أديب ابن "حلب" اعتز بها وافتخرت به استقبلته أديبا وودعته بأكثر من ذلك هو شاعر سهر ليرعى النجوم خارجا من كهف الرماد باحثا عن حرية في الشعر العربي وهو الذي عزف بالكلمات سيمفونية تشرين والتحرير، هو الشاعر العربي الأديب "أحمد دوغان".

الشاعر "دوغان" الذي ولد في "فافين "حلب" عام (1946) وانتقل إلى "حلب" مع عائلته وهو في سن الخامسة ليبدأ فيها مشواره الثقافي عندما درس الابتدائية في مدرسة "أبو بكر الصديق" في منطقة "طريق الباب" ويذكر أنه قد بدأ مسيرته الأدبية إثر تعلمه للكتابة والقراءة وصنع من نفسه أديبا مميزا على الرغم من عدم وجود وجه أدبي أو اهتمام من هذا القبيل في عائلته التي نشأ فيها وهذا ما أكده السيد "محمد عدنان دوغان" شقيقه حين قال متحدثا عن طفولة أخيه:

لعل سفره إلى الجزائر كان المحطة الأهم في حياته إذ أنه استفاد هناك كثيرا بالتواصل مع مجموعة من الأدباء المهيمن وعاد إلى "حلب" بحلة جديدة وليس لي أن أخفي تعلق أخي الأديب أحمد دوغان" بمدينة "حلب" لأنه كان كثير الإعجاب فيها ومتعلقا بها إلى درجة الهيام

«برأيي إن الأديب "أحمد دوغان" أديب بالفطرة إذ أننا لم نشهد في عائلتنا أي توجه أدبي فلم يكن هناك أي أحد يهتم بالشعر أو النثر أو التوجه الأدبي إلا أن "أحمد" كسر تلك القاعدة ورسم شخصيته الأدبية من وحيه، وليس لي أن أذكر كيف بدأ إلا أنني أعتقد أنه مارس الأدب إثر تعلمه للقراءة والكتابة ولم يكن يفاخر بنتاجه كثيرا بل كان يخفيه أحيانا عنا إذ يقول أن بإمكانه إنشاء ما هو أعظم وأضخم حتى نشر له أول ديوان شعري إذ راح يوزعه على أقاربه وأصدقائه».

عبد القادر ومحمد وحمزة دوغان.

وكان "الدوغان" قد تابع مسيرته العلمية في "حلب" متنقلا بين مدرسة "المأمون" من ثم "المعري" ليتمّ دراسته في معهد إعداد المدرسين قسم اللغة العربية ويتخرج منه عام (1970) ويبدأ مشواره مع التدريس إذ درس اللغة العربية في عدد من مدارس "حلب" حتى انتقل على سبيل الإعارة إلى التدريس في"الجزائر" ذلك عام (1977) لينشر هناك مجموعة من أهم كتبه الأدبية فكان له هناك (مقالات عن أدبنا المعاصر – الولادة الجديدة والصحو – الصوت النسائي في الأدب الجزائري والمعاصر – أنا الشهيد وهذه حكايتي – الصرصور والنملة – شخصيات من الأدب الجزائري) وعن هذه المرحلة يضيف السيد "محمد عدنان دوغان" شقيق الأديب فيقول: «لعل سفره إلى الجزائر كان المحطة الأهم في حياته إذ أنه استفاد هناك كثيرا بالتواصل مع مجموعة من الأدباء المهيمن وعاد إلى "حلب" بحلة جديدة وليس لي أن أخفي تعلق أخي الأديب أحمد دوغان" بمدينة "حلب" لأنه كان كثير الإعجاب فيها ومتعلقا بها إلى درجة الهيام».

وفي حدث له للموقع يفيدنا السيد "عبدو محمد" رئيس اتحاد كتاب العرب في "حلب" متحدثا عن الأديب "الدوغان" فيقول: «لقد كان الأديب "أحمد دوغان" كثير التواجد في اتحاد كتاب العرب وقد كان نشطا بشكل كبير على الرغم من الوهن الجسدي الذي رافقه طيلة السنوات الأخيرة فقد كان يشارك في الأمسيات والمحاورات والمحاضرات الأدبية والثقافية إضافة إلى أنه قدم نتاجا أدبيا فريدا من نوعه تميز بخصوصيته وتميزه عن الآخرين فتوجه نحو أدب المرأة ومدينة "حلب" كان توجها جديدا غير مسبوق في الأوساط الأدبية».

