ليس فقط نتيجة للانتشار الهائل للتكنولوجيا المعلوماتية، إنما هناك عدة عوامل تجعل الإقبال على الكتاب الإلكتروني يبدو خياراً مفضلاً لدى الكثير من الباحثين عن المعرفة والثقافة، وفي سورية، ورغم المشاكل التي أفرزتها الحرب، إلا أنّ شريحة قراء الكتب إلكترونياً تتزايد من دون أن يواكبها إصدار إلكتروني محلي.

يجمع الكتاب الإلكتروني سمات الكتاب الورقي المطبوع إضافة إلى ميزات أخرى مثل الوسائط المتعددة كالصور الثابتة والمتحركة ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية، والبعض منها ما زالت كتباً غير تفاعلية، أي تقتصر على عرض المعلومات بطريقة تشابه الكتاب الورقي، كما أن إمكانية نشرها عبر الإنترنت تتيح سهولة تداولها وإمكانية استيرادها من أماكن بعيدة بأقل وقت وجهد وتكلفة، مع سهولة فائقة في الوصول إلى المعلومات سواء باستخدام الحاسب أو الهواتف الذكية، إلى جانب أنها تتيح ربط النصوص بالمراجع العلمية التي تؤخذ منها من خلال فتح المرجع الأصلي، ومشاهدة الاقتباس كما كتبه مؤلفه، ما يساعد كثيراً في العملية التعليمية بالأخص للطلاب سواء داخل قاعات الدراسة بإشراف مدرسيهم، أو أثناء عمليات بحثهم العلمي حسب تخصصهم، ووفق "رباب الخيّر" منسقة دمج التقانة بالتعليم في محافظة "اللاذقية" في حديثها لمدوّنة وطن: «لو نظرنا إلى وسائل حفظ المعلومات التقليدية لا نجدها تخرج عن حفظها في الكتب التي تزدحم بها المكتبات، والازدحام بهذا الكم الهائل من الكتب في مجالات المعرفة المختلفة، جعل من التفاعل معها أمراً عسيراً، فما بالنا لو قُدّمت لنا وسائل حفظ جديدة، تستغرق حيزاً أصغر بملايين المرات، وتسهل طرق الحصول على المعلومات والتعامل معها بشكل أكثر تنظيماً ودقةً، ومن هنا نجد أن للكتاب الإلكتروني أهميةً تتجلى في ميادين عدّة، ففي التربية والتعليم أصبحت هذه الكتب ضرورةً ملحةً في ظل ما يعيشه العالم من مستجدات وأوبئة ومسافات شاسعة تقطعت بسبب تفشي الأمراض والفيروسات كما هو حاصل مع "كوفيد 19" وسلالاته التي تتطور بشكل متسارع، وما يرافق هذا من وضع اقتصادي صعب لكثير من الدول حول العالم، بسبب توقف حركة النقل والمطارات وغيرها من الأسباب».

لو نظرنا إلى وسائل حفظ المعلومات التقليدية لا نجدها تخرج عن حفظها في الكتب التي تزدحم بها المكتبات، والازدحام بهذا الكم الهائل من الكتب في مجالات المعرفة المختلفة، جعل من التفاعل معها أمراً عسيراً، فما بالنا لو قُدّمت لنا وسائل حفظ جديدة، تستغرق حيزاً أصغر بملايين المرات، وتسهل طرق الحصول على المعلومات والتعامل معها بشكل أكثر تنظيماً ودقةً، ومن هنا نجد أن للكتاب الإلكتروني أهميةً تتجلى في ميادين عدّة، ففي التربية والتعليم أصبحت هذه الكتب ضرورةً ملحةً في ظل ما يعيشه العالم من مستجدات وأوبئة ومسافات شاسعة تقطعت بسبب تفشي الأمراض والفيروسات كما هو حاصل مع "كوفيد 19" وسلالاته التي تتطور بشكل متسارع، وما يرافق هذا من وضع اقتصادي صعب لكثير من الدول حول العالم، بسبب توقف حركة النقل والمطارات وغيرها من الأسباب

وتضيف: « كما يواجه التعليم بالطرق التقليدية عدداً من التحديات التي تتطلب إمداد عناصر العملية التعليمية البشرية بالمهارات اللازمة لمواجهة التحديات، والعصر الحالي هو عصر تكنولوجيا التعليم والذي أصبح بينه وبين مفهوم تكنولوجيا المعلومات تزاوجاً ضرورياً أدى لظهور أنماطً تعليميةٍ جديدةٍ أطلق عليها المستحدثات التكنولوجية التعليمية، والتي تهدف إلى إكساب المعلمين مهارات التعامل مع هذه المستحدثات، وتغيير نمط ما يقدم للمتعلمين من معلومات، وإمكانية توظيفها والاستفادة منها بحدها الأعظمي، كتأمين مناهج التعليم الرسمية ومصادر التعلم الخاصة بها إلكترونياً، عبر كتب إلكترونية تفاعلية، لتكون متاحةً لهم في أي وقت ومكان وبالمجان، ما يتيح أمامهم فرصة التعرف على مصادر متنوعة من المعلومات بأشكال مختلفة تساعد على إذابة الفروق الفردية بين المتعلمين أو تقليلها، لا سيّما لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين تؤمن لهم الكتب الإلكترونية أدوات كثيرةً تعزز قدرتهم على التعلم والعطاء والعمل، حتى دون الاضطرار للذهاب خارج منازلهم».

