جاب السبعيني "غسان شاكر" سيراً على قدميه جميع أزقة "طرطوس" قاطعاً نحو خمسة عشر كيلومتراً يومياً، يوزع النسخة الورقية لصحيفة "تشرين"، ويبني علاقات طيبة مع جميع المشتركين، حتى بات الرجل الذي يجب أن يدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 تموز 2019، موزع صحيفة "تشرين" اليومية "غسان مشهور شاكر" في منزله، ليحدثنا عن عمله، حيث قال: «توزيع صحيفة "تشرين" في مدينة "طرطوس" جزء من حياتي، بل هو كل حياتي، لكونه استمر نحو أربعين عاماً، وأخذ زهرة شبابي غير مأسوف عليها لأنها كانت ممتعة من مختلف النواحي الصحية والاجتماعية، فلولا مجهود السير اليومي الذي كنت أقضيه خلال عملية التوزيع، لما كنت حتى اللحظة بصحة جيدة، كما أن العلاقات الاجتماعية مع المشتركين كانت غذاء الروح بالنسبة لي، فكنا نسمع تفاصيل حياة بعضنا ونشكو همومنا ونحاول التخفيف منها.

اعتدت قراءة صحيفة "تشرين" المعنونة باسمي يومياً من العم "غسان" الذي لم يغب يوماً عن عمله، حيث كنت أسأله بداية عن الكلمات المتقاطعة إن كان قد اطلع عليها أم لا، واللافت أنه كان يسير على قدميه طوال مدة توزيعه للصحيفة، أي على مدار أربعين عاماً، ولو حسبنا المسافة التي قطعها خلال تلك المدة، لوجدنا أنها ستخوله دخول موسوعة "غينيس" للأرقام القاسية للسير المستمر يومياً

بداية هذا العمل كانت عام 1982، وكانت صعبة جداً ومن دون مردود يتناسب والجهد المبذول، حيث كنت أتسلم الصحف يومياً من موقع "شاطئ الأحلام" جنوبي المدينة، بواسطة شركة النقل السياحية "الكرنك"، ومنها يبدأ مشواري اليومي سيراً على قدميّ، وصولاً حتى مرفأ "طرطوس" وعبوراً بجميع المؤسسات والدوائر والشركات الرسمية؛ قاطعاً ما يزيد على خمسة عشر كيلومتراً ذهاباً وإياباً.

غسان شاكر خلال ممارسته لعمله

وفيما بعد تغير موقع تسلم الصحف إلى حيّ "العريض" بواسطة سيارة نقل خاصة تعبر من "دمشق" إلى مدينة "جبلة"، لتستقر هذه العملية على سيارة نقل تابعة لمؤسسة "الوحدة" للطباعة في الربع الأخير من العقود الأربعة لي في العمل».

وبرأي "غسان شاكر" على الرغم من تطور الإعلام ودخول "الشوشيال ميديا" إليه لم يتغير الشغف للصحف الورقية، وهنا قال: «أذكر في البدايات أن عدد الصحف اليومية الواصلة إلى "طرطوس" وأقوم بتوزيعها يومياً لم يتغير كثيراً عن عددها في الوقت الحالي، حيث كان العدد نحو 460 عدداً؛ أحملها جميعها تحت إبطي وكأنها طفلي المدلل، بينما في الوقت الراهن عددها 410 أعداد، توزع على ذات المشتركين تقريباً في الجهات الرسمية، ولم أشأ تعلم قيادة الدراجة الهوائية أو النارية لتساعدني في عملية التوزيع، وكان همي السير مشياً على قدمي للمحافظة على صحتي وبأجر شهري لا يتجاوز 600 ليرة سورية فقط.

خلال تصفحه للصحيفة اليومية

فكثيرون من المشتركين يملكون الشغف لهذا الملمس الورقي والرائحة الصادرة من تلك الوريقات المتعددة، ولا أذكر أن عدداً صدر ولم أطلع عليه بالكامل، حيث كانت مصدر الخبر الذي ينتظره الناس».

وفي لقاء مع "أحمد علي" العامل في إحدى المؤسسات الرسمية في "طرطوس" والملتزمين بالحصول على صحيفة "تشرين" من الموزع "غسان شاكر" منذ أكثر من عقدين، أكد أن "غسان" أقدم وأول موزع للصحيفة في المحافظة، وتابع: «اعتدت قراءة صحيفة "تشرين" المعنونة باسمي يومياً من العم "غسان" الذي لم يغب يوماً عن عمله، حيث كنت أسأله بداية عن الكلمات المتقاطعة إن كان قد اطلع عليها أم لا، واللافت أنه كان يسير على قدميه طوال مدة توزيعه للصحيفة، أي على مدار أربعين عاماً، ولو حسبنا المسافة التي قطعها خلال تلك المدة، لوجدنا أنها ستخوله دخول موسوعة "غينيس" للأرقام القاسية للسير المستمر يومياً».

توزيع الصحف يومياً سيراً على قدميه

يشار إلى أن "غسان شاكر" متزوج ولديه خمسة أبناء، من مواليد "طرطوس"، عام 1946.