أحبّت الفنّ بالفطرة، وشدتها أشكال وألوان الموجودات على اختلافها، فانجرفت في مخاطبتها والتعبير عنها بالريشة والرقص المسرحي، لكن عملها مع الأطفال كان بصمتها الكبيرة التي رافقتها في مسيرتها الفنية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الفنانة التشكيلية "رولى أسعد" بتاريخ 17 أيار عام 2020، للحديث عن بدايتها ومكنوناتها من الفنون الجميلة فبدأت حديثها بالقول: «أقمت أول معرض عندما كنت في الصف السابع في قبو منزلي الذي كان باتساع غرفتين، حضره الجيران وأصدقائي والأقرباء وعدد من المربين الذين أشرفوا على تعليمي، كان على بساطته حافزاً قوياً للاستمرار والعمل على التطور أكثر لصقل موهبتي ومحاولة توظيف الفن في الحياة اليومية، ومن هنا بدأت الغوص في عالم الفن التشكيلي فحصدت مراتب متقدمة في المسابقات المدرسية، وكان لمنظمة "شبيبة الثورة" الفضل الأكبر في تأمين بيئة الفن المطلوبة من خلال المخيمات الفنية التي كانت تقيمها للمتميزين في الفن التشكيلي والموسيقا، وانتقائها لمواقع سياحية تبعث في النفس من الجمال ما يفيض كمخيم "بملكة"، و"الكفرون" وغيرها، والتي كانت تختتم بمعرض فني من نتاج أعمالنا بعد أن أمنت لنا المدربين الأكثر كفاءة لنتتلمذ على أيديهم، تعلمت على يد المربي "محمد خليل" الأساسيات الأولى في احتراف الفن، وانطلقت أجمع خبراتي من كل تجربة فنية أخوض غمارها».

الفنانة "رولى" مثابرة ومجتهدة، باحثة عاشقة للفن بكل جوارحها، تعطي بلا حدود في تعليم الرسم

وتتابع عما أنجزته: «بعد أن نلت شهادة الثانوية العلمية التحقت بمعهد إعداد المدرسين قسم العمل اليدوي، ودخلت في صراع بين تحقيق الفن بمعناه النقي، وبين واقع يرفض الفن أو يشجع ويعاقب مواربة كل عمل فني، لكنني بدأت بدراسة اللغة الإنكليزية قسم الترجمة في جامعة "دمشق"، بعد أن باشرت عملي كمدرسة للتربية الفنية بسبب حبي للغة، وانتسبت حينها لفرقة "إنانا" للمسرح الراقص لأنّ التعبيرية بسحرها وبأسلوبها تعبّر عما لم يعبر عنه الفن التشكيلي أو الأدب، وبعد صراعات مع الحياة واستقرار اجتماعي، أقمت معرضاً فردياً جمع لوحاتٍ زيتيةً ومائيةً ورسوماتٍ من مراحل مختلفة مررت بها من خلال رسم البورتريه سواء عن صورة أو بالرسم المباشر، ولاحظت أن وجه الشخص يكشف عما يفكر وما يشعر به ويتغير بتغيرهما، والفنان يضع جزءاً من روحه في كل لوحة ينجزها لتمتزج مع الملامح الأساسية للوحة بانسجام مريح لعين الناظر».

لوحة بعنوان أمنية

وتتابع: «بدأت بعد ذلك بجمع عدد من الفنانات، وإقامة النشاطات الفنية، وتوزيع المهام فيما بيننا، فالمجموعة المتحدة بآلامها وهمومها وطاقتها هي مصدر قوة وحياة، وأهم إنجاز خططت له وحققته هو إنشاء فريق فنانات في عام 2015، حيث كان أول إنجازاته مهرجان "عشتار" السنوي الذي اتخذنا من يوم رأس السنة السورية في الأول من نيسان موعداً يتجدد في كل عام، وبالنسبة لي هذا المهرجان الإنجاز الأهم في الخمس سنوات الماضية بين تخطيط وتنفيذ بمشاركة الفنانة "ميس مصطفى"، وعدد من الفنانات السوريات المقربات مني، وأجمل ما في الأمر أنه كان شرارة الانطلاق الفني للعديد من اللواتي امتلكن الموهبة».

خلال رحلتها مع الفن، كان للطفل حصة منها، وعن ذلك تقول: «خوضي في شخصية الطفل المحب للحركة وغيرتي على تراث أرضنا التي تعمل عجلة العولمة على دهسها وطمسها جعلني اتجه للفنون الشعبية، حيث دربت فرقة فنون شعبية للأطفال، وأنجزت عدة لوحات راقصة إلى جانب ورشات الرسم الجماعية التي جبلت تفكير الأطفال على جمالية نتاج العمل الجماعي المنظم، وأيضاً رسمت لمجلة "أسامة"، ومجلة "الطليعي" عدة رسومات من وحي وبراعة الفنان "ممتاز البحرة"، ودفء كلمات الشاعر "سليمان العيسى" اللذين أورثانا مخيلة مترامية الأطراف.

رسومات مجلة أسامة

وخلال هذه المراحل المتتالية وبناء على طلب من "خالد حيدر" مدير المركز الثقافي في "بانياس" أنجزت لوحة جدارية بعنوان "بانوراما بانياس" على جدار السور الخارجي للمركز خلال صيف عام 2015 بعد أن عكفت عاماً على جمع المعلومات وتحليلها للخروج بلوحات متناسقة تعبر عن المدينة جغرافياً وتاريخياً واجتماعياً وكل ما يميزها منذ بناها الفينيقيون، فأنجزت اثنتي عشرة لوحةً جداريةً نفذت بالأكريليك».

"ميس مصطفى " فنانة تشكيلية قالت عنها: «فنانة مجتهدة ومتمكنة، تملك قلماً قوياً وريشة ساحرة، شخصيتها الطفولية الحالمة تظهر بوضوح في لوحاتها، فتأخذنا لعالم جميل ومثالي باختيارها كل ما هو مميز وممتع للعين والقلب، ترسم بكل الخامات ويلفتني إبداعها في رسم اللوحات المائية، شغفها بالفن واضح لمن يعرفها رغم كل معوقات الحياة وصعوباتها وتربية الأولاد استطاعت تخصيص وقت لفنها».

جدارية المركز الثقافي في بانياس

الفنان التشكيلي "محمد خليل" قال: «الفنانة "رولى" مثابرة ومجتهدة، باحثة عاشقة للفن بكل جوارحها، تعطي بلا حدود في تعليم الرسم».

يذكر أنّ الفنانة "رولى أسعد" من مواليد مدينة "بانياس" 1983.