عبدو محمد

وعند توجهنا إلى الحديث عن حياته الأسرية مع أولاده كان لنا زيارة لمنزل الأديب "أحمد دوغان" يوم 5/9/2009 لنلتقي بابنه الأكبر السيد "عبد القادر دوغان" الذي حدثنا عن والده وطريقة تعامله مع أولاده فقال: «لقد كان والدي أكثر من أب لنا فقد كان يشاركنا مشاريعنا ويساعدنا على تنفيذها بكل ما ملكت يمينه ولم يكن ليستخدم قسوة الآباء أو سلطتهم المجبرة إنما كان ديمقراطيا بحق في معاملته إذ كان يستمع إلى مشاكلنا ورغباتنا ويسدي لنا النصائح تاركا لنا آلية التحكم بأحلامنا ومستقبلنا فقد كان يقدم النصائح ويضع الحلول المناسبة تاركا لنا الخيارات مفتوحة كما أنني لا أذكر أنه عاقب شخصا منا بشكل قاس إلا أنه كان يسعى إلى التوجيه أكثر منه إلى التأنيب، ومعاملته مع والدتي كانت معاملة راقية جدا إذ أنني لا أذكر وانا أكبر أولاده أنهما اختلفا في قضية معينة أو علت أصواتهما بل كان التفاهم أساس علاقتهما في كل شيء».

ويضيف السيد "حمزة دوغان" نجل الأديب "أحمد" متحدثا عن تعامل والده معهم فيقول: «على الرغم من أننا لم نكمل دراستنا لم يكن والدنا الشاعر "أحمد دوغان" أن يقف ضدنا حتى أننا كنا نادرا ما نقرأ كتاباته أو قصائده ونادرا ما نحاور في موضوع أدبي يخصه ومع ذلك لم يكن ليجبرنا على فعل شيء لا نرغبه، إذ كانت دائما له جوهة نظره الخاصة التي نحترمها جميعا في المنزل لأنه فرض علينا احترام آراء الآخرين وتقدير مشاريعهم، فكنا دائما نحترم عزلته مع الكتب وعزلته مع الأقلام التي رافقته فترة طويلة فقد كان يقوم بأدائه الأبوي لكنه ينفرد بينه وبين ذاته بشكل كبير فحتى عندما نجلس في جلسة أسرية يكون ماسكا كتابه يقرأ على الرغم من تواجده معنا».

مكتبة أحمد دوغان

وعن مراحله المرضية التي أدت إلى وفاته حدثنا السيد "حمزة دوغان " عن تلك المرحلة قائلا: «لقد عانى والدي من كثرة الأمراض منذ العام (1992) بعدما أصيب بجلطة أدت إلى وهن بكامل جسمه وعلى الرغم من ذلك فقد كان يواظب على التواجد في الساحة الأدبية والفكرية ويصر على تقديم المننتجات الادبية لكن جسمه كان يزداد ضعفا وصحته تزداد سوءا حتى الأول من الشهر الحالي (أيلول) إذ نقلناه إلى المستشفى في حالة خطرة واستقر هناك قرابة اليومين حتى وافته المنية في عصر الخميس الثالث من الشهر ذاته لنقوم بشييع جثمانه في اليوم التالي إلى مثواه الأخير».

وقد وافته المنية عصر يوم الخميس 3/9/2009 وشيع جثمانه في اليوم التالي ليوارى الثرى تاركا خلفه نتاجا أدبيا سيبقى محط جدال الكثيرين ونقطة علام في الأدب العربي الحديث.

ومن كتاباته المنشورة (ساهر يرعى النجوم- شعر- مكتبة الثقافة- حلب 1972- الخروج من كهف الرماد- ديوان مشترك- المكتبة العربية- حلب 1974 - الحرية الشعرية المعاصرة في حلب- المطبعة العربية- حلب 1975- سيمفونية تشرين- شعر- دار مجلة الثقافة- دمشق 1975- مقالات عن أدبنا المعاصر - المطبعة العربية- حلب 1977 - الولادة الجديدة والصحو- بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب- المطبعة العربