جمعت بين الأدب والعمارة فحصدت جوائز وتكريمات عالمية. العمارة تلهمها للكتابة، والكتابة توحي لها بالعمارة، فكانت الجامعة بين العلم والفن، ولم تهمل أحدهما على حساب الآخر.

مدونة وطن "eSyria" التقت المهندسة المعمارية والكاتبة "مرام عباس" بتاريخ 17 نيسان 2020 لتحدثنا عن شغفها الأدبي والمعماري فبدأت بقولها: «كنت أرسم منذ الصغر وأتحسس المباني والشوارع وأي مكان أدخله، وبقي هذا الشغف مرافقاً لي وزاد حبي للتكوينات والمكان بكل تفاصيله، لذلك كان خياري الأول في الدراسة هو الهندسة المعمارية، فشاركت بمسابقة القبول بجامعة "تشرين" وكانت الخطوة الأولى في طريقي، وخلال دراستي في الكلية، ازداد شغفي أكثر بتخطيط المدن وطريقة تكوينها والعلاقة الاجتماعية ما بين المدينة والحياة الاجتماعية، وطريقة عيش السكان نظراً لاهتمامي بالعلوم الاجتماعية.

"مرام عباس" صوت أدبي واعد اكتشفناه في المنتدى خلال الأنشطة التي نقيمها، تتميز بالأسلوب السهل الممتنع، وإذا كانت الكتابة تتطلب الموهبة والجرأة، فإن مرام تمتلكهما - كما أظن - وقد تركت انطباعات جميلة بعد مشاركاتها، أتمنى لها التألق والنجاح

أثناء مرحلة الدراسة عملت على تطوير نفسي وحرصت على أن يكون لمعلوماتي أكثر من مصدر، فبحثت على الانترنت وتواصلت مع منظمات وفعاليات معمارية، واهتممت بالبحث العلمي، وشاركت بمسابقة أجراها مركز "الوفاق" بالتعاون مع وزارة العدل حول العقود الهندسية في مرحلة إعادة الإعمار، فحصلت على شهادة تكريمية من المركز والوزارة عن بحثي "العقود الهندسية حول العالم وأين نحن من مدن 2030" في عام 2015».

مشروع التخرج

وتابعت المهندسة "عباس": «البحث كان يتضمن بنوداً تطويرية للعقود الهندسية في "سورية" بما يتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار، معتمداً على مقارنة بين العقود الهندسية في مختلف دول العالم مثل "الاتحاد الأوروبي والصين، السعودية، مصر والولايات المتحدة الأميريكية"، واستمرت مشاركاتي المعمارية طوال فترة الدراسة الجامعية، فحصلت على المرتبة الثالثة في المسابقة المعمارية التي أجرتها جامعة "تشرين" حول تصميم نصب تذكاري تخليداً للشهداء الطلاب الذي قضوا على يد الإرهابيين عام 2016.

كذلك شاركت بالعديد من الزمالات أون لاين مع عدة جامعات منها جامعة "كوينزلاند" الأسترالية وجامعات "دورهام وباث ولانشستر" البريطانية، ومنظمة "the jacques rougerie foundation" الفرنسية، ومن خلال الزمالات والتواصل مع هذه المنظمات، استوحيت فكرة مشروع التخرج ليكون المشروع الأول من نوعه في "سورية"، وهو تخطيط الواجهة البحرية لمدينة "طرطوس" بهدف حمايتها من ارتفاع مستويات البحار وهي مشكلة بيئية هامة لم يتطرق لها أحد ويجب أخذها بعين الاعتبار، وكان هذا المشروع مترافقاً مع بحث مستقل بعنوان "حماية المدن الساحلية من ارتفاع مستويات البحار - الواجهة البحرية لطرطوس"، وبهذا قد أتممت بحثين علميين بعمر 24 عاماً، ونتيجة لهذا البحث تم اعتمادي كباحث مستقل من قبل منظمة "Research ID" العالمية وتم نشره على منصة المنظمة البحثية العالمية "Academia.edu"، ومنذ أيام، تم تعييني سفيرة من قبل المنظمة المعمارية العالمية "the jacques rougerie foundation" في "سورية"، وهي المنظمة المعنية بحماية المدن الساحلية حول العالم من ارتفاع مستويات البحار».

تخطيط الواجهة البحرية لمدينة "طرطوس"

وأضافت "مرام": «إضافة لعملي كمهندسة معمارية في مجال البناء التصميم والدراسة والتنفيذ، تطوعت مع المجموعة المعمارية "twenty two" للمساهمة بنشر المحتوى المعماري ومساعدة الطلاب والمهندسين على حد سواء، فكتبت العديد من المقالات وترجمت العديد أيضاً، وبعد التخرج شاركت مع المجموعة في معرض "تكنو بيلد" الذي أقيم على أرض "مدينة المعارض" في "دمشق" عام 2018.