تحويل منهاج التربية الموسيقية إلى منهاج تفاعلي

"فرح جديد" طالبة كفيفة، حققت تفوقاً في الشهادتين الإعدادية والثانوية على مستوى الجمهورية العربية السورية، وكرمت من قبل السيدة أسماء الأسد، لها تجربتها مع الكتب الإلكترونية من خلال إحدى المبادرات التي تعرفت عليها عن طريق فيسبوك، ومن خلالها تم تحويل بعض الكتب الورقية المدرسية إلى كتب إلكترونية مسجلة صوتياً، عن هذه التجربة تقول "فرح": «أثناء دراستي في الثالث الثانوي اعتمدت على الكتب الإلكترونية في بعض المواد الحفظية، ومن خلالها تمكنت من الاعتماد على نفسي في الدراسة بشكل كامل بوساطة الاستماع إلى التسجيلات الصوتية للدروس، الأمر الذي انعكس إيجاباً عليّ من الناحية النفسية، وأكسبني المزيد من الثقة بقدرتي على الحفظ عن طريق الاستماع، والآن كطالبة جامعية في كلية الحقوق، أحضر لامتحانات السنة الأولى عن طريق الدراسة من الكتب الإلكترونية في كافة المواد، وقد فتحت أمامي آفاقاً واسعةً، وعززت قدراتي في الاعتماد على الذات، والتخفيف من طلب المساعدة من الأهل والاصدقاء، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في ظل التطور التكنولوجي لا بدّ من مضاعفة الاهتمام بتحويل المناهج الدراسية سواء المدرسية أو الجامعية -بشكل رسمي وجدي- إلى مناهج إلكترونية تفاعلية، لتكون جزءاً من مكتبة صوتية، تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين في متابعة تحصيلهم العلمي بطريقة سلسة، وتكون مرجعاً يمكنهم من الوصول إلى مبتغاهم في أي وقت، دون المرور بأي عقبات تعيقهم».

أما "البتول الخطيب" فقد أدمنت منذ طفولتها قراءة القصص المصورة والمجلات، ولاحقاً بمختلف أنواع الكتب والصحف اليومية، حتى أصبحت القراءة بحسب تعبيرها عنواناً يختصر أحلامها وخيالها، تلجأ إليها كلما أرادت الهروب من الواقع، لكنها اليوم طالبة جامعية لديها الكثير من الالتزامات والتحديات التي تقف عائقاً في كثير من الأحيان بينها وبين رغبتها في اقتناء المزيد من الكتب، وعن هذا تقول: «احتياجاتي اليومية من محاضرات وكتب ومراجع لحلقات البحث ناهيك عن أجور المواصلات فرضت عليّ تكاليف إضافيةً، الأمر الذي جعلني أشعر بالخوف من مجرد التفكير بشراء كتاب ورقي أرغب باقتنائه، فكان التوجه إلى شبكة الإنترنت بالنسبة إلي هو الحل، فمن خلالها أبحث عما أحتاجه من معلومات ومصادر ومراجع تخص دراستي في التاريخ دون تكلفة إضافية ودون بذل مجهود أو هدر للوقت، ولإرضاء شغف القراءة أقوم بالبحث في منصات ومواقع تحميل الكتب الإلكترونية المجانية، وغالباً ما تقودني المصادفة إلى إيجاد كتب نادرة كان من الصعب إيجادها في المكتبات التقليدية، فأحتفظ بها إما على حاسوبي أو هاتفي المحمول لأتصفحها في أوقات الفراغ وأثناء تنقلي بين المحافظات وهذه واحدة من أبرز ميزات الكتاب الإلكتروني أنه يمكن أن يكون بمثابة الصديق في كل زمان وبأي مكان».

على الرغم من هذه الأهمية للكتاب الإلكتروني، ما تزال معظم دور النشر وبحسب استطلاع "مدوّنة وطن" لعدد منها تبتعد عن الإصدارات الإلكترونية، وعن أسباب ذلك يقول الكاتب "قحطان بيرقدار" مدير منشورات الطفل في الهيئة العامة السورية للكتاب ورئيس تحرير مجلة "أسامة": «ثقافة الكتاب الإلكتروني في مجتمعاتنا لم تأخذ فرصتها، وما يزال هناك تعلق بالكتاب الورقي، على الرغم من وجود محاولات لتعزيز الكتاب الإلكتروني ليكون تجارةً رائجةً، لكن الأمر ما يزال في بداياته (ولم يأخذ حقه بعد، وهنا لا بد من ذكر بعض المعوقات التي تواجهها دور النشر منها سوء شبكة الإنترنت (انخفاض السرعة) وهذا أمر أساسي جداً، فتحميل الكتاب إلكترونياً يحتاج إلى شبكة جيدة وسرعة عالية لدى جميع المشتركين، أيضاً هناك مشكلة أخرى متعلقة بالمواقع الإلكترونية التي تصممها دور النشر أو حتى الجهات العامة، فتكون ذات سعة محدودة جداً، تستوعب عدداً محدوداً من الكتب، وتحميلها يرافقه بعض من المشكلات التقنية التي يواجهها المستخدم، أيضاً ثقافة شراء الكتب الإلكترونية لم تتعزز بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها "سورية"، الأمر الذي وقف عائقاً حتى أمام شراء الكتاب الورقي، إذاً على الرغم من بعض المحاولات الفردية، مشكلة الإصدار الإلكتروني للكتب ما تزال في بداية الطريق، وتحتاج إلى خطة وطنية تتبنى هذا النوع من الكتب وتجارته، والأمر برسم اتحاد الناشرين السوريين».