ضمن العمل التّطوعي في تسجيل الكتب التّعليمية على مختلف أنواعها ومراحلها، ارتسمت خطوط فكرة مبادرة "ضوء"، وجاءت القناعة بالعمل بها لتكون المحرك الأساسي والدافع الأقوى لترسيخ الإيمان بضرورة تأمين فرصاً للتحصيل العلمي للمكفوفين.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 28 تشرين الأول 2019 تواصلت مع القائمين على أعمال مبادرة "ضوء" ومنظميها، ولمست عبر ترددات صوت المهندسة "بتول أبو علي" شغفها وسعيها لمشاركة المكفوفين تحقيق حلمهم، في ظل الظروف الحالية من التّغير المستمر للمناهج، وعدم انتشار مدارس الدّمج، وكذلك عدم توفر أجهزة طباعة "بريل"، فقالت: «منذ عامين خلت؛ ومن خلال تواصلي مع أصدقاء كفيفين لي في مجلس الإعاقة الفرعي في "طرطوس"، حيث كنت عضواً فيه؛ لمست ما عند أصدقائي هؤلاء من روح تحدٍ عظيمة في متابعة دراستهم وتحصيلهم العلمي، وكانت لي فرصة جميلة في اللقاء والتّعرف على مؤسسي جمعية "لون"، ووجدت فيهم الرّمز الحقيقي لهذا التّحدي، فتعرفت على فكرتهم في تسجيل الكتب التّعليميّة صويتاً في الاستديو الخاص الذي اجتهدوا على تجهيزه، وكان هذا أول شعاع يحدد أطر أفكاري، وعلمت أن في "حمص" جمعية "رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة" تمارس عملها في جامعة "البعث"، وتقدم تسجيلاً للمحاضرات وطلبات لطلاب الجامعة نفسها صوتياً، وضمن إطار دعم المكفوفين وضعاف البصر، وأخذت مكاناً بها كمتطوعة لأتجاوز حيز العلم فقط إلى العمل المجدي، كذلك أتاحت لي مواقع التّواصل الاجتماعي توسيع دائرة معرفتي ومشاركتي بالمبادرات ذات نفس المنهج مثل مبادرة "من القلب إلى القلب"، وقد كان لزميلتي في الدّراسة المهندسة "هيا عقاد" نفس المشاركات بمبادرة تسجل الكتب صوتياً، وكذلك كان لنا الأفكار نفسها سواء من حيث الإعلان عن المبادرة ونشرها ودعم المتطوعين والتّفاعل معهم، وكذلك من حيث أرشفة التّسجيلات وتنظيمها، وتدقيقها ورفع معايير الجودة، فانطلقنا نحو أفق رؤيتنا، وحرصنا على تنظيم معايير واضحة تحكم عملنا وتمكننا من توفير التسجيلات للجميع، فكانت بذلك نقطة إطلاق مبادرة "ضوء" لتكون جزءاً من المبادرة الأخرى».

عرفت عن المبادرة عن طريق قريبي المتطوع فيها، ولمست أهميتها، ولفت نظري تميزها وخاصة أسلوب عملها كونها ترفع تسجيلاتها على قنوات اليوتيوب لتكون متاحة للجميع، فها هي الآن بمتناول ما يقارب 150 طالب في شهادة التعليم الأساسي، وستمكنهم من التّقدم لدخول الامتحان بسهولة، وأرى في هذه المبادرة الأمل لكثير من طلابنا، وذلك من خلال التوسع بالعمل لتشمل كل مراحل التعليم

