استطاع "فيصل الناقو" أن يتحدّى صعوبة الأيام بإرادته وصبره لتحقيق هدفه في الوصول بالأعشاب السورية إلى أقاصي الأرض، ويؤسّس تجارته الخاصة في عدد من دول العالم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 آذار 2017 "فيصل الناقو" في "الزاهرة الجديدة" بمدينة "دمشق"، ليتحدث عن قصة نجاحه قائلاً: «ولدت في "ريف حلب" بمدينة "الباب" عام 1979، ضمن أسرةٍ فقيرة مكوّنة من اثني عشر ولداً، تحملتُ المسؤولية مع والدي لمساعدته في حمله الثقيل، حيث كنتُ أجوب الطرقات بائعاً متجولاً في العاشرة من عمري؛ أستيقظ في الرابعة صباحاً وأذهب إلى الفرن لشراء أربعين "ربطة" خبز وأبيعها للناس، وبعدها أذهب إلى المدرسة كأي تلميذ عادي، وعند انتهاء الدوام كانت تنتظرني مهمة أخرى وعمل جديد، وهي بيع صاج من "المعروك"، فأربح فيه عشر ليرات، وقد قضيت وقتاً طويلاً بهذه الطريقة، وبعد سنتين عملتُ مع معلم ألمنيوم وكان العمل شاقاً».

هو شاب خلوق مكافح صبور وعصامي، حصد نتيجة تعبه وتصميمه نجاحاً لافتاً وبسرعة كبيرة؛ فهو قدوة حسنة لجيل الشباب من أمثاله، وأثبت أن لا شيء مستحيل مع الإرادة والتخطيط السليم

ويتابع سرد تفاصيل انطلاقته نحو الحياة العملية بالقول: «انتقلتُ مع أسرتي إلى "دمشق"، وبدأتُ مسيرة الكفاح الجديدة، حيث قمنا باستئجارِ بيتاً صغيراً، وكان فراشنا لمدة مؤلف من "ورق الكرتون"، فكان التحدي كبيراً؛ كنّا نصنع ربّ البندورة في المنزل، وأقوم ببيعه على عربةٍ في شوارع "حيّ التضامن"، كان العمل متعباً جداً، لكنني كنت أوفر نقودي في حصالة حتى استطعتُ تحسين وضع أسرتي الكبيرة، فتزوجت وزوجتُ أخي قبل التحاقي بالخدمة الإلزامية، ولم أتوقف عن العمل الحر وأنا أؤديها، حيث استأجرتُ محلاً لبيع الأعشاب والعطارة في سوق "البزورية"، وكنت أغادر من دوامي ظهراً، وأتجه إلى مكان عملي، وهناك أبدّل ثيابي وأعمل حتى المساء بمساعدة إخوتي، ومرّت الأيام، وكبر طموحي؛ وكنت أرى أبي كيف يشتري "البابونج" من "حلب"، ويبيعه في "دمشق"، فقررت أن أتاجر مثله، لكن بأعشاب لم تكن متوفرة في "سورية"، مثل: "الميرا مكة"، و"الهندي شعيرة"، و"اللبان"، فأصبحت (تاجر شنتة) بين "دمشق والأردن وبيروت"، لكن العثرة كانت برأس المال، فاضطررتُ إلى بيعِ غرفة النوم لأبدأ بثمنها تجارتي، ثمّ وسّعتُ تجارتي وصرتُ أشحن البضاعة بين "دبي" و"مصر"، ثم "الباكستان" و"الهند"».

رجل الأعمال "الناصر"

وتابع: «علاقتي مع التجار ممتازة، حيث أتبع مبدأ: (أنام مظلوماً، ولا أكون ظالماً)، وأساير الأمور إلى أبعد الحدود ومن دون تعقيد؛ فيجب على الإنسان أن يكون بسيطاً مع الناس كي يحصل على المصداقية، سمعتي طيّبة، وكلمتي مسموعة لأنني لم أغشّ أحداً، والتجارة عندي وسيلة للعيش الكريم لا للطمع، ومن هنا كان التوفيق حليفي».

وعن الطريقة التي اتبعها لتوسيع تجارته وصولاً إلى "الهند" مصدراً البهارات والتوابل للعالم، أضاف: «بلدنا هو بلد الخير، والأعشاب الموجودة عندنا من أفضل الأصناف في العالم؛ فالكمّون السوري أصدّره إلى "الهند" ليصنع منه الدواء؛ لجودته وتميزه عن الكمون الهندي نفسه، ومعروف عن "الهند" شهرتها بالتوابل. وأيضاً "حبّة البركة" السورية مطلوبة في "الباكستان" لجودتها.

"الناقو" في أحد محاله

الميزة التي أتمتع بها هي حبي للتخصص، وإيماني بذلك كبير لنجاح أي عمل، وأسعى جاهداً إلى تأسيس شركة أو مصنع لإنتاج مستحضرات التجميل من خيرات بلادي، فنحن نمتلك المقومّات التي تجعل منتجنا أجود وأرخص من المنتجات الموجودة في الأسواق العالمية، لكن هناك عقبات تعترضني، منها: عدم حصولي على شهادة علمية لأتمكّن من ترخيص منشأة باسمي، والظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد، لكن الحلم مستمر، خاصة بعد أن بات لدي سلسلة محال لتجارة الأعشاب في كل من "سورية"، و"إيران"، و"الأردن"، و"دبي"».

رجل الأعمال "وهيب الناصر"، تحدث عن معرفته بالتاجر "فيصل الناقو" بالقول: «هو شاب خلوق مكافح صبور وعصامي، حصد نتيجة تعبه وتصميمه نجاحاً لافتاً وبسرعة كبيرة؛ فهو قدوة حسنة لجيل الشباب من أمثاله، وأثبت أن لا شيء مستحيل مع الإرادة والتخطيط السليم».