بالعلم والمعرفة والمهارة وخبرة السنين تميز الدكتور "حسن كيالي" بمهامه الطبية في اختصاص الجراحة العامة وزادها تعمقاً من خلال عمله بالمشافي والتدريس بالجامعة، ما وضعه في مقدمة الجراحين محلياً، ومحط أنظار لعدة بلدان عربية وآسيوية للإفادة من خبرته، إضافة لتسلمه أكثر من مهمة علمية، وترأسه أغلب المؤتمرات الداخلية والخارجية، كل ذلك جعل منه أستاذاً ومرجعاً علمياً لطلاب كليته.

ولد الدكتور "حسن كيالي" في عام 1945 في بلدة "كفر تخاريم" التابعة لمحافظة "إدلب" لعائلة مثقفة، حيث شغل والده المحامي "فوزي" منصب وزير الثقافة، ما هيأ له الأرضية المناسبة لمتابعة تحصيله العلمي وتفوقه الدراسي.

الأستاذ الدكتور "حسن كيالي" هو استثناء في عالم الجراحة وكانت علاقتنا معه علاقة أبوية تفوق علاقة أستاذ ومعلم وهي تعتمد على تحرير العقل والتفكير المنطقي ومناقشة كل الأعراف القديمة التي كانت من المسلمات بعملنا الجراحي، فهو مرجع عالمي في الجراحة لأية معلومة ومشرفاً ومتفاعلاً مع طلاب الدراسات العليا للجراحة

أولى خطواته الواثقة كانت في العام 1963 عندما تقدم لامتحان الشهادة الثانوية الفرع العلمي في مدينة "دمشق" ونجاحه فيها بتفوق، رغب بداية بدراسة اختصاص الهندسة وعزز طموحه نجاحه في المفاضلة التي أعلنت عنها السفارة الفرنسية في "دمشق" لتقديم منح دراسة هندسة الكمبيوتر، لكنه اصطدم برفض والده الذي فضل بقاءه إلى جانبه وجانب جده المريض، لتتغير مسيرته العلمية والعودة ثانية للتسجيل ودراسة كلية الطب بجامعة "دمشق"، وهنا بدأت الأفكار لديه تتبدل رويداً رويداً مدركاً لأهمية وقيمة فرعه الجديد من أجل تقديم يد العون والمساعدة للمرضى وتأثره كثيراً بالحالة المرضية لجده وضرورة تقديم العلاج له، فكان أن تابع سنوات دراسته الست بنجاح وتميز، وعن ذلك يقول في حديثه لمدونة وطن: «في كل عام من أعوام دراستي الطبية كنت أحد الطلاب الأوائل في الكلية، وكنت دوماً أنال لقاء ذلك مكافأة مالية مقدارها ألف ليرة كانت كافية لمصاريفي الدراسية، وبعد تخرجي درست اختصاص طب الأطفال لمدة عامين، وفي عام 1970 تقدمت لاختبارات الالتحاق ببعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأميركية في "بيروت" ونجحت فيها بتفوق وتم قبولي وسافرت مباشرة لمدينة "شيكاغو"، حيث التحقت بدراسة اختصاص داخلية لمدة أربعة أشهر، وخلال تلك الفترة حضرت مؤتمراً كان الخلاف فيه حول استخدام الكورتيزون لأحد الأمراض، ففكرت حينها أن الجراحة حلولها أسرع وأنجع وتناسبني أكثر وبدأت دراسة الاختصاص في جامعة "سانت فرنسيس" وانتقلت بعدها إلى "ديترويت" في "ميشيغان" لإكمال دراسة اختصاص "الجراحة العامة" لمدة خمس سنوات، ثم تابعت في ولاية "بنسلفانيا" دراسة جراحة الكولونات كان ذلك في عام 1976وحصلت على شهادة البورد الأمريكي بالجراحة العامة، وعملت بعدها ولمدة عامين بمشفى "ديترويت" لاكتساب الخبرة ولتحسين وضعي المادي، ونجحت خلال ذلك في اختبارات الحصول على البورد الكندي وبقيت في "أمريكا" حتى عام 1978، وكانت تلك آخر خطواتي في المغترب، واتبعتها باتخاذ القرار الهام والحاسم وهو العودة إلى الوطن منطلقاً من حنيني وحبي وعشقي لأهلي وبلدي لتقديم المساعدة والخدمات الطبية للمرضى».

