الفن غذاؤه الروحي ورسالته الإنسانية التي يحملها في إحساسه وذوقه الرفيع، وجُلّ اهتمامه إظهار الهمّ الإنساني وعناصر الفقر والمشاعر والأحاسيس المتعلقة بها، لكون الفن بمفهومه ذا رسالة ومسؤولية لا بّد من إيصالها بأبهى وأرقى صورة.

الفنان التشكيلي "نزار الحطاب" ذو اللوحات الفنية الرائعة التي تعكس عراقة ريشته، قال في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 أيلول 2018، عن بداياته مع الفن: «أنا ابن محافظة "حلب" الشهباء، درست في مدارسها، وتخرّجت في كلية الفنون الجميلة. أحب الغوص في مفردات الفن التشكيلي والتفرد فيه، ولي منهج خاص قريب جداً من نهج الفنان الكبير "بابلو بيكاسو" لكون تأثيري الأول كان لفنه المستوحى من الأسلوب الطفولي التعبيري، وهو تكرار الوجوه بحالات متعددة، إذ قبل ذلك كنت أرسم الأحياء القديمة وآثارها وصور الحياة الاجتماعية، كما قمت برسم وتوثيق الحياة السريالية والواقعية، حالياً أعمل بصفتي خبيراً قضائياً معتمداً بعلم البصمات والخطوط وكشف التزوير لدى وزارة العدل السورية بعد تخرّجي في معهد الأدلة الجنائية في "القاهرة"، وأيضاً أنا محكّم تجاري، خرّيج المعهد العربي للتحكيم والنسويات البديلة في "عمان"، وعضو المؤتمر العام لاتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، وعضو شرف بالمركز العالمي للفنون التشكيلية، وأيضاً مدرّس الفن وعلم الجمال في مدارس أبناء الشهداء».

الفنان "نزار" قامة من قامات الفن التشكيلي في بلدنا، إذ كان لـ"حلب" النصيب الأكبر من لوحاته وفنه الراقي، له بصمته الخاصة أينما يحل، وهو الإنسان والفنان في زمن قلت فيه الإنسانية. لوحاته التي تسرّ كل ناظر إليها كانت الملهمة لجميع الأطفال الذين أدرّبهم في مرسمي، فكانت تجربتنا الأولى بإحياء فنه في معرض بعنوان: "إحياء الفراشات لفن نزار حطاب" في "الداما روز" بـ"دمشق"، وتم تكريم جميع الأطفال المشاركين فيه

يضيف "الحطّاب": «لم أخشَ صعوبات المجهول، أو أي عائق في اختيار أنواع الحداثة، ولهذا لكل لوحة من أعمالي تحكي قصة مختلفة، وبعضها تعبر عن مسرحيات فيها من الفرح والأمل، وأخرى فيها من المأساة والألم، أعدها لوحات لم تفقد ملامح التحكم على الهيكل والمضمون. أيضاً هناك لوحات تكلمت عن حوادث الألم المجاور، ومظاهر الظلم والقهر، وأتفرد في اختيار الألوان الحكيمة التي فيها الكثير من العدالة الفكرية، وتحكي عن جروح من دون تطبيب، كما كانت المرأة بطلة في لوحاتي؛ لأنني أرى فيها تعبيراً عن كل شيء أستطيع أن أحكي عنه، فهي الوطن والحبيبة والابنة، ومن هنا أتت علاقتي بلوحاتي التي هي علاقة محبّ بحبيبته أو أب بابنته ووطنه، فكان العنصر الأنثوي طاغياً على كافة رسوماتي؛ لأن الأنثى رمز الوطن، والفنان دائماً ما يلجأ إلى المرأة في أعماله الفنية للترميز».

الفنان "نزار" أثناء الرسم

وعن أعماله ومعارضه، قال: «لي مشاركات في العديد من المعارض الرسمية داخل وخارج القطر، نلت خلالها العديد من شهادات التقدير والميداليات، وشاركت بأكثر من 100 معرض جماعي من ملتقيات فنية عالمية، ومن أعمالي المنفذة: جداريات في قاعة الشرف بسدّ "الفرات"، وسدّ "تشرين"، ومديريتي الخدمات الفنية والتأهيل والتدريب في "حلب"، ولي عدد من الأعمال المقتناة في كل من "إيطاليا، وإنكلترا، وألمانيا، وتركيا، والسعودية، ودبي، ومصر، وفرنسا، وأميركا، والكويت، والأردن"، وغيرها».

"تالا محمد العلي" مدرّبة رسم وحساب ذهني للأطفال، قالت عنه: «الفنان "نزار" قامة من قامات الفن التشكيلي في بلدنا، إذ كان لـ"حلب" النصيب الأكبر من لوحاته وفنه الراقي، له بصمته الخاصة أينما يحل، وهو الإنسان والفنان في زمن قلت فيه الإنسانية. لوحاته التي تسرّ كل ناظر إليها كانت الملهمة لجميع الأطفال الذين أدرّبهم في مرسمي، فكانت تجربتنا الأولى بإحياء فنه في معرض بعنوان: "إحياء الفراشات لفن نزار حطاب" في "الداما روز" بـ"دمشق"، وتم تكريم جميع الأطفال المشاركين فيه».

الفنان "نزار" ووزير السياحة "بشر اليازجي"

الفنان والناقد "عبد القادر الخليل"، قال: «يصعبُ على أي مؤرخ أن يضع خطوطاً عريضة عن الفن التشكيلي في "حلب" من دون الإشارة إلى الفنان "نزار حطاب"، إذ كيف يشرح المؤرخ عن فصول الحداثة والتطور التشكيلي في مدينة الشهباء إن لم يقف عند مراحل الفنان "حطاب"، فقد ابتعد عن الطبيعة ليجعل من لوحاته عملية تحليل اجتماعي، ومن تصميماته عمليات التحليل الفكري وبطابع الإحساس الملتزم، واقعي في المشاعر الروحية، يُنضج لوحات بألوان "فوبية"، ويكسيها بإحساس تعبيري، ويقدمها بإطار الرمزية، له حوار ذاتي بين الوجوه والفكرة، بين الظاهر والداخل، حوار يحمل مظاهر الأسى، ولم يجد جواباً مريحاً، ويعود ليُعلل نفسه بآمال بعيدة المدى، صوت الكمنجة لا يصل إلى كل المستمعين، لأن صوت الطبول لا تسمح بأن تتمتع الأرواح بصوت البلابل، فهو الفنان الذي يجيد التحكم على الهيكل والمضمون».

معاون وزير الثقافة السابق "علي القيّم"، قال: «الفن دائماً كان يرافق الأزمات، فالفنان هو أول من يتحسس الواقع وجماليات هذا الواقع، ومنهم الفنان "نزار حطّاب"، إذ لديه في لوحاته مزيج من الحب لتاريخ وحضارة "سورية"، لذا نجد فيها البانورامية، هذا العشق المتجذر في أعماله، وإن بعض الناقدين لفنه يقولون إن لوحاته تتسم بسمة معينة، لكن هذا إن دلّ على شيء، فهو يدلّ على أن له هوية وبصمة خاصة، الألوان المتناسقة بعضها مع بعض في أعماله لها وقع خاص بالنظرة البصرية، وإدخال الطابع الطبيعي والعمراني فيها بطريقة فيها انسجام تشدّ الأنظار».

معرض "إحياء فراشات نزار حطاب" مع المدربة "تالا العلي"

الجدير بالذكر، أن الفنان "نزار حطاب" من مواليد محافظة "حلب" عام 1969، ودرس في مدارس أبناء الشهداء في محافظتي "دمشق" و"حلب".