أطلق اسمه على الدير الذي يقع في أعلى قمة جبل إلى الشمال من بلدة "دارة عزة" غرب "حلب" بـ (45 كم) وشمال شرق "إدلب" بـ (40 كم)، قضى حياته في عبادة الله فوق عمود حديدي، إنه القديس السوري "سمعان العمودي".

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث الأثري "فايز قوصرة" بتاريخ 9/2/2008 الذي تحدث عن حياة الراهب "العمودي" وسبب تسميته بهذا الاسم وقال: «سكن في قمة أحد الجبال وأعد سلسلة من الحديد طولها عشرون ذراعاً، فربط طرفها بصخرة كبيرة والطرف الآخر برجله اليمنى وصرف وقته كله في تأمل الأمور السماوية العلوية، ثم اقتنع بأن منطق العقل كاف ليوثق الجسم فاستدعى حداداً وأمره أن يفك القيد، فذاع ذكره في كل مكان وأقبل عليه الناس يطلبون الشفاء وكانوا يحاولون لمسه لجني البركة فعد هذا الإفراط في التكريم غير مقبول، فطلب من الحداد أن يصنع له عموداً بطول ستة أذرع وبعد حين رفعه إلى اثني عشر ذراعاً ثم إلى اثنين وعشرين وأخيراً إلى ستة وثلاثين ذراعاً وذلك عندما توفي يوم الأحد /26 تموز 459 م/ وهو في الحادي والسبعين من عمره بعدما قضى /37/ سنة فوق العمود يعاني الحر الشديد في الصيف والبرد القارس في الشتاء ولا يتناول من الطعام إلا القليل مرة في الأسبوع ويصوم أربعين يوماً كل سنة دون أن يتناول طعاماً، فحياته طوال هذه المدة معجزة تغلبت فيها الروح على الجسد في سبيل حب الله».

يتألف من مجموعة أوابد أثرية مختلفة الغاية فضلاً عن كنيسة كبرى مثمنة الشكل تتوسطها منسكة عمودية كان يعبد عليها القديس "سمعان" من قبل البناء وهي مفخرة فن "النحت العمراني" السوري في العهد البيزنطي وينسب الجبل والمنطقة بكاملها هناك إلى "سمعان"

وأضاف "قوصرة": «إن السيد المسيح كان يجري المعجزات على يد "سمعان" مثل شفاء المرضى والمقعدين، كما كانت له الكثير من النبوءات التي شهد الناس تحققها، أما عن الصلاة فيقال إنه بقي واقفاً ليل نهار بمرأى من جميع الناس وركع كثيراً وسجد لله وقد أحصى/1244/ ركعة ثم تعب فتخلى عن عدها، وكان عندما يركع تدنو جبهته من أصابع قدميه؛ ذلك لأن معدته لا تتلقى من الطعام إلا القليل مرة في الأسبوع فيسهل على ظهره الانحناء».

جانب من دير "سمعان العمودي"

وعن الدير الذي سمي باسم "العمودي" قال "قوصرة": «يتألف من مجموعة أوابد أثرية مختلفة الغاية فضلاً عن كنيسة كبرى مثمنة الشكل تتوسطها منسكة عمودية كان يعبد عليها القديس "سمعان" من قبل البناء وهي مفخرة فن "النحت العمراني" السوري في العهد البيزنطي وينسب الجبل والمنطقة بكاملها هناك إلى "سمعان"».

وذكر الدكتور "شوقي شعث" في كتابه "قلعة سمعان العمودي" الذي صدر عام /1991/ أن القديس "سمعان العمودي" ولد في عام /392/ م في قرية من قرى "كيليكيا" اسمها "سيسان" شمال شرق "إدلب"، وكان أبواه من رعاة الغنم، وعندما بلغ "سمعان" الثالثة عشرة من عمره مال إلى الترهب فلازم أحد الأديرة، ثم ما لبث أن انتقل إلى غيره من الأديرة رغبة في المزيد من التقشف وشظف العيش، وأضاف: «اشتهر القديس "سمعان" بشفاء المرضى وبأنه مستجاب الدعاء، ومن هنا كان إقبال الناس عليه طلباً للشفاء، ولكن عندما أقبل الناس عليه بكثرة تضايق منهم وبنى لنفسه عموداً عاش فوقه بقية حياته، ويبدو أن هذا العمود تغير عدة مرات، فكان كلما أحس بمضايقة الناس يزيد على ارتفاعه، وقد كان القديس "سمعان" من بين شخصيات العصر البيزنطي الدينية الهامة، فكان يتمتع بنفوذ عالمي، ساعد على ترسيخ ذلك النفوذ أتباعه من بعده، ويعتبره نصارى "حلب" وغيرهم بأنه سيدهم، كما أن المسيحيين "الأرثوذكس" يعتبرون يوم وفاته في 26/7/459 ويوم دفنه في 1 أيلول من العام نفسه في "أنطاكية" من أعيادهم الدينية».

رسمة عن عبادة القديس فوق العامود
من آثار الدير