وتتابع المهندسة "بتول" عن مراحل عمل المبادرة: «توجهنا في استقطاب المتطوعين من شرائح الطّلاب وذوي الثّقافة معتمدين على معارفنا وأصدقائنا، وبشكل أساسي على مواقع التّوصل الاجتماعي، فأنشأنا صفحتنا الخاصة، وكذلك المجموعة الخاصة، وقناة يوتيوب، وأعددنا تصاميم ومنشورات مخصصة بالمبادرة؛ تمكننا من التّسويق بالشكل الصّحيح، وقمنا بالنشر الواسع حتى على حساباتنا الشّخصية، ووضّحنا الهدف. وفي نفس الوقت حرصنا على التّوجه إلى الجهات المهتمة بدعم الشّباب السّوري، فكان لنا العدد المشجّع من المتطوعين، تواصلنا معهم مباشرة ليقوموا بتسجيل تجريبي بثلاثة أنماط للغات العربية، والفرنسية، والإنكليزية ووفق معايير المبادرة من نطق سليم، وقراءة صحيحة، ومخارج الحروف السّليمة، وتلوين الصّوت، ووضوح الّتسجيل، وخلوه من الضّجيج. وبعد التدقيق في التّسجيلات ومطابقتها لهذه المعايير يجري قبول المتطوع ويدخل في مجموعة عمل المبادرة، ويباشر العمل وفق ملفات توزيع المهام المضبوطة والموزعة بشكل مجدول ومحدد زمنياً. وقد كان للمبادرة معايير لمتابعة المتطوع معنا من محافظته لمعايير التّسجيل وجودتها والالتزام بجدول العمل، مترافقاً مع المرونة التي نحرص عليها، فنحن نعتمد مبدأ التّطوع في العمل».

شعار مبادرة ضوء

وتكمل المهندسة "هيا عقاد" الحديث عن العمل في مبادرة "ضوء" وتقول: «بعد اختباري والمهندسة "بتول" للتسجيلات من حيث الصوت والمحتوى والدّقة، واعتمادها، نرفع كل مادة على قناة اليوتيوب؛ وضمن قناة خاصة. وحالياً نقوم بتسجيل برنامج الإجازة في الحقوق الخاص بالجامعة الافتراضية، واخترنا الحقوق لمعرفتنا من خلال عملنا السّابق أن العدد الأكبر للمكفوفين هم خريجو حقوق، وخطوتنا الثانية، هي تسجيل كتب الصّف التاسع للعام الدراسي 2020، متضمنة أدلة المعلم والحلول، كون المناهج تتحول من المعلومات النّظرية إلى أنشطة، وبهذا الصّدد نقوم بالتواصل مع مدرسين ومتخصصين، وأخذنا معياراً جديداً وهو التّخصص والتآلف مع المادة العلميّة التي يسجلها المتطوع».

المتطوع "عبود دبرني" تحدث عن خوضه غمار العمل في المبادرة ملخصاً تجربة أغلب المتطوعين بالقول: «الباب الإنساني هو الذي أعطاني إذن الدّخول والتّشرف بعضوية العمل هذا، بالإضافة إلى امتلاكي الاحترام الكبير للمكفوفين، ومعرفتي السّابقة بمدى حاجتهم لهكذا نوع من المبادرات. وهناك سبب يدفعني للمتابعة في تثبيت وجودي ضمن هذا الفريق، وهو انتعاش داخلي يعطيني الإحساس بفعالية وجودي البعيد عن الوجود الرّوتيني أو مسايرة الحياة، ويضيف رصيداً لحياتي افتخر به، وأتشجع له لإحداث تغيير لدى البعض.

المتطوع عبود دبرني

ولا يمكن أن يتجاهل كل منا حلمه في أن يرتقي بمجتمعه للأفضل، وهكذا أعمال، وفي هكذا وقت ضرورة، يجب التّوسع بها أكثر لتؤثر فيمن لديه التّردد للمبادرة بأي عمل إنساني أو عمل يهدف لمزيد من التوعية».

"محمود دبرني" مستشار مبادرة "ضوء" قال: «عرفت عن المبادرة عن طريق قريبي المتطوع فيها، ولمست أهميتها، ولفت نظري تميزها وخاصة أسلوب عملها كونها ترفع تسجيلاتها على قنوات اليوتيوب لتكون متاحة للجميع، فها هي الآن بمتناول ما يقارب 150 طالب في شهادة التعليم الأساسي، وستمكنهم من التّقدم لدخول الامتحان بسهولة، وأرى في هذه المبادرة الأمل لكثير من طلابنا، وذلك من خلال التوسع بالعمل لتشمل كل مراحل التعليم».

من منشورات مبادرة ضوء

تعمل "ضوء" حالياً بفريق مؤلف من حوالي الـ 100 متطوع، وستقوم "الجامعة الافتراضية السّورية" بدعم المتطوعين العاملين في تسجيل مناهج الجامعة، كما تقوم الجامعة بتحميل التسجيلات على المنصة الخاصة بها، لتوسيع الدّعم على شبكة الانترنت بشكل مجاني.