لم تبعدها دراستها الأكاديمية عن تطوير موهبتها الشعرية، فحبُّها الكبير للغة العربية وثقافتُها الواسعة إضافة لامتلاكها رؤيةً نقديةً ومهارةً عاليةً في تدوير الحروف وإحساساً ايقاعياً في البناء الشعري، كل ذلك دفع الشاعرة "مثيرة حسين" لنظم قصائدَ شعرية بلغةٍ أنيقةٍ، امتازت برشاقة التعبير وتنوع المواضيع ما مكنّها من حصد عدة جوائز محلية وعالمية.

مدونة وطن "esyria" تواصلت مع الشاعرة "مثيرة حسين" بتاريخ 2 تموز 2019 لتحدثنا حول بدايتها قائلة: «في جوّ مفعمٍ بالمحبة ضمن عائلة كادحة محبّة للعلم تدفع أولادها نحو التحصيل العلمي ولا تدخر جهداً أو مالاً في سبيل دعم وتنمية مواهبهم، وضمن وسط اجتماعي واعي ومثقف، نشأت وإخوتي في هذا الوسط وسعيت وراء تحصيل علمي جيد، إضافة للاهتمام الكبير باللغة العربية وخاصة الشعر وكانت لي بعض المحاولات المتواضعة في مرحلتي الدراسة الثانوية والجامعية، لكنّ محاولاتي ظلّت طيَ الأوراق لم يطّلع عليها أحد، وبعد نيل الشهادة الثانوية ووفقاً لرغبتي دخلت كلية الهندسة المدنية في جامعة "تشرين" لأتخرجَ منها وتبدأ بعدها مسيرتي المهنية، حيث انصبت معظم جهودي على تطوير مهاراتي في مجال عملي، ما أبعدني عن عالم الأدب والشعر إلى أن دخلت الفضاء الأزرق منذ ما يقارب الخمس سنوات بعد إغناء مخزوني الثقافي والشعري».

أرى في الشعر -قراءة وكتابة- متعةً لا تضاهى، لا يمكن للشعر أنْ يكونَ مباشراً بل لا بدّ أن ترافقه متعةُ الاستكشاف والخوض في بحوره، والشعرُ جمالٌ وغموضٌ محببٌ يبعثان النشوة في القلوب، يلبسُ القارئُ حيرةَ التأويلِ ويحثه عن الدخول في عوالمه الغامضة ليخلق في ملكوت الجمال، والشعر وهجُ الروحِ وتوصيفٌ للهاجس الداخلي، طاقةٌ إبداعيةٌ خلاقة عبر صناعةٍ لغويةٍ بعد امتلاك الموهبة وصقلها للتعبير عن ذواتنا وعن انسانيتنا.. آلامنا وأحلامنا التائهة، عبر إيحاءاتٍ وتخيلاتٍ ترسم بالحروف الفسيفساءَ الأجمل

وبتوصيفها للشعر وعلاقتها به تضيف قائلة: «أرى في الشعر -قراءة وكتابة- متعةً لا تضاهى، لا يمكن للشعر أنْ يكونَ مباشراً بل لا بدّ أن ترافقه متعةُ الاستكشاف والخوض في بحوره، والشعرُ جمالٌ وغموضٌ محببٌ يبعثان النشوة في القلوب، يلبسُ القارئُ حيرةَ التأويلِ ويحثه عن الدخول في عوالمه الغامضة ليخلق في ملكوت الجمال، والشعر وهجُ الروحِ وتوصيفٌ للهاجس الداخلي، طاقةٌ إبداعيةٌ خلاقة عبر صناعةٍ لغويةٍ بعد امتلاك الموهبة وصقلها للتعبير عن ذواتنا وعن انسانيتنا.. آلامنا وأحلامنا التائهة، عبر إيحاءاتٍ وتخيلاتٍ ترسم بالحروف الفسيفساءَ الأجمل».

