يعدّ إنتاج غراس الزيتون من المهن الشائعة في "ريف حلب الشمالي"، ويعمل بها مئات المزارعين لكونها عملية مربحة توفر لهم مئات الآلاف من الليرات سنوياً.

مدونة وطن "eSyria" التقت في "جنديرس" بتاريخ 25 كانون الثاني 2016، المزارع "محمد إبراهيم"؛ وهو أحد منتجي هذه الغراس، فقال: «من أكثر الطرائق شيوعاً في إنتاج غراس الزيتون وبمختلف أنواعها؛ طريقة "الهنكار" التي ظهرت وانتشرت منذ فترة التسعينيات من القرن العشرين في منطقة "عفرين"، وقد اتخذها الكثيرون مهنة وعملوا بها ومنهم أنا، وذلك منذ 8 سنوات».

من أكثر الطرائق شيوعاً في إنتاج غراس الزيتون وبمختلف أنواعها؛ طريقة "الهنكار" التي ظهرت وانتشرت منذ فترة التسعينيات من القرن العشرين في منطقة "عفرين"، وقد اتخذها الكثيرون مهنة وعملوا بها ومنهم أنا، وذلك منذ 8 سنوات

وحول الأهمية الاقتصادية لهذه المهنة قال: «ينتج "الهنكار" الواحد ما بين 15-20 ألف غرسة وسطياً في العام الواحد، وتختلف أسعار الغرسات بحسب أوضاع الطرق والطلبات المحلية والخارجية، وفي كل الأحوال لا يقل سعر الغرسة الواحدة عن 50 ليرة سورية، وقد وصل السعر في الموسم الحالي إلى أكثر من 100 ليرة سورية؛ وهذا يعني حسابياً أن المبلغ الذي يوفره "الهنكار" لنا يبلغ وسطياً مليون ليرة سورية، وبعد طرح المصاريف يبقى بحدود 500-600 ألف ليرة سورية.

إبراهيم خليل -مزارع

إضافة إلى تأمين هذه الدخول الموسمية لنا كأصحاب الهنكارات، تساهم الهنكارات في تشغيل اليد العاملة في الريف؛ وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي يعملن بها على مدار ثلاثة أشهر في العام، كما تساهم في تنشيط السوق؛ فنتيجة ظهور هنكارات إنتاج غراس الزيتون ظهرت شريحة من التجار المحليين الذي يعملون في هذه التجارة بين المحافظات السورية والخارج، خاصة إذا علمنا أن عدد الهنكارات في المنطقة تجاوز 500 هنكار».

وقال مضيفاً حول طريقة العمل في الهنكار: «في البداية نقوم بجلب التراب البركاني من محافظة "السويداء" لفرش أرضية الهنكار بارتفاع 50سم، بعدها نقوم بتمديد شبكة من الخراطيم البلاستيكية عبر التربة البركانية وإيصالها بمدفأة ودينامو يقوم بنقل الماء الساخن عبر الخراطيم ليلاً نهاراً ولمدة شهرين مع تغطيته بالنايلون.

جذور الأشجار التي تستعمل في إنتاج غرسات الزيتون

بعد تجهيز الأرضية نجلب عقلاً غضة من أشجار الزيتون ونزرعها في التربة البركانية خلال شهر شباط، لنقوم بتشغيل المدفأة و"الدينامو" لمنح الدفء للتربة؛ وذلك حتى أواخر شهر آذار حيث تنمو هذه العقل، حينها نقوم بإخراجها لزراعتها ضمن أكياس نايلون وضمن مشاتل خاصة.

ومع أن العمل في مجال الهنكار من أكثر المهن المربحة التي توفر مئات الآلاف من الليرات علينا، إلا أن العمل تراجع كثيراً فيها منذ أكثر من سنتين؛ وذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي تحتاج إليه الهنكارات لتحريك المياه الساخنة مدة شهرين متواصلة ونتيجة أوضاع الطرق، لذا لجأنا إلى الطرائق التقليدية البديلة لإنتاج الغراس».

عقل الأشجار التي تستعمل في الهنكارات

كما التقينا المزارع "إبراهيم خليل"؛ الذي حدثنا حول طرائق إنتاج غراس الزيتون بالطرائق التقليدية قائلاً: «بين الفترة والأخرى يحتاج الفلاحون من أصحاب حقول الزيتون إلى عمليات تجديد أشجارهم بسبب مرضها أو وصولها إلى مرحلة الشيخوخة الشجرية وعدم قدرتها على الإنتاج، وغير ذلك، وقد اعتدنا عبر الزمن طرائق عديدة لإنتاج أغراس جديدة وغضة لتتم زراعتها بعد قلع الأشجار المريضة أو الكبيرة بهدف تجديد حقولنا وتنويعها، وزيادة إنتاجنا وتسويقها في السوقين الداخلية والخارجية».

وأضاف: «بعد انقطاع الكهرباء عن المنطقة توقف إنتاج الغراس بواسطة الهنكارات، لجأت كالعديد من المزارعين إلى الطرائق التقليدية في إنتاج الغراس.

الطريقة الأولى تسمى محلياً "كوتك" أو جذور الشجرة المطمورة تحت التراب؛ فبعد قلع الشجرة الكبيرة في العمر أقوم بقطع جذورها إلى عدة قطع صغيرة تنبت منها البراعم الصغيرة.

أضع الجذور في أكياس بعد ملئها بالتراب وسقايتها، خلال فصل الربيع أو الصيف، فتنبت غرسات صغيرة أقوم بتسميدها حتى أربعينية الشتاء التالي، ثم أنقل الأكياس إلى الحقل لزراعتها مكان الأشجار المقلوعة أو بيعها للتجار، وهنا يجب الذكر أنه لا يجوز زرع جذور الأشجار المقلوعة بسبب المرض وخاصة سل الزيتون؛ لأن الغراس الصغيرة حينها تكون مريضة وغير قابلة للحياة.

إضافة إلى الجذور ظهرت طريقة أخرى لإنتاج الغراس؛ وهي الاعتماد على العيدان الطرية التي تمثّل جزءاً أساسياً من أغصان الشجر التي يتم قطعها خلال سنوات حمل المواسم.

خلال عمليات تقليم الأغصان التي تتم عادة في فصل الشتاء أقوم بجمع العيدان الطرية والغضة وأقطعها إلى قطع صغيرة وأضعها في حفر صغيرة بالتراب وأطمرها حتى تبدأ النمو مع بداية فصل الربيع، فأقلعها وأزرعها في أكياس، وذلك حتى الشتاء التالي؛ فإما أزرعها في الحقل أو أبيعها في الأسواق المحلية».

وختم: «المردود من إنتاج الغراس بالطرائق التقليدية أقل من إنتاج "الهنكار"، لكن المعروف أن أسعار الغرسات المنتجة تقليدياً هي أعلى دائماً؛ إذ يبلغ سعر الواحدة منها والمزروعة في الكيس 250 ليرة سورية، وسعر الواحدة المزروعة في "التنكة" 500 ليرة سورية، وبالتالي فإن تسويقها يوفر مبالغ مالية كبيرة علي؛ لذلك أعمل في هذه المهنة وأفضلها على العمل في "الهنكار" بسبب قلة المصاريف».