بتقنية عاليةٍ وخبرة السنين، مارس "خالد عثمان" هوايته المفضلة، حاملاً كاميرته بين يديه، متنقلاً في الملاعب والصالات لالتقاط الصور الفوتوغرافية المميزة، التي تخلد ذكريات الرياضيين بحلوها ومرها، وتفاصيل أبطالها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 15 تموز 2020 المصور الرياضي "خالد عثمان" في محله بحي "الفرقان" ليروي حكايته مع التصوير الفوتوغرافي، فقال: «أحببت الكاميرا والتصوير الفوتوغرافي مع دخولي مرحلة الشباب، وخاصة عندما أقتنى والدي عام 1973 كاميرا صناعة روسية من أحد السياح الروس القادمين لمدينة "حلب"، وكانت ذات وزن ثقيل نوعاً ما، وتتسع لفيلمين بالأبيض والأسود، وكنت أرهق من حملها أحياناً، ووجدتها بذات الوقت فرصة مناسبة لتعلم فن التصوير.

يعدُّ الزميل "خالد" من أقدم مصوري المدينة، ولديه خبرة واسعة، والمعرفة بكيفية التقاط الصور الناجحة، وأنا تعلمت منه الكثير من خفايا التصوير، وهو يملك إحساساً خاصاً ودراية بتصوير الحالة قبل وقوعها نتيجة الخبرة التي اكتسبها في الملاعب والمهرجانات

بدأت بتصوير أفراد عائلتي وجيراني في الحي، وزملائي أثناء الرحلات المدرسية، وطورت طريقة عملي بتصوير فرق الأحياء الشعبية لكرة القدم، وكان كل همي وقتها الإسراع بالتصوير حتى ينتهي الفيلم لأخذه للمختبر كي أرى نتيجة ودقة ما التقطته عدستي، وبعد صدورها كنت أبحث وأدقق في الصور غير الناجحة، وأدرس أسبابها والأخطاء التي وقعت بها لتلافيها مستقبلاً، ورويداً رويداً بدأ حبي لهواية التصوير يتقدم، وكانت الخطوة الثانية بهذا الاتجاه عندما أقدمت على شراء كاميرا روسية أخرى أكثر حداثة ودقة من نوع "زينيت" بمبلغ 2800 ليرة سورية، وبداية رحلتي معها كانت بتصوير أغلب فعاليات دورة "الوفاء" الرياضية الأولى التي استضافتها "حلب"، وخلالها تعرفت على الصحفي الرياضي "عطا بنانة" رئيس القسم الرياضي بجريدة "الجماهير" الذي طلب مني تقديم نموذج عن تصويري، وتم بعدها اعتمادي مصوراً رياضياً للجريدة، وبذات الفترة تعرفت على الصحفي "عبد القادر كويفاتية" الذي كان يعمل بصحيفتي "الأسبوع الرياضي"، و"تشرين"، وتمّ اعتمادي أيضاً مصوراً للقسم الرياضي، وعملت مع صحيفة "السنابل" الحلبية، و"الشرق" اللبنانية، وفي الخطوة الثالثة أقدمت على تطوير كاميرتي وشراء أحدث ما وجد في السوق المحلية، وفي هذه الأثناء توسعت معارفي بالوسط الرياضي أكثر فأكثر، ومع بدايات تأسيس وصدور صحيفة "الرياضية" بـ"دمشق" طلبني مدير مكتب "حلب" الإعلامي المعروف "شعبان خليل" للعمل معهم، وقدمني لرئيسة التحرير الراحلة "مها بدر" التي أعجبت بتصويري لكافة الفعاليات الرياضية، ودعمتني كثيراً، وأثنت على نتاجي، وما زلت أذكر كلماتها أثناء اجتماعها مع المحررين وهي توجهم وتقول لهم لن أقبل نشر أي مادة لا ترافقها صور تدعم وتوثق الحدث الصحفي».

