لا تشتري الأسر في منطقة "عفرين" اللباس لأطفالها حتى يبلغوا الثانية من عمرهم تقريباً فلباسهم خلال هذه الفترة هو عبارة عن هدايا يقدمها الناس لهم بموجب التقاليد الاجتماعية القديمة.
حول هذه العادات تتحدث السيدة "أمينة حمو" من "جنديرس" لموقع eAleppo قائلة: «قبل حوالي 50 عاماً تقريباً كانت هناك مجموعة من العادات والتقاليد القديمة التي تنظم الكثير من الجوانب الاجتماعية في حياتنا وهي عادات قديمة جداً ورثناها عن آبائنا وأجدادنا وما زال الكثير منها ذا تأثير كبير في حياتنا اليومية المعاصرة ومن هذه العادات الشائعة موضوع لباس الطفل العفريني».
إذا كان المولود بكراً ذكراً فإنّ هناك بعض العادات التي كان يجب القيام بها وهي أن يأتي شباب القرية لبيت والد الطفل لأخذ البعض من الدجاجات مع شد أذن عم المولود وأحياناً ركوب والده دون أن يمانع ذلك بموجب العادات والتقاليد
وأضافت: «قبل ولادة الطفل بشهر أو شهرين كانت الأسرة تستعد لاستقبال مولودها القادم من خلال تحضير لباسه الخاص به وكانوا يسمون ذلك /ديارة الطفل/ وكانت "الديارة" مؤلفة من مجموعة من القطع هي: قميص داخلي مصنوع من الشاش الأبيض /"فانيلا"/ وفستان مصنوع من القماش الأبيض الخام يُسمى محلياً /"جيت"/ وهذا الفستان كان مشتركاً بين الذكور والإناث وذلك لعدم معرفة الأهل لجنس المولود مسبقاً عكس هذه الأيام، وفي فترة لاحقة صارت الأمهات يخطن فساتين الأطفال من قماش جديد اسمه "لينو" وهو ذو لون أبيض وتزينه مجموعة من الأشكال الملونة كالنجوم والورود والشجر.
ومن ألبسة الطفل التي كانت الأسرة تقوم بتحضيرها أيضاً ما يُسمى "القنداق" ووظيفته لف الطفل به وهو مصنوع من القماش الأبيض مع رباطته البيضاء والتي تُسمى "القماط"- محلياً، وكانت الأم تقوم بتطريز أطرافه وذلك باستعمال الخيوط الملونة لرسم الورود والطيور وغيرها».
وتابعت السيدة "أمينة" حديثها: «بعد ولادة الطفل وكان ذلك يتم على يد الداية في المنزل كانت العادات تفرض على أهل القرية والجيران زيارة المريضة في بيتها وتهنئتها بالسلامة وتقديم الهدية لطفلها وهي عبارة عن ألبسة متنوعة ومختلفة وبعض القطع القماشية وقوالب من الصابون وغير ذلك، والمعروف بأنّ الهدية المقدمة للطفل كانت تختلف من شخص لآخر وذلك بحسب القرابة وبعض العادات الشائعة فالذي كان يقوم بتسمية الطفل عليه أن يشتري له قطعة ذهبية أو شراء طقم لباس له علماً بأن الأكراد يفضلون تسمية أبنائهم على أسماء آبائهم وأجدادهم والمعروف في المنطقة هو أنه الجد والجدة كانا يقومان بشراء طقم لباس معتبر لحفيدهما وكذلك تعليق قطعة ذهبية من نوع "المحمودية" بشعر الطفل وذلك حتى يبلغ السادسة من العمر».
وختمت: «إذا كان المولود بكراً ذكراً فإنّ هناك بعض العادات التي كان يجب القيام بها وهي أن يأتي شباب القرية لبيت والد الطفل لأخذ البعض من الدجاجات مع شد أذن عم المولود وأحياناً ركوب والده دون أن يمانع ذلك بموجب العادات والتقاليد».
السيدة "خالدة أحمد" من "جنديرس" قالت متحدثة عن هذه العادات في الوقت الحالي: «الكثير من هذه العادات ما زالت تمارس إلى اليوم مع بعض التغيرات البسيطة في الشكليات، اللباس تغير بين الماضي والحاضر فقديماً كان اللباس عاماً ومشتركاً بين جميع الاطفال سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاً لأنه وببساطة لم يكن الناس يعرفون جنسه حتى ولادته عكس هذه الأيام حيث بإمكان الأطباء تحديد هذا الأمر في الأشهر الأولى من الحمل.
اللباس المشترك بين الجنسين كان عبارة عن فستان صغير وخاص يتم خياطته يدوياً من قبل الأمهات أنفسهن ويتكون من قماش خاص يتم شرائه من الباعة الجوالين في الأرياف /العطارين/ أما اليوم فالأم بإمكانها معرفة جنس مولودها قبل الولادة بأشهر ولذلك أصبحت تقوم بتحضير النوع الذي يناسب كل جنس من حيث اللون والشكل.
حالياً تقوم الأم بتحضير ما يسمى بطقم النزلة ويتألف من الألبسة الداخلية للطفل والبودرة والكولونيا والقبوعة بينما الغي "القنداق" من ألبسة الطفل حالياً نتيجة الوعي لأن الأطباء حالياً لا يفضلون فكرة لف الطفل وربطه لما يسبب ذلك له من أضرار جسدية.
وبالنسبة لتقديم الجيران الهدايا للطفل فما زالت موجودة لليوم حيث لا تشتري أي أسرة اللباس لطفلها حتى يبلغ السنتين تقريباً، اما الجد والجدة فما زالا يقدمان للمولود /خاصة إذا كان ذكراً/ هدية معتبرة كقطعة نقدية معاصرة».