّس بسام إبراهيم

وأضاف: «تتميز القرية بتعاون سكانها بعضهم مع بعض باستمرار، والفضل في هذه الظاهرة الإيجابية يعود إلى أجدادنا القدامى الذين كانوا يداً واحدة، وربوا أبناءهم على المحبة والطيبة والعمل الجماعي، ومما تم بالعمل الشعبي من دون تدخل أي جهات من خارج القرية إنشاء صالتي تعزية، إضافة إلى تكفل الأهالي المقتدرين مادياً بتكاليف عزاء أي عائلة منكوبة من دون أي مقابل».

وفي لقاء مع المختار "رفعت أسد" قال: «على الرغم من عزلة القرية عن محيطها بسبب الجبال، وعدم توفر مواصلات نقل عامة فيها، فهي قرية متنورة علمياً، حيث تصل نسبة المتعلمين فيها إلى مئة بالمئة حتى على مستوى المعمّرين الذين تعلموا مبادئ القراءة والكتابة على يد خطيب القرية.

المختار رفعت أسد

وهي تبعد عن مدينة "بانياس" ستة كيلومترات شرقاً، على طريق عام "بانياس - القدموس"، وتعدّ بصرياً قرية مفتوحة على البحر عبر مشهد الوادي فيها، وهذا الوادي مائي يضم مجموعة من الينابيع دائمة الجريان، منها: "نبع صالح" الذي يروي سبعاً وعشرين قرية، ونبع "البيبار"، ونبع "الدنيبية"، ونبع "المقصدة"، ونبع "كاف العسل"، ومع ذلك فهذا الوادي غير مخدم بالطرق المناسبة لاستثماره سياحياً.

وبالنسبة للخدمات التي تحتاج إليها القرية، فإنها تحتاج إلى إنشاء جسر صغير بطول عشرة أمتار يقطع الوادي المائي وصولاً إلى الجهة الشمالية وناحية "العنازة"، لتوفير مسافة سبعين كيلو متراً على الأهالي بين الجهتين الشمالية والجنوبية».

موقع قرية البلوطية على الخريطة

وعن الحدود الجغرافية، تابع المختار: «يحد القرية من الجهة الشمالية "نهر جوبر"، ومن الجهة الشرقية قريتا "خربة كسيح" و"اسقبلة"، ومن الجهة الجنوبية قريتا "التون المرقب" و"تالين"، ومن الجهة الغربية قريتا "كعبية فارش" و"بارمايا".

كما توجد في القرية مواقع تراثية لها قيمتها الاجتماعية والمكانية، منها "كهف البيبار" الذي كان ملجأ أهالي القرية خلال حملات الاحتلال الفرنسي لتجنيد الشباب، والباطوس الحجري لعصر الزيتون الذي ما يزال يستخدم حتى يومنا هذا من قبل الأهالي».

أما المعمّر "اسكندر أسد"، فقال: «لدينا أقدم كرم زيتون في العالم، ولم تتوفر أي معلومة عن عمره الحقيقي حتى عند الأجداد السابقين، يسمى "كرم الديمس"؛ وقد سمعت هذه المعلومة على إحدى الإذاعات البريطانية الرسمية منذ ثلاثة عقود تقريباً، حيث وصفوا مكانه شمال غرب قرية "اسقبلة" بجانب جبل "الديمس"، ويتمز هذا الكرم بتنسيق أشجاره كيفما تم النظر إليها، وكأنها شجرة واحدة من دقة استقامة زراعتها».

ويختم المعمّر "اسكندر" حديثه بتوضيح سبب تسمية القرية وأقدم العائلات فيها، فيقول: «ترجع التسمية بحسب الروايات غير الموثقة إلى وفرة أشجار البلوط فيها ضمن الغابة الحراجية، وفي رواية أخرى يقال إن اسمها الأساسي "حبال هاشم" بحسب أكبر المعمّرين فيها، ومن أقدم العائلات فيها: "آل ونوس" و"آل أسد" و"آل علي" و"آل شاهين" و"آل داوود" و"آل إبراهيم"».