وفي عام 2019 أنجزت البحث الثالث "النظريات الثلاث في إعادة الإحياء المديني ما بعد الحداثي: التدمير الخلاق والخلق التدميري، اللعب بإطار الزمان والمكان ونظرية السوق"،

من المشاركة في معرض تكنو بيلد

وشاركت بورقة بحثية منه في "المؤتمر الدولي العملي الأول لإعادة الإعمار بسورية" والذي أقامته كلية العمارة بجامعة "دمشق" بالتعاون مع "المعهد العالي للتخطيط الإقليمي" وحصلت على شهادة تكريمية.

وفي عام 2020، شاركت بالمسابقة المعمارية العالمية لتصميم مبنى الرعاية الاجتماعية والصحية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في "بلغاريا"، وقد نشر المشروع على موقع المنظمة ضمن القائمة النهائية».

ومن الهندسة إلى الأدب والشعر، فعشقها للكتابة ابتدأ منذ الطفولة، فكتبت أول قصيدة عندما كانت في الصف الخامس الإبتدائي متأثرة بالعدوان الصهيوني على "غزة"، وبعدها توالت كتاباتها عن كل شيء؛ المرأة والمجتمع والوطن والتعليم والحب والشباب، وعن هذه الناحية تقول: «أدبياً، كنت بانتظار الفرصة المناسبة، إلى أن وجدت داعمين حقيقين أستطيع القول إنهم اكتشفوني وقدموني لبداية حياة الأدبية عام 2016 وهم "خالد فهد حيدر" مدير مركز "بانياس" الثقافي، والأديبة "لميس بلال" ومن منتدى "بانياس" الثقافي "علي سعادة" و"سمية صالح"، هؤلاء الأشخاص لهم الفضل الكبير في دعم مسيرتي الأدبية ودعم الكثير من المواهب الشابة.

بعدها بدأت مشاركاتي تزداد، ومعها حصلت على شهادات وتكريمات في الأدب، حيث حصلت على المركز الأول بالخاطرة في مهرجان "إبداعات شبابية" عام 2016 وعلى شهادات تكريمية لمشاركاتي بمهرجانات "أزهار نيسان" عام 2016، ومهرجان "إبداعات شبابية" خريف 2017، ومهرجان "عشتار تبدع" في دوراته 2018 – 2019، إضافة لمشاركتي في العديد من الأمسيات الشعرية، كذلك حصلت على المركز الثاني على مستوى العالم العربي بقصيدة النثر في مسابقة أجرتها جريدة "الحرية" المصرية عام 2019، وتم نشر أعمالي في كتاب مشترك لعدة شعراء من العالم العربي تحت عنوان "أقلام عربية"».

وعن مشاريعها المستقبلية قالت: «المشاركة الفعالة في عملية إعادة الإعمار ومتابعة العمل مع المنظمات المعمارية العربية والعالمية، فهدفي الأساسي تحسين المستوى المعيشي على مستوى العالم، وخلق مدن وبيئات مستدامة للعيش، وأن يكون لنا كسوريين تأثير كبير في المجتمع العربي والعالمي، أما على الصعيد الأدبي، أخطط لصدور كتابي "خواطر مراهقة" قريباً».

"خالد حيدر" مدير المركز الثقافي في "بانياس" قال عن "مرام": «هي من المبدعين الشباب الذين تميزوا بمشاركاتهم الشعرية من خلال أنشطة وفعاليات المركز، واتسمت بالابتعاد عن التقليد وبالعمق وروح التمرد.

قدمت بكل ثقة وجرأة إبداعاتها الأدبية وشاركت بحوارات متنوعة في مختلف القضايا التي تهم الإنسان وخاصة السوري في محنه وظروفه، واليوم تخط طريقها بكل ثقة نحو المستقبل من خلال كفاءة علمية هندسية واضحة تظهرها بين الحين والآخر في لوحات فنية مميزة، وأعتقد بأن موهبتها الأدبية ستظل توأمها في كل حين و ننتظر دوماً إبداعاتها».

أما "علي سعادة" من منتدى "بانياس" الثقافي فقال: «"مرام عباس" صوت أدبي واعد اكتشفناه في المنتدى خلال الأنشطة التي نقيمها، تتميز بالأسلوب السهل الممتنع، وإذا كانت الكتابة تتطلب الموهبة والجرأة، فإن مرام تمتلكهما - كما أظن - وقد تركت انطباعات جميلة بعد مشاركاتها، أتمنى لها التألق والنجاح».

جدير بالذكر أن المهندسة "مرام عباس" من مواليد محافظة "طرطوس" مدينة "بانياس" عام 1994.