صغر سنّها لم يمنعها من الخوض في عالم الأدب الذي تهواه، بين قصص قصيرة وشعر ونثر يتنقل قلمها مبدعاً بكل ما يحمله من بلاغة وفصاحة، وبما يملكه خيالها من أفكار أدبية خلاقة تلفت أنظار النقاد، كبر قلمها قبلها، وفي ربيعه أثمر روايتها الأولى؛ لتكون نور الأمل بالنسبة للشباب الموهوبين في الكتابة، ويظنون أن عمرهم الصغير عائق كبير.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكاتبة "آية الشيخ" بتاريخ 29 آذار 2019، فحدثتنا كيف برزت موهبتها وتطورت قائلة: «عندما كنت طفلة طالعتُ قصص الأطفال، لم تكن الكلمات لافتة بقدر صياغة الحبكة، آنذاك أينع الخيالُ في رأسي؛ فإذا ما رأيتُ شجرةً صنعتُ لها في عالمي قصة وقمتُ بنسبها إلى أبٍ وأمٍّ، وفي الخامسة عشرة من عمري شرعتُ بالكتابة، فكانت موهبة الكتابة طفلاً يحبو بين الرّكاكة والجزالة؛ لذا لا بد من تناول ثروة لغويّة تغني لغتي حين الكتابةِ والتّعبير، سمعتُ الكثير عن رواية "فلتغفري" للكاتبة "أثير عبدالله النّشمي"، حيث تناولت روايتها جانباً دراميّاً تراجيدياً، استطعتُ من خلال كتابها أن أنغمس في أدقّ تفاصيل الشّخصيات حتّى تأثّرتُ تأثّراً كبيراً ببناء أبطالها، وعند الانتهاء خرجت من ثورة مشاعر الكاتبة مثقلة بالكثير، وهنا قمت بتفريغ اختلاجاتي على ورقة، مارستُ الكتابة حتى بتُّ أتنفّس الحرفَ، حيث تعمّد الحرف العميق أن يجد له في جعبتي اللغوية حيّزاً كبيراً، واستعنتُ بالتأّملات فتكوّنت البلاغة إلى أن صار طفل الكتابة يافعاً يتعلّم قواعد الوصول إلى حلمِ لقب يحتاج إلى الكثير من الجهد؛ ألا وهو لقب "الكاتبة"، إلى أن وصل وخُطَّ بين دفّتيّ كتاب، ففي البداية بدأت كتابة القصص القصيرة ومنها "رسالة انتحار من الحياة"، حيث حازت هذه القصّة جائزة أفضل قصة قصيرة في اتّحاد الكتّاب العرب، وأقيمت إثرها أمسية أدبية في مديريّة الثّقافة بمدينةِ "درعا"، وهناكَ بعض القصص التي تناولت جوانب اجتماعية تحدثتُ بها عن الفقر والفساد المجتمعي، مثل: "شذرة من واقع"، و"سيمفونية الطّغيان"، "ما قبل الحياة بدقيقتين"، إلى أن توجّهت إلى القصص البوليسية فكتبت "جريمة العقدين"، و"ثقب في الذاكرة "، ولا يمكنني نسيان قامة أدبية قدمت لي جرعات تحفيزية وملاحظات غنية حتى شعرتُ باللغة تتطور وتزهر على يد الكاتب الروائي السوري "محمّد العلي" خير من شجّع حرفي وقلمي، حيث وصفَ أسلوبي بالروائي البحت».

من الكتّاب الذين تأثرت بهم أذكر: "محمد عبدالله الشّريان"، "أدهم الشّرقاوي"، "أثير عبدالله النّشمي"، د."خولة حمدي"، "أجاثا كريستي"، "بولا هوكينز"، والمدرب على المستوى الشخصي الأستاذ "محمد العلي"، أما من درّبني منذ كنت طفلة، فهما أبي د."سامي توفيق الشيخ محمد"، وأمي معلّمة اللغة العربية "ميادة أحمد جورية"، حيث كانا المشجّعان على المستوى الشّخصي والأدبي، صوّبوا لي العثرات، وحقنوا شغفي بالصّبر حدّ الوصول إلى حلمي

وأضافت قائلة: «تعمّدتُ في الكثير من قصصي أن تكون النهايات صادمة بعيدة عن ذهن القارئ وخارج دائرة توقعاته، وبدأت الخطوة الأولى في عالم النّشر بالمشاركة في العديد من الكتب المشتركة، ومنها: "رمق"، "آريس"، "جنون الورق"، "ما انبرى من روحي"، ومن هنا كوّنت حافزاً قوياً جذبني إلى الخطوة الأشدّ صعوبة ألا وهي فكرة الرّواية بإشراف الروائي "محمد العلي"، فقمت بكتابة العمل الرّوائي الأوّل "الصّدف تأتي من الشمال"؛ إذ تحدثت الرّواية عن أثر الصدف في سير حياة البطلة "شغف"، حيث كانت بطلة الرواية طبيبة نفسيّة تعاني من ترسّبات طفوليّة أثّرتْ بسير حياتها لاحقاً، تم نشر الكتاب عن طريق دار "سما" في "الكويت"، حيث توفّرت الرواية في جميع دول "الخليج العربيّ"، وقريباً ستصدر روايتي الثانية؛ وهي رواية في أدب الرعب، وأخرى في مجال الجريمة، كما أنني أكتب بأساليب متعددة كالنّثر والخاطرة، لكن الأسلوب الأقرب إليّ هو الأسلوب السّردي لكونه الأسلوب الملاصق للرّوائيّ، فلا يمكن إتقان مادة أدبيّة روائيّة من دون ممارسة الأسلوب السردي».

