في وسط مدينة "حلب" القديمة وبجوار قلعتها الشهيرة يقع حي "البياضة" الأثري والتاريخي، الذي يعدُّ من أهم وأعرق أحياء "حلب"، نظراً لما يتميز به ويحتويه من نسيج عمراني أصيل، إضافة لأهمية موقعه الجغرافي، فهو لا يزال يشكل نقطة التواصل بين مركز المدينة القديمة والقلعة وأحد أبواب المدينة، وهو "باب الحديد" مع باقي الأحياء الأخرى الملاصقة له.

وفيما تباينت آراء المؤرخين عن سبب تسميته بحي "البياضة"، فبعضهم أرجع ذلك لما يحتويه من تربة بيضاء كلسية حوارية في أرضيته قبل أن يتم تبليطها، وقال البعض الآخر إن التسمية جاءت بسبب وجود خان شهير فيه كان مختصاً ببيع البيض، وهذا الخان غير موجود حالياً والكثير من أهالي الحي يتذكرون ذلك الخان قبل أن يندثر، وتنتشر على جانبي الطريق الواصل إليه مجموعة من الفعاليات الاقتصادية والتجارية.

هو أحد الأحياء التاريخية بمدينة "حلب"، خرّج عدداً كبيراً من العلماء والمتميزين في مختلف العلوم، وتوجد بالحي المدرسة الأتبكية التي بناها "شهاب الدين أتاباك" "السلطان محمد العزيز بن السلطان غازي بن صلاح الدين" وله ضريح داخل المدرسة، كما أن "السلطان سليم الأول" دخل الحي من جهة حي "باب الحديد" وقام ببناء جامع "البياضة" عام 1416، ويضم الحي عدة معالم مملوكية وحمامات بياضة ومعالم قبو النجارين. وقبل أن تتوسع مدينة "حلب" ويبنى لها سور آخر كان يحيط بالمدينة، كان يمر بجانبه السور القديم، وهكذا أصبح الحي داخل الأسوار ويقع شمال شرق "قلعة حلب

الباحث الدكتور "نور الدين التنبي" رأى في حديثه لموقع مدوّنة وطنeSyria" " أن تسمية حي "البياضة" جاءت من مهنة تبييض النحاس، فجمع مبيض باللهجة الحلبية بياضة، وكان البياضة ينتشرون في هذا الحي بشكل كبير، وبقي بعضهم موجوداً حتى بداية الأحداث.

أحد البيوت القديمة في الحي

ويتابع: «هو أحد الأحياء التاريخية بمدينة "حلب"، خرّج عدداً كبيراً من العلماء والمتميزين في مختلف العلوم، وتوجد بالحي المدرسة الأتبكية التي بناها "شهاب الدين أتاباك" "السلطان محمد العزيز بن السلطان غازي بن صلاح الدين" وله ضريح داخل المدرسة، كما أن "السلطان سليم الأول" دخل الحي من جهة حي "باب الحديد" وقام ببناء جامع "البياضة" عام 1416، ويضم الحي عدة معالم مملوكية وحمامات بياضة ومعالم قبو النجارين.

وقبل أن تتوسع مدينة "حلب" ويبنى لها سور آخر كان يحيط بالمدينة، كان يمر بجانبه السور القديم، وهكذا أصبح الحي داخل الأسوار ويقع شمال شرق "قلعة حلب».

الدكتور الباحث نور الدين التنبي

ويضم الحي "جامع الصروي" الذي يعود بناؤه إلى العام 780 هجري، 1378 ميلادي، وقد قام بتشييده الحاج "ناصر الدين بن محمد بدر الدين بتلنك الصروي"، وفي العام 1514 أنشأ تتمته "علي بن سعيد الملطي" وجعلها مدرسة ملحقة به.

وهناك جامع "الحموي" الذي أنشأه الحاج "محمد بن داوود النوري المغربي" عام 986 هجري، 1560 ميلادي ودفن فيه، وجدده ووسعه الحاج "حسن بن عبد الرحمن الحموي" وعمّر له منارة طويلة وجميلة على الطراز العثماني، وتذكر الدكتورة الراحلة "نجوى عثمان" في كتابها "الآثار والأوابد التاريخية" عن مدينة "حلب" و"كلس" و"غازي عنتاب" أن جامع "الحموي" يقع في الحي شرق القلعة وعرف الجامع باسم من رممه "الحموي".

وفي المحلة عدد من المساجد والحمامات التي لا تزال موجودة حتى الآن، فضلاً عن مصبغة وقيساريات دُثرت، وفيها زوايا دينية كانت لها شهرتها منها الزاوية "البهادرية" التي بُنيت عام 814 هجري، 1427 ميلادي و"التكية الإخلاصية" -"الرفاعية"- وهي ما زالت قائمة وقد بُنيت حوالي العام 1044 هجري، 1634 ميلادي، ونُسبت إلى الشيخ "إخلاصي الخلوتي" نزيل مدينة "حلب" الذي توفي عام 1074 هجري، وقد أمر بإعمارها الوزير الأعظم "محمد باشا الأرنؤد" حين حضر إلى "حلب" لإصلاح بعض أحوالها فعمرت وأمر بشراء أملاك وقفها عليها.

ومن أوابد حي "البياضة" أيضاً "المدرسة الكلتاوية" التي بنيت عام 787 هجري، 1385 ميلادي، وقد زارها واهتم بها السلطان العثماني "سليم الأول" حين احتل "حلب" في العام 922 هجري، 1516 ميلادي بعد انتصاره على آخر المماليك السلطان "قانصوه الغوري" في معركة "مرج دابق"، ويعدُّ حي "البياضة" من أرفَعِ أَحياءِ حلبَ شُهرةً حيث سكنه العلماء والمُدرِّسون والخُطباء والشعراء والقضاة وأهل الفتوى والنحو.

"صفوان قوقو" من أهالي "البياضة" يقول: «أنا وعائلتي وأهلي من سكان ومواليد حي "البياضة"، يمتاز هذا الحي بجماله وعراقته وجمال طرازه العمراني الحجري القديم، وتعداد خاناته التجارية التي كانت عصب وشريان الحياة الاقتصادية للمدينة، ويعتبر قبلة السياح بعد زيارتهم لقلعة "حلب"، وهو من أهم وأجمل أحياء المدينة القديمة، ويعدُّ صلة الوصل بين القلعة وباقي الأحياء المجاورة وله خصوصيته وعاداته وتقاليده عند أبنائه، ولا تزال بعض دورنا موجودة والبعض الآخر تبدل وتهدم بفعل عوامل الطبيعة والزمن. ويمتاز أهالي الحي بعراقتهم وأصالتهم وحبهم لبعضهم البعض ووقوفهم صفاً واحداً في الأزمات الإنسانية والاجتماعية».

أجريت اللقاءات بتاريخ 21 كانون الثاني 2021.