بمهارة ورؤية جديدة مختلفة، وبعملية الدمج ما بين الرقعة القماشية والحروف العربية والحاسوب؛ رسم الفنان التشكيلي "حسن مسلماني" لوحاته الفنية مستفيداً من التقنية ومرونة هذه الحروف من حيث سهولة تطويعها وحركة سكونها وجمالها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 أيلول 2020 في حي "العزيزية" الفنان التشكيلي الدكتور المهندس "حسن مسلماني" ليحدثنا عن أعماله وتجربته الفنية التشكيلية قائلاً: «منذ المرحلة الإبتدائية تعلقت بحب وجمال الخط العربي، وحين قاك معلم مادة اللغة العربية بتلك الفترة بخط وكتابة بيتاً شعرياً بطريقة عرض الطبشورة على طول السبورة بالشكل الرقعي، لفت انتباهي وشدني جمال ما كتبه لدرجة أن هذا الفعل ساهم بشكل مباشر في تحفيز الرغبة لدي بالاعتناء أكثر في الخط. ومن ثم كان لابد لي من البحث عن مصادر لهذا النوع من الفن فوجدت ضالتي بعد بحث مضني في بعض مخطوطات المكتبة الوطنية بـ"حلب" فكانت مرحلة تقليد المخطوط، بعد ذلك مرحلة تعلم أوزان وأنواع الخطوط الشهيرة، حيث تسنى لي اقتناء كتاب تعليم الخط العربي للخطاط العراقي "محمد هاشم البغدادي" الذي كان من أهم المراجع، ومن هنا كانت البداية، ولهذا أرى أنه من الأهمية بمكان تحفيز الأجيال الناشئة على إتقان وتعلم فن الخط بشكل مبكر، وذلك من خلال ندوات ودروس وورشات عمل.

شدتني أعمال ورسومات الدكتور "حسن مسلماني"، وخاصة اللوحات الحروفية، وقدم لنا كجيل شاب يهوى الفن التشكيلي تعلم ودراسة هذا النوع من الرسم الفني المبدع

وفي المرحلة اللاحقة اتبعت عدة دورات تخصصية في مركز الفنون التطبيقية، حتى اتقنت كتابة الخط العربي بالشكل الموزون وبأشكاله السبع، تخرجت من المركز وأنا في الصف الأول الثانوي بمشروع تخرج عبارة عن مجموعة لوحات تم عرضها في متحف "حلب" الوطني».

لوحة حروفية بالخط العربي والياباني

ويتابع عن رحلته الفنية: «بعد ذلك تلقيت أول عرض عمل من مكتب الخطاط "محي الدين بادنجكي" الذي كان مدرس الخط في المركز والمجاز من خطاط "حلب" الشهير "إبراهيم الرفاعي".

وفي المرحلة الجامعية تم ترشيحي لتصميم وتنفيذ خطوط العربات المشاركة في مهرجان القطن بـ "حلب" الذي كان يقام سنوياً. أما العمل الذي لا يمكن أن أنساه فكان عام 1987 من خلال إشرافي على تصميم وتنفيذ لوحة التخرج لدفعتنا بكلية الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة "حلب".

خريطة سورية بالحروف العربية

تأثرت برائد الفن التشكيلي الحروفي "نذير نبعة"، وتابعت مشواري ودراستي الفنية لمدة عامين بمركز "فتحي محمد" للفنون التشكيلية، بعدها عملت في نفس المعهد مدرساً لأصول الفن الحروفي والأربيسك وتصميم الفونت العربي الحديث للمحارف العربية، حيث عملت في المعهد على إحداث شعبة خاصة لهذا الفن، وذلك عن طريق تصميم العديد من البرامج الخاصة التي تمكن المتدرب من أن يتعلم ويبتكر أشكالاً جديدة من الخطوط من خلال توظيف البرامج الحاسوبية اللازمة في إنتاج لوحات تشكيلية حروفية للمحترفين».