ديوانها الشعري سنابل الرجاء

وعن مصدر مخزونها الأدبي والشعر الذي تنظمه تتابع قائلة: «في البداية كان للأهل دوراً كبيراً بتوجيهي نحو المطالعة، في تلك المرحلة قرأتُ العديدَ من الكتب المنوعة ما بين علم نفس، وفلسفة، ومختلف صنوف الأدب، عربي وعالمي في مجال الرواية، والشعر والنقد، ما ساعد على إغناء معرفتي الأدبية ومخزوني الثقافي إضافة لتجربة أختي "ميساء" رحمها الله التي كانت تنظم الشعر، لكنّ الفضلَ الأكبرَ يعودُ للصديق الشاعر "محمد عامر الأحمد" بما أفادني به من معلومات ونصائح قيّمة، كل ذلك أدخلني عالمَ الشعرِ بثقة كبيرة بالنفس، فبدأت بكتابة القصيدة الموزونة بفئاتها العمودية، والتفعيلة والومضة، ولي محاولاتٌ متواضعةٌ في كتابة قصيدة النثر غلب عليها الطابع الوجداني الوطني الحزين، انعكاساً لما تتعرض له البلد من حرب هوجاء شرسة».

وحول مشاركاتها الأدبية ودواوينها الشعرية تردف قائلة: «برأيي، إنّ الملتقيات الأدبية لا ترتقي إلى مستوى الطموح لكنني أصرّ على الوجود والمشاركة الدائمة، فهي فرصة للتواصل مع الآخرين، ولي العديد من المشاركات واللقاءات في المركز الثقافي في "طرطوس"، واتحاد الكتاب، إضافة لمشاركتي في المسابقة الشعرية للمهندسين السوريين عام 2016 ونلت فيها المرتبة الثانية، كما شاركت في مسابقات مجموعة القصيدة العالية التي تتم برعاية جريدة "هيرالد" الأسترالية ونلت فيها عدة مراكز، وقد صدر لي مؤخراً مخطوطٌ شعريٌّ، وديوانٌ بعنوان "سنابل الرجاء" عام 2016 وقصائد عدة منها قصيدة "همس الياسمين" أقتبس منها بعض الأبيات:

إحدى الجوائز التي نالتها

على إيقاع زرقتك اكتبيني

الشاعر محمد عامر الأحمد

مجازاً من مقام الياسمين

وغلّي في شغافي ذات ومض

عنادل.. شدوها نجوى اليقي

وزفّي لاحتراقي كنه بحر

يطوّق لجّة الليل الهجين

لأمحو من غدي شبح التَشظّي

إلى أسمال إصباح مهينِ

أجذف بالرؤى رمل انكساري

واحملني على فلكٍ أمينِ

فإن همس المجاز هنا دمشق

فقد صدق الحنين مع الحنينِ».

بدوره الشاعر "محمد عامر الأحمد" يحدثنا حول تجربتها الشعرية قائلاً: «"مثيرة حسين" شاعرة أفتخر بها صديقة، وإنسانة تعرفت عليها في محاولاتها الأولية في كتابة الشعر الموزون العمودي، والتفعيلة، والمحكي لكن هذه المحاولات سرعان ما بدأت تكشف عن شاعرة متمكنة من اللغة ومن أصعب التفعيلات المدوّرة التي تحتاج إلى مهارة عالية وإحساس إيقاعي في البناء الشعري، المفاجأة كانت في إصدارها مجموعة شعرية كانت جنين روحها الأول "سنابل الرجاء" خلال فترة زمنية قصيرة؛ مجموعة شفافة تتحدث عن الأم، والحب، والوطن مجموعة إنسانية بلغة أنيقة لكنها أخذت فرصتها للتأمل والقراءة الجدية بعد إصدارها المجموعة بقليل فأخذت تهتم بالنقد الأدبي، وقراءة الشعر العالمي لتأخذ طريقاً مختلفاً في كتابة الشعر وهو طريق الحداثة بعيداً عن سلفية شعراء العمودي، والتفعيلة إلى حيث يكون الشعر نقياً من الحشو والمألوف سخياً بالصور بشكل متقصد ووافر في ذات الوقت، لم تشارك الشاعرة "مثيرة حسين" في مسابقة أدبية إلا وحصدت أولى المراتب وهكذا انتصرت للشعر الحقيقي ووضعت بصماتها على القصيدة في ائتلاف حقيقي بين اللفظ والمعنى، رافضةً أن يكونَ للشعر منطق ثابت أو تعريف أبدي».

يذكر أن الشاعرة "مثيرة حسين" من مواليد محافظة "طرطوس" عام 1968.