استطاعت المهندسة "رشا أبو سعدة" خلال عقد من الزمن أن تتبوأ مناصب في "أستراليا" وتحصد جوائز على أبحاثها العلمية وتقدم خدماتها لمئات الشركات.

حول تجربتها وقصة نجاحها في القارة الأسترالية مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 29 كانون الأول 2019 تواصلت مع المهندسة "رشا أبو سعدة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقالت: «كم أفخر بنفسي أنني من مواليد "السويداء"، ولدت ضمن عائلة محبة للعلم، الأب تاجر والأم ربة منزل، بعد أن نلت الثانوية درست في جامعة "دمشق" فرع الهندسة الزراعية، وكان مشروع تخرجي دراسة تخزين عصير العنب وتأثير حرارة التخزين على التعداد الكلي للبكتيريا، وفي عام تخرجي 2007 تزوجت من ابن عمتي "عمر الجرمقاني" المقيم في "أستراليا" وهو مدير لشركة الإعاقة الدماغية فيها، وفي عام 2008 وصلت إلى جنوب "أستراليا" وباشرت تعلم اللغة، وعلى اعتبار أنه لا بدّ من التدريب، عملت في مركز أبحاث بعلوم الأغذية اختبارات ميكروبيولوجية صلاحية فيزيائية وكيميائية، أحدث طرق تعليب وتخزين، فكرت بإضافة بذور "الشيا" للعصير، طبعاً كانوا يقدموا لي مقادير مختلفة وأقدم تجارب على هذا العصير للوصول للمنتج القريب من النهائي، وحين انتهاء التدريب سألتهم إذا كان بالإمكان مساعدتهم فوافقوا طبعاً دون تقاضي راتباً، استمريت على هذه الحالة سنة كاملة من المشاريع والأبحاث والمشاريع الصغيرة على الأسماك وعلى التمر ومشاريع متنوعة، فأتقنت اللغة، واقترح مدير المركز المسؤول عن خمسة عشر باحثاً أن أدرس الماجستير وقال لي بالحرف الواحد: (بشهادتك الحالية لن تصلي إلى مكان، أنت تحتاجين لشهادة أعلى ومن "أستراليا")، لكن الدراسة مكلفة فوق طاقتنا والجنسية لم تكن بحوزتي، فاقترح عليّ المدير البحث عن منح واستمر التحضير للتقدم للمنحة ستة أشهر، حضّرت اقتراحاً لمشروع ماجستير نال الإعجاب وحصلت على المنحة لأنّ الفكرة جديدة، وهي تعديل جو التعليب بسحب الأوكسجين وضخ غاز ثاني أكسيد الكربون والنيتروجن ما يمنع نمو البكتيريا وبالتالي تطيل من عمر المنتج، حازت الفكرة على الإعجاب والدعم لكن الجامعة رفضت أوراقي».

تعد تجربة المهندسة الزراعية المغتربة في "أستراليا" "رشا أبو سعدة" من التجارب المميزة كونها وصلت إلى بلد أجنبي قبل عقد من الزمن واستطاعت بفترة قياسية أن تتبوأ أرفع المناصب وأكثرها حساسية نتيجة لجهدها وحرصها على العلم والمثابرة وحصدت أهم الجوائز التكريمية عن عملها المتقن وأبحاثها العلمية القيمة، وهي تصرح دائماً بما تتمناه يوماً بأن تستطيع العطاء وتقديم ما يفيد بلدها بالخبرة والتقنيات التي تعلمتها، وعلى الرغم من أنها باتت متعايشة ومتأقلمة في "أستراليا" لكن روحها معلقة بوطنها الأم "سورية" وفق ما تؤكده في منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي وما تقوله لكل من يعرفها

وتابعت "أبو سعدة" قائلة: «قابلت أستاذاً مدرساً بالجامعة واقترح ترجمة مشروع تخرجي من جامعة "دمشق"، وبالفعل كان ذلك ولم يأتِ أي رد حتى فقدت الأمل، وضعت طفلتي الأولى وبيومها الثالث والعشرين الذي لن أنساه ما حييت، كنت متعبة من السهر، فجاءني هاتف من عميد الكلية يبلغني بالموافقة وأنه يجب علي أن أباشر بالدراسة حالاً، بدأت الدراسة بطموح أكبر رغم السهر والتعب واللغة الجديدة وأسلوب التعليم المختلف وكدت أفقد الأمل حيث بدا لي الموضوع صعباً جداً، حيث علي تقديم أعمالي لثلاثة مشرفين؛ الأول مدير مركز الأبحاث والثاني دكتور يعمل بالمركز نفسه والثالث هو الدكتور المدرس، وعليّ تقديم أطروحة من سبعة أبحاث، واجهت الصعوبات كوني لم أتخرج من جامعة "أستراليا" أي أن البديهيات للطلاب كانت شيئاً جديداً عليّ وبدأ الفشل يقترب مني، كنت أعود بالقطار بعد مقابلة المشرفين الثلاثة بالدموع وزوجي يقول لي بعد فشل ذريع أمام المشرفين الثلاثة: (تابعي، وما لم تحصلي عليه اليوم تجنيه غداً بالمتابعة والمحاولة وقدمي أفضل ما لديك)، وبالفعل عدت إلى المخبر باليوم التالي وأعدت التجربة وطلبت مقابلة المشرفين فأعجبوا بالنتائج وأعطوني دفعة من التشجيع وبعدها تتالت النجاحات، فأنهيت الأبحاث وتفرغت لكتابة الأطروحة خلال ستة أشهر، وفي عام 2014 صدر قرار تخرجي».