تكريم الدكتور حسن في أحد المؤتمرات

فور عودته التحق بالعمل في مشفى "حلب الجامعي" وتسلم رئاسة قسم الجراحة، وتم تكليفه بتدريس المادة بالكلية أيضاً، وكان حريصاً كل الحرص على الابتعاد عن استلام أي مهام إدارية لكي لا ينشغل عن مهامه العلمية والتي اعتبرها هي الأساس بالرغم من كل المغريات التي عرضت عليه، وكان شعاره أنا جراح ومهنتي علمية وفي غرفة العمليات حصراً وليست خلف المكاتب والهواتف والمناسبات والرسميات، واتبعها برفض كل مغريات السفر التي عرضت عليه وهي كثيرة للعمل خارج حدود الوطن.

وعن التكريم الذي حظي به والمؤتمرات التي حضرها قال: «هي كثيرة، أذكر منها تكريمي أكثر من مرة من قبل رئاسة ونقابة جامعة "حلب"، ونقابتي أطباء "إدلب" و"طرطوس"، ورابطة الجراحين السوريين والرابطة السورية الألمانية للجراحين. حضرت الكثير من المؤتمرات العلمية في الدول العربية والأجنبية، وكنت عضواً مشاركاً ومن مؤسسي الجمعية للجراحين في "مصر" حيث كنت أسافر كل عام لمدة أسبوع لتقديم أبحاث وحضور مؤتمرات جراحية، وكذلك كنت من مؤسسي الرابطة العربية لجراحة الكبد والبنكرياس ومسؤولاً عن التدريب والتأهيل للبورد العربي بدءاً من عام 2003 حتى عام 2013، كما تسلمت رئاسة مؤتمر الجراحين عام 2018، وأفخر بكوني أول طبيب سوري قام بعملية استئصال الكولونات وسرطان المستقيم في الشرق الأوسط عن طريق العجز والعصعص».

القاء محاضرة في احدى الندوات

الدكتور "مراد نيازي" قال: «لي الفخر بأن الدكتور "حسن كيالي" كان مشرفاً ومسؤولاً عن نيلي رسالة الدكتوراه، فهو استطاع أن ينقل سمعة قسم الجراحة في جامعة "حلب" إلى مستوىً غير مسبوق، فعلى الصعيد العربي فتح مجالات للتعاون مع أهم المراكز العلمية في الوطن العربي واستضاف قسم الجراحة قامات علمية عربية للمشاركة في نشاطات ومؤتمرات للمتدربين. وهو من أبرز المؤسسين والمشرفين للمجلس العربي للتخصصات الطبية ولم يقف عند هذا الحد فقد تعداها للعالمية حيث استقطب جراحين عالميين وقدم صورة مشرفة عن مستوى قسم الجراحة سواء كعمليات قام بإجرائها أو كتعليم للمتدربين. وشارك في مؤتمرات عالمية وعربية ومحلية وكان رئيساً لرابطة الجراحة السورية».

فيما قال الدكتور "أحمد غزال": «الأستاذ الدكتور "حسن كيالي" هو استثناء في عالم الجراحة وكانت علاقتنا معه علاقة أبوية تفوق علاقة أستاذ ومعلم وهي تعتمد على تحرير العقل والتفكير المنطقي ومناقشة كل الأعراف القديمة التي كانت من المسلمات بعملنا الجراحي، فهو مرجع عالمي في الجراحة لأية معلومة ومشرفاً ومتفاعلاً مع طلاب الدراسات العليا للجراحة».

طالبه الدكتور مراد نيازي

تم أجراء اللقاءات في عيادته بحي "حلب الجديدة" بتاريخ 27 نيسان من عام 2021.