على الرّغم من صعوبة المعيشة التي فرضتها طبيعةُ المنطقة، إلّا أنّ هذه الطّبيعة ذاتَها أكسبت القرية تميّزاً كبيراً من نّاحية تضاريسها، ما أهّلها لتكون موقعاً سياحيّاً مهمّاً في حال توافر بعض الخدمات الضرورية لذلك.

مدونةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 آب 2019 "صافي عسّاف" مشرف المجمع التربوي في منطقة "بانياس"، وهو من أهالي المنطقة ليحدثنا عن الموقع والوضع المعيشي في قرية "بلوسين"، حيث قال: «تقعُ القرية في الجهة الشمالية من مدينة "القدموس"، وتبعد عنها ما يقارب ثلاثين كيلومتراً، وهي تابعةٌ لناحية "الطواحين" من النّاحية الإداريّة، يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر حوالي 1100 متر، كما تحيط بها مجموعة من السّلاسل الجبليّة والقرى والمزارع، منها قرية "بيت جاش" في الجهة الشماليّة الغربيّة، ومن جهة الجنوب قرية "دير الجرد"، ومن الجنوب الغربي تطلّ على وادٍ عميقٍ جدّاً، أمّا من جهة الشّرق فهي محاطة بالسّلسلة الجبليّة الفاصلة بين محافظتي "طرطوس" و"حماة"، ويبلغ عدد السّكان فيها حوالي 800 نسمة، أمّا العائلات فيها فهي بيت "حسين"، و"حبيب"، و"ديبة"، و"اسماعيل"، و"سليمان"، و"محمود"».

تتوافر فيها مجموعة من الخدمات كشبكة الكهرباء وشبكة لمياه الشّرب وخطوط الهاتف، وجميعها يتم تأمينها من بلديّة "دير الجرد" المجاورة، أمّا طرقاتها فهي جبليّة وعرة متعرّجة، وجميعها بحاجة إلى تعبيد بشكل أفضل مما هي عليه في وضعها الحالي، إضافة إلى بعض الطرقات الزراعية، ومن النّاحية التعليميّة ففي القرية مدرسة ابتدائيّة فقط، الأمر الذي يدفع الطّلاب للتوجّه إلى قرى المناطق المجاورة، وهذا ما يترتب عليه أعباءٌ إضافيّةً يتحمّلها الأهالي

ويتابع: «هنا الأراضي الزراعيّة مساحاتها صغيرة جدّاً، وتحتاج طرقات زراعيّة مخدّمة ليتمكّن المزارع من الوصول إلى أرضه، ويعتمد سكّان "بلوسين" على الزّراعة، ويعدّ محصولا القمح والتّبغ من أهم محصولاتها الزّراعيّة، لكن بشكل عام ينخفض مستوى المعيشة فيها، وهذه نتيجة طبيعية فرضتها قسوة البيئة والمناخ، فالقرية واقعة في أعالي جرود "القدموس" التي تفتقر لوجود أنهار وينابيع، ما اضطرّ الأهالي إلى اعتماد الزّراعات البعليّة البسيطة للكفاية، كبعض أنواع الخضروات المنزليّة وبعض أنواع الأشجار، منها التّين والكرمة والرّمان والجوز وغيرها من الأنواع».

بقايا من قصر البنات

وعن الخدمات فيها يقول: «تتوافر فيها مجموعة من الخدمات كشبكة الكهرباء وشبكة لمياه الشّرب وخطوط الهاتف، وجميعها يتم تأمينها من بلديّة "دير الجرد" المجاورة، أمّا طرقاتها فهي جبليّة وعرة متعرّجة، وجميعها بحاجة إلى تعبيد بشكل أفضل مما هي عليه في وضعها الحالي، إضافة إلى بعض الطرقات الزراعية، ومن النّاحية التعليميّة ففي القرية مدرسة ابتدائيّة فقط، الأمر الذي يدفع الطّلاب للتوجّه إلى قرى المناطق المجاورة، وهذا ما يترتب عليه أعباءٌ إضافيّةً يتحمّلها الأهالي».

ويختم حديثه بالقول: «القرية ذات طبيعة جبليّة ساحرة، وهي غنيّة بالغطاء النّباتي الطّبيعي كالسّنديان والبطم والبلّوط، أمّا مناخها فهو لطيف صيفاً وبارد جداً في الشّتاء، بل يمكن القول إنّ شتاءها قاسٍ بكل ما للكلمة من معنى، وهذا الأمر فرضته طبيعة المنطقة المرتفعة جدّاً والغنيّة بثلوجها، هذا المناخ أثّر عبر ملايين السّنين في صخورها القاسية لتحظَى هذه الأراضي بتشكيلات صخريّة مميّزة، قد تشكّل بحال توافر الخدمات والتّرويج المناسب لها مقصداً لمحبّي السّياحة البيئيّة والمسير في الطّرقات الجبليّة وهواة التّصوير».

أ. صافي عساف

وعن تاريخها، ومعنى التّسمية يقول "بسّام وطفة" رئيس قسم التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «"بلوسين" تسمية سريانيّة مركّبة تعني مكان اللوز، وتعني بعل العاطي، والباء ترخيم كلمة بيت، ولُو بمعنى رافق وتابع، وسين إله القمر، وبهذا يكون معنى التّسمية بيت أو مقام الذين يتّبعون أو يرافقون أو يعبدون الإله "سين"، أي بيت عبادة الإله "سين"، يوجد في القرية موقع أثري يسمّى "قصر البنات" يقع ضمن منطقة حراجيّة منحدرة وصخريّة وعرة، وقد تمّت ملاحظة جدران أبنية سكنيّة مهدّمة تماماً، وبالقرب من الحافّة الصّخريّة الموجودة أعلى الموقع هناك جدار ضخم مبني من حجارة كبيرة مشذّبة يعتقد أنّها تعود لمعبد روماني، وتمّت ملاحظة وجود جرن حجري منحوت وبئرين منحوتين في الصّخر الطّبيعي، وفوق الحافّة الصّخريّة يوجد "قصر البنات"، وهو بناء ضخم بقي منه الجدار الشمالي على ارتفاع عالٍ، وخاصّةً الزاوية الشماليّة الغربيّة، ومن المرجّح أنّ هذا القصر يعود للفترة الرّومانيّة».

بلوسين على الخريطة