الإعلامي عبد الله قطيني

وأضافت "أبو سعدة": «المفاجأة كانت أن المشرف الأول عرض أول فرصة عمل لي، وهي أن أكون مسؤولة الاختبارات الميكروبيولوجية لشركة عالمية "Obela" فروعها في "أستراليا وأمريكا وتركيا" وأهمية العمل تنبع بخطورة المنتج كونه جاهز للأكل ولا يحتاج للطبخ ونسبة التسمم عالية بمدة صلاحية 75 يوماً، فكانت مهمتي فحص كل دفعة من الإنتاج، ثم عرض علي فرصة عمل بشركة عريقة عمرها أكثر من نصف قرن، بسبب اهتمامهم بمشروع الماجستير لاستعمال تقنية تعدل جو التعليب وتطيل مدة الصلاحية وإيصال المنتج للمستهلك بجودة عالية، كان منصبي تقني داعم، ونتائج أبحاثي تساعدهم بأخذ قرارات مدة صلاحية منتجاتهم وتصديرها، وفي أيار 2015 عرض علي العمل بشركة صغيرة وأصبحت مديرة الجودة والإنتاج، ومهمتي الحفاظ على رخصة الشركة بضمان صلاحية المنتج للمستهلك في نظام عالمي اسمه (HACCP) مع الحفاظ على كل الأوراق والتطبيقات المطلوبة للنظام كل ستة أشهر، فهو يختبر أمام الرقابة التموينية وعلي الدفاع عن الشركة للحفاظ على رخصتها، وفي شباط من عام 2016 عرض علي عمل أهم بكثير وما زلت فيه حتى اليوم منذ أربعة سنوات بمختبر مرخص عالمياً من (NATA) للاختبارات الميكروبيولوجية كيميائية فيزيولوجية ووصفية لكل أنواع الأغذية والماء، يتبع للقطاع الخاص في جنوب "أسترالي" ولكنه منافس لقطاع الدولة، تسلمت نائبة مدير المخبر، وكي تحافظ الشركات على رخصتها يجب أن تقوم بكل الاختبارات المطلوبة، ودون منحهم رخصة من مخبرنا لا يمكنهم توزيع المنتج، وخلال عملي بالمخبر حصلت على خبرة كبيرة بالأخذ بعين الاعتبار أننا نفحص منتجات متنوعة، أعمل ثماني ساعات وخمسة أيام بالأسبوع، ومنذ الشهر التاسع من العام 2007 وأنا موظفة بشركتين؛ المخبر، وشركة للأكل الجاهز، وهناك شركات لي شرف أنني من كتب لهم النظام وأصبحوا مرخصين، رشح مخبرنا لجائزة أفضل تقديم للخدمات من شركات "أستراليا" "آوورد" وترشحت كنائبة المدير ومدير المخبر لاستلام الجائزة بحفل توزيع الجوائز، كتقدير على الخدمات الكثيرة التي نقدمها يومياً للشركات التي يتجاوز عددها 500 شركة».

الكاتب والإعلامي "عبد الله قطيني" بيّن بالقول: «تعد تجربة المهندسة الزراعية المغتربة في "أستراليا" "رشا أبو سعدة" من التجارب المميزة كونها وصلت إلى بلد أجنبي قبل عقد من الزمن واستطاعت بفترة قياسية أن تتبوأ أرفع المناصب وأكثرها حساسية نتيجة لجهدها وحرصها على العلم والمثابرة وحصدت أهم الجوائز التكريمية عن عملها المتقن وأبحاثها العلمية القيمة، وهي تصرح دائماً بما تتمناه يوماً بأن تستطيع العطاء وتقديم ما يفيد بلدها بالخبرة والتقنيات التي تعلمتها، وعلى الرغم من أنها باتت متعايشة ومتأقلمة في "أستراليا" لكن روحها معلقة بوطنها الأم "سورية" وفق ما تؤكده في منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي وما تقوله لكل من يعرفها».

أثناء التخرج

يذكر أن المهندسة "رشا أبو سعدة" من مواليد "السويداء" عام 1984.

م. رشا أبو سعدة في حفل توزيع الجوائز