بالاعتماد على الظلّ والنور يقدم الفنان "نايف خضر" لوحاته الفنية بقلم الرصاص، ويوظّف فيها مفهومَ الأنثى بشكل عام تحطيماً للقيود التي تكبح مجتمعاتنا، فهو يعتمد على التدرجات اللونية بفوارقها البسيطة لتوضيح أدق التفاصيل، ويرفدها بومضاتٍ نثريةٍ تأصل الأفكار.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت التشكيلي "نايف خضر" بتاريخ 2 كانون الثاني 2020 ليحدثنا عن بداياته مع الفن التشكيلي، وهنا قال: «بداياتي مع الرسم كانت مختلفة عن بعض أقراني الموهوبين بالرسم أو الأصدقاء الفنانين فيما بعد، فرسمي للأفكار التي كانت تدور في رأسي دون أدنى وعي لما أقوم به، فالدافع حينها كان الحب الكبير لتلك الأعمال الطفولية التي تحولت بفضل دعم مدرس التربية الفنية المهتم بالرسم، إلى نواة حقيقية لموهبة رعاها ونماها وقدم لي المواد الأولية للرسم (ألوان- ورق رسم)، وحينها أشعل شرارة الانطلاقة نحو عالم الفن التشكيلي.

الجرأة الموجودة في لوحاتي وهي حالة من حالات التعبير عن الأنثى التي يتم التعاطي معها بحياء وخجل، وهي جرأة تلامس ما تحمله أحاسيسنا تجاه هذا المخلوق الجميل الذي أعدّه مصدراً حقيقياً لأيّ حالةِ إبداعٍ أو إلهام، ليس للفنّان فقط وإنّما للحياة الوجودية

وأذكر أنّ أولى مشاركاتي الجدية كانت في المرحلة الثانوية ضمن معرض مدرسي، وهذا شجعني على المضي قدماً في المشاركات بالمعارض الجماعية التي كانت بمنزلة مدرسة حقيقية لتنمية المهارات والأفكار والذائقة البصرية ما قبل الدراسة الأكاديمية، فتلاه بفترة قصيرة مشاركة ثانية بمعرض جماعي في المركز الثقافي العربي بمدينة "صافيتا" برفقة ثلاثة فنانين مخضرمين ولهم باعهم الفني، طبعاً أنا من أنصار المشاركات الجماعية التي تغني الجميع، وعليه كان لي أكثر من خمس عشرة مشاركة جماعية في معارض ضمن عدة محافظات منها في "السويداء"، "اللاذقية"، "بانياس"، "جبلة"، "طرطوس القديمة"، "المركز الثقافي العربي بطرطوس" وصالة "عمريت" للفنون التشكيلية، كما أني ملتزم بالمعرض السنوي لمدرسي التربية الفنية في المحافظة».

من لوحاته

ويتابع في توضيح ماهية الألوان التي شدته أكثر من غيرها والسبب في ذلك، فيقول: «تشدني الألوان الدافئة في أغلب الأحيان فترى في لوحاتي اللون البرتقالي ظاهر يحاكي طبيعة الفكرة التي أستنبطها من وحي الواقع، وخاصةً الواقع المؤلم الذي بتنا عليه من عشر سنوات تقريباً، لذلك كان من أهم ما قمت به على السطوح الغرافيكية هو التدرج اللوني للتعبير عن حالات معينة قد تكون مستنبطة بجزء منها من وحي مدرسة معينة، فأمازجها بتدرج لوني آخر ليقترن بمدرسة فنية أخرى، وهذا ينسحب على الظل والنور الشغوف بهما إلى درجة كبيرة كتعبير عن خلجات الذات، وتدرجات اللون في الرصاص والفحم على حد سواء».

كما عَمَد التشكيلي "نايف" إلى تأصيل فكرة اللوحة عبر تقنية الومضة النثرية وتوظيفها لإغناء الذائقة الفكرية، وهنا قال: «ترافق لوحاتي في الغالب ومضات نثرية تخرج من خلجات الذات أثناء تقديم الفكرة على السطح الغرافيكي لونياً، لتكمله بالحرف وتكون قريبة من المتلقي إلى الحد الذي أرغبه، وهذا لأنّ في الغالب يوجد بعض الفنانين يقدمون أفكارهم بأساليب فنية لونية صعبة على المتلقي العادي، على خلاف ما أريده فنياً وهو لجميع المتلقين على حدٍّ سواء».

من لوحاته

وبما أنّ هدفه المتلقي بشكل عام كان له الاهتمام بالفكرة المقتبسة من واقع الحياة، وفق ما أوضحه في حديثه حيث قال: «الرسم بالإحساس حالة فطرية بالنسبة لي، حيث أجسد الفكرة التي التقطها من حياتنا اليومية وفي المدرسة التعبيرية الواقعية بشكل عام، حيث لا أعتمد فيها على الموجود الملموس وإنما المحسوس بالشعور الداخلي، ما يجعلها واقعيةً مقروءةً مفهومةً بعيدةً عن الغموض والحاجة لجهد لقراءتها».

وترى في أغلب لوحات التشكيلي الأنثى بمختلف حالاتها عنصراً أساسياً وكأنها الملهمة وبكل جرأة كما بقية أفكاره، وهنا قال: «الجرأة الموجودة في لوحاتي وهي حالة من حالات التعبير عن الأنثى التي يتم التعاطي معها بحياء وخجل، وهي جرأة تلامس ما تحمله أحاسيسنا تجاه هذا المخلوق الجميل الذي أعدّه مصدراً حقيقياً لأيّ حالةِ إبداعٍ أو إلهام، ليس للفنّان فقط وإنّما للحياة الوجودية».

التشكيلي نايف خضر

وفي لقاء مع التشكيلي "محمود هلهل" قال: «الفنان "نايف" قادرٌ على تصوير الأنثى في مختلف مراحل أنوثتها بكل جرأة، وكذلك تميّز بتنوع استخداماته للخامات اللونية المدرسية، فتارةً نراه يستخدم خامات المدرسة الواقعية وتارةً يستخدم التعبيرية وتارةً يمازج بينهما بكلّ براعة، مقدماً تشكيلاً جميلاً محبباً يجبرك على متابعته بأدق التفاصيل، وهذا دلالة على خبرته التشكيلية الكبيرة التي أكتسبها خلال مراحله الفنية الطويلة، وكذلك تميّز بعطائه المفعم بالحبّ لطلابه وطالبي المعرفة».

يشار إلى أنّ الفنان "نايف خضر" من مواليد مدينة "صافيتا" عام 1967.