الكاتبة آية الشيخ محمد

وتضيف: «من الكتّاب الذين تأثرت بهم أذكر: "محمد عبدالله الشّريان"، "أدهم الشّرقاوي"، "أثير عبدالله النّشمي"، د."خولة حمدي"، "أجاثا كريستي"، "بولا هوكينز"، والمدرب على المستوى الشخصي الأستاذ "محمد العلي"، أما من درّبني منذ كنت طفلة، فهما أبي د."سامي توفيق الشيخ محمد"، وأمي معلّمة اللغة العربية "ميادة أحمد جورية"، حيث كانا المشجّعان على المستوى الشّخصي والأدبي، صوّبوا لي العثرات، وحقنوا شغفي بالصّبر حدّ الوصول إلى حلمي».

الروائي "محمد العلي" قال: «أعرف "آية" منذ أكثر من سنة، حيث كانت تنشر كتاباتها في مجموعة "أدب المجانين"، وكانت تلك محطة التعارف بيننا؛ فقد برزت من بين الحضور من خلال أسلوبها وتفردها وتميزها، وقد لفت نظري دقة أسلوبها وعمق تصويرها وجمال لغتها، فكانت تكتب بروحها قبل قلمها، وتعبر بعقلها قبل لسانها، فعزفت على وتر القلوب المتعطشة لجمال الكلمة وأثرها وتأثيرها، وقد كنت حينئذٍ مستشاراً لدار "سما للنشر والتوزيع" في "الكويت"، فعرضت عليها كتابة رواية ووافقت، وأنجزتها بوقت قياسي قد يعجز عنه أشهر الكتّاب، وقد نجحت روايتها كثيراً لما تحتويه من تشويق لافت وعمق جاذب وسرد محبب، فكانت تلك البداية برواية "الصدف تأتي من الشمال"، وهو عنوان رمزي يحوي دلالات عميقة، وقد وُفقت "آية" في اختيار عنوانها وتوظيفه بأسلوب جميل».

روايتها الأولى "الصدف تأتي من الشمال"

أما المعيد في كلية الأدب عربي "سلمان وزو"، فقال: «أشعر وكأنّ معرفتي بـ"آية" بعمر الذاكرة، ربّما لأنّ لقاءنا بالمبدعين لا يقاس بمنطق الزمن الرتيب، حيث التقيتُها في ظل كلماتها منذ سنة تقريباً كنت حينئذٍ أعمل مدقّقاً لغويّاً لدى دار "سما للنشر والتوزيع" الكويتيّة، وأذكر جيّداً كيف كنت مستاءً في عملي هذا من تدنّي مستوى اللّغة والإبداع عند بعض الكتّاب، إلى أن جاءتني رواية "الصدف تأتي من الشمال" للكاتبة "آية الشيخ"، وقفتُ مأخوذاً بروعة العنوان وغرابته، ومضيت مسحوراً بجمال الرواية من لهفة الفصل الأول إلى شهقة المصادفات في فصلها الأخير؛ لأدرك أن شمال العنوان هو هذه العضلة الخافقة في شمال أجسادنا، والجميل في أسلوب "آية" أنه من السهل الممتنع؛ إذ يأخذ بيد القارئ من حدث إلى آخر ببراعة وتوازن لافت بين عمق المعنى وجمال المبنى، أدهشتني الرواية بلغتها الإبداعية المشحونة بالعاطفة وفيض الإحساس، وقدرتها من خلال الصور الأدبية على الغوص إلى أعماق شخصياتها واستنطاق مكنوناتها بما يسهم في بناء المشهد وتجلي الفكرة، كان سياق الأحداث في الرواية مترفاً بالتفاصيل والمواقف والرؤى، ليكشف لنا عن سعة مخيلة الكاتبة وطول نفسها ومعايشتها أبطالها المحكومين بالمصادفات بكل أفراحهم وخيباتهم، الرواية وإن كانت في مجملها تعالج قصة حب بين "معاذ" والطبيبة "شغف"، إلا أنها في جزئياتها استطاعت أن تسلط الضوء على قضايا كبرى؛ كالتفاني في التضحية، والإسراف في الخيانة وتعدد العلاقات وضرورة اتخاذ القرارات المصيرية، والأمل بالقادم، وبرأيي الرواية ليست خطوة أولى على دروب المستقبل فحسب، بل هي تذكرة حجز تمنح اسم "آية" الشيخ مقعداً دائماً في عالم الأعمال الروائيّة».

الجدير بالذكر، أن "آية الشيخ محمد" تخرّجت في كلية التّربية "معلم صف"، وهي من مواليد "درعا" عام 1996.

الروائي "محمد علي"