أما عن رحلته الخارجية، وما أنجزه فقال: «خلال سفري للخارج قمت بالتوازي مع متابعة تحصيلي العلمي بدراسة فنية موازية وتخصصت في مجال تحليل وتصميم الجرافيك كتجميع البيانات الذي يعتبر من الاختصاصات النادرة على صعيد تصميم الفونتات المعتمدة عالمياً. وبدأت أعمالي ولوحاتي الحروفية ترى النور بعد تهافت مراكز الفنون على دعوتي لإقامة معارض تخصصية في الفن التشكيلي الحروفي العربي في المراكز الثقافية التركية في "ألمانيا" لوجود الشغف في تذوق هذا النوع من الفنون لدى الجانب التركي، ثم انسحب ذلك على المراكز والمعارض الألمانية الخاصة.

لوحة الغضب السوري ضد قانون قيصر

ومن خلال أعمالي حصلت على عضوية دائمة لأحد المراكز الفنية التي تعنى بفن الجرافيك الحروفي من مختلف أنحاء العالم، وشاركت في العديد من المعارض الفردية والجماعية في كل من "ألمانيا"، و"النمسا" واستفدت من تجارب فنانين عالميين من "اليابان"، و"الصين"، و"كندا"، و"الولايات المتحدة" من خلال إدخال نمط حروفي جديد هو مزيج من العناصر الحروفية العربية بما فيها التشكيلات الهندسية العربية كالأندلسية والكوفية والفاطمية مع تشكيلات الزخرفة النباتية العربية، والعناصر العالمية الأخرى كاليابانية والصينية القديمة والفارسية واللاتينية، وفي دمجها باللغات الشرقية كالآرامية والسريانية والعبرية، مستفيداً من معرفتي ببعض هذه اللغات القديمة قراءة وكتابة، ومن خلال أبحاث ودراسات مقارنة لمحارف هذه اللغات مع المحارف العربية بكافة مراحل تطورها».

ويتابع عن نشاطاته: «قمت بتنفيذ عشرات اللوحات القماشية والجدارية والنحاسية، والمئات من اللوحات الحروفية مدخلاً عليها الحروف العربية بشكل كامل، والفكرة الحاضرة لدي كانت تبديل الصورة النمطية للخط العربي لإعطائه أهمية بما يمتلكه من حركة تعبيرية وجمالية وحوارية ومرونة لا مثيل لها في محارف اللغات الاخرى. وتوزعت لوحاتي في كل من "سورية"، و"لبنان"، و"ألمانيا"، و"النمسا"، ودول "الخليج والمغرب العربي".

وكنت من أوائل من أدخل مزايا استخدام الحاسب في إنتاج اللوحة التشكيلية الحروفية، وأمارس حالياً الطريقة الحديثة باستخدام برامج وتطبيقات الحاسوب لسهولة توفير المواد الخام وعناصر إنتاج اللوحة وسهولة الحفظ والتخزين الآمن في فضاءات السحب الإلكترونية ويأتي هنا دوري المهني كخبير نظم اتصالات وأمن معلومات في الإسهام والعمل على رفع مستوى المحتوى العربي في الشبكة العنكبوتية العالمية، وذلك من خلال ضخ المئات من أعمالي الفنية في العديد من المواقع العالمية».

الفنان التشكيلي "أحمد كسار" قال: «تابعت وشاهدت الكثير من اللوحات الحروفية للفنان الدكتور "حسن مسلماني"، التي لها وقع وجمال وإبداع مميز، وخاصة بعد أن قام بطريقة ابتكار وإدخال الحاسوب على أعماله، وهذا النموذج لم يسبقه إليه أحد، ولاقى ناجحاً كبيراً، إضافة لمقدرته على تطويع الحروف العربية بشكل ناعم وسلس ضمن لوحاته، وبشكل متداخل مع جمال الألوان، مما أضفى على أعماله طابعاً ورونقاً خاصاً به».

الفنانة "سوزان الحسين" قالت: «شدتني أعمال ورسومات الدكتور "حسن مسلماني"، وخاصة اللوحات الحروفية، وقدم لنا كجيل شاب يهوى الفن التشكيلي تعلم ودراسة هذا النوع من الرسم الفني المبدع».

الجدير بالذكر أن الفنان التشكيلي "حسن مسلماني" من مواليد "حلب" عام 1964، حاصل على شهادة الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وعلى شهادة الدكتوراه بنظم الاتصالات، ويعمل مدرساً في كلية هندسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجامعة "قرطبة" الخاصة.