مهارة التصوير بالملاعب

ويتابع عن علاقته مع نادي "الاتحاد"، وأسفاره بالقول: «قصتي مع نادي "الاتحاد" طويلة، وبدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، وهي تنطلق من حبي وعشقي لهذا النادي، ومرافقته في أغلب مبارياته، وخاصة بكرتي القدم والسلة، وفي عام 1992 أحرز النادي بطولة الدوري بكرتي القدم والسلة، وبطولة الأندية العربية بكرة السلة، ووثقت بالتصوير كافة لحظات الفرح والانتصارات في أرض الملعب وعلى المدرجات، وكان بوقتها مدير الفريق الكابتن الراحل "وائل عقاد"، وهو مهتم جداً بالتصوير، وكان أول شيء يسأل عنه أثناء سفر الفريق ضرورة وجود المصور، ووفقت بالموسم نفسه بنيل جائزة أفضل لقطة من الدوري الكروي، وكان محتواها تصوير هدف رأسي للكابتن "محمد عفش" في مرمى نادي "الحرية". كما رافقت الفريق بكافة السفرات الخارجية وعلى نفقتي الخاصة إلى "تركيا"، "المغرب"، "الإمارات"، و"تونس"، وأهم تلك السفرات كانت في عام 2010 إلى "الكويت" عندما أحرز النادي بطولة كأس الاتحاد الآسيوي هناك، وكان بوقتها رئيس النادي الكابتن "محمد عفش" الذي طلب مني توثيق حالة الانتصار الكبير وأفراح جماهير الجالية السورية بدقة، وكلفت بتقديم الصور لموقع النادي الإلكتروني، وموقع الكرة السورية.

وبعيداً عن أجواء الرياضة قمت بتصوير أغلب مهرجانات الأغنية السورية بـ"حلب"، وكذلك حفلات عروض الأزياء، وانتخاب ملكة جمال "حلب"، و"سورية"، وتم تكريمي مرات عديدة في أغلب الاتحادات الرياضية، وأيضاً وثقت بالصور كافة مشاركات وانتصارات نجوم المنتخب الوطني بكرتي القدم والسلة أثناء لعبهم في مدينة "حلب"».

جائزة أفضل لقطة رياضية من موسم 1992

وعن أرشيفه التصويري وعددها، والطرائف التي مر بها يقول: «في أرشيفي آلاف الصور، ومن زمن الأبيض والأسود، ولأغلب لاعبي الرياضة والفنانين السوريين والعرب، حتى أنني عجزت في السابق عن تأمين مكان مناسب لحفظها، أما في الوقت الحالي فتغير الحال وأصبحت كافة الصور محفوظة على فلاشات وأقراص، ما خفف الضغط علينا بطريقة حفظها والعودة إليها عند الحاجة.

هواية التصوير تعتمد على الدقة والمعرفة والخبرة بكيفية اصطياد اللقطة المعبرة والمناسبة التي تخدم الموضوع والحدث، وأنا أحب اللقطة العفوية من دون تحضير أو استعداد مسبق، ونجاح أي صورة يعتمد على ثبات يد المصور، وحسن تقدير المسافة والضوء والظل واختيار الزاوية المناسبة، وأجمل ما في مهنتنا أن الصورة التي نلتقطها تكون صادقة وحقيقية، ولا تكذب ولا يمكن تحريفها أو تأويلها بغير شكلها الحقيقي التي ظهرت عليه، ومن هنا تنطلق محبتنا باستمرار هوايتنا التي تجسد أفراح وأحزان وهموم ومناسبات الناس دون أي تجميل أو تزييف ولا زلت أذكر في إحدى مباريات كرة السلة بين "الاتحاد" و"الوحدة" كيف اندفع نحوي الكابتن "أنور عبد الحي" بقوة وسحب مني الكاميرا، وطلب مني مسح لقطة تصوير تشنجه وانفعاله في أرض الصالة فرفضت طلبه، وبعد المباراة قدم الاعتذار لي عما بدر منه مقدراً مهمتي ومسؤوليتي تجاه الصحيفة التي أعمل بها، وحتى الآن ما زال للصورة أهميتها وقيمتها عند أغلب شرائح المجتمع فهي مرآة لذكرى وتاريخ أيامهم وطفولتهم وشبابهم التي انقضت بسرعة البرق».

تصوير فريق الاتحاد بطل موسم 1992

المصور "محمد حمصي" قال: «يعدُّ الزميل "خالد" من أقدم مصوري المدينة، ولديه خبرة واسعة، والمعرفة بكيفية التقاط الصور الناجحة، وأنا تعلمت منه الكثير من خفايا التصوير، وهو يملك إحساساً خاصاً ودراية بتصوير الحالة قبل وقوعها نتيجة الخبرة التي اكتسبها في الملاعب والمهرجانات».

الصحفي "عبد القادر كويفاتية" من جريدة "تشرين" قال: «علاقتي المهنية بالمصور "خالد" تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً، وهو عمل معي في أكثر من صحيفة، صوره معبرة وناجحة وملبية وتخدم كافة المواضيع التي أرسلها للنشر، ويعدُّ من خيرة مصوري القطر بما يقدمه من نتاج مهني وإعلامي، حيث عمل مع أغلب الصحف والمراسلين المحليين وهو الآن شيخ المصورين».

الجدير بالذكر أنّ المصور "خالد عثمان" يحمل شهادة المعهد المتوسط الهندسي، وهو من مواليد عام 1965 بمدينة "حلب".