يُعِدّ "نعمت بدوي" الفن التشكيلي فطرة نمت معه من المراهقة حتى البلوغ، إذ أبدع فيه متأثراً بأبسط عناصر الحياة وأكثرها تواضعاً، معتمداً على تقنيات جديدة استخدامها فشكل بصمة خاصة له في هذا المجال.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان التشكيلي "نعمت بدوي" بتاريخ 11 تشرين الثاني 2017، حيث قال عن بداياته: ‹‹أعدّ الفن التشكيلي فطرة؛ لأنه موجود في المناخ العائلي الخاص بدءاً من خالي "جرجس قصبجي" النحات والفنان الذي كان ينسخ اللوحات العالمية، وصولاً إلى أخي الفنان التشكيلي "بشير بدوي". أولى تجاربي في الرسم بدأت في عام 1973؛ أي في العاشرة من عمري بمحاولات خجولة وأفكار بدائية. كنت أتأثر بأبسط العناصر وأكثرها غموضاً في بداياتي من قبو منزل جدتي وسطح المنزل والمنطقة الشعبية المحيطة به››.

وعن المراحل التي اجتازها، أضاف "بدوي": ‹‹بدأت رسم ما أتخيله كخطوة أولى، لكن خارج نطاق المألوف. وكنت وما زلت أتأثر بالضوء وطبقة الغبار الموجودة على الأجسام (الطبيعة الصامتة).

جبران هداية

وبعد الرسم الارتجالي انتقلت إلى الرسم الواقعي، إذ كنت أرسم ما حولي من عناصر صامتة أو متحركة، كأفراد العائلة أو البيانو أو غيرها، حيث أعطي أحاسيسي لشيء صامت لجعله يتكلم عما يختلج بداخلي من خلال الألوان والتأثير الضوئي››.

وعن مصدر إلهامه أضاف: ‹‹أتأثر بكل شيء؛ الضوء، اختلاف المناخ والفصول، الأماكن المرتفعة والمنخفضة، والأهم الأماكن الغامضة، والأشياء القديمة لمحاولة تذكير الناس بأصالتها، كالثياب التقليدية، والرقصة المولوية، إضافة إلى معالم "حلب".

اللوحة الأولى لنعمت بدوي بالألوان الزينتية

وظيفة الفن التشكيلي برأيي هي الإحياء، وذلك بسبب إمكانياته الواسعة في التعبير››.

إلى جانب عمله كفنان تشكيلي تعمق "بدوي" أيضاً في علم الأيقونات الكنسية، وبهذا الخصوص أضاف: ‹‹كانت الكنيسة منزلي الثاني، لكن الأيقونات البيزنطية كانت مصدر خوف بالنسبة لي؛ وهذا أثر فيّ بطريقة إيجابية. حاولت خلق طريقة خاصة بي في رسم الأيقونات، مع المحافظة على هيكلها القديم، وإضافة روح معاصرة وألوان تناسب العصر الحالي››.

نعمت بدوي وهو يرمم إحدى أيقونات كنائس حلب

وعن المعارض التي شارك فيها، قال: ‹‹شاركت في 13 معرضاً مشتركاً مع أخي الفنان "بشير بدوي" من عام 1982 إلى 2000، إضافة إلى مشاركات جماعية كثيرة مع كبار فناني "سورية"، كما مثلت "سورية" رسمياً في "إيطاليا" عام 2011، إضافة إلى عدة معارض متنقلة ضمن باخرة على امتداد نهر "الفرات"».

وعلى الرغم من تأثره بالأوضاع المحيطة، إلاَّ أنه اختار عدم مواكبة الحرب في "حلب"، حيث قال: ‹‹مع تعاظم قوة الحرب، تعاظمت قوة البناء والاستمرار لدي أكثر. وإلى جانب عملي كفنان تشكيلي ومصمم أيقونات، بدأت أعمال ترميم دور العبادة المتضررة؛ وهي رسالتي كفنان تجاه مدينتي. وتحدياً للحرب فتحت أبواب مرسمي أمام طلابي؛ لتحفيزهم على التمسك بالحياة وتلوينها عن طريق الفن››.

الفنان التشكيلي "جبران هداية" الذي رافق "بدوي" في معظم أعماله، قال عنه: ‹‹في ساحة الفن التشكيلي قليلون من وصلوا إلى مكانة مهمة بسبب أعمالهم الناتجة عن الخبرات الشخصية، و"نعمت بدوي" أحدهم نتيجة التجريب المستمر.

لقد قدم أعمالاً خارجة عن المألوف لم نعتدها، واستفدنا نحن كفنانين من تقنياته الجديدة. وإلى جانب رأيي بأعماله، بإمكاني القول إن وراء الفنان الحقيقي "نعمت" إنساناً حقيقياً؛ وهذا يظهر جلياً في أعماله؛ فهو دائم البحث والقلق لاكتشاف التميز في الحياة والاستفادة منه في فنه، وتقديمه بطريقة مميزة يدرك من خلالها المشاهد أن العمل بتوقيعه››.

يذكر أن الفنان التشكيلي "نعمت بدوي" من مواليد مدينة "حلب"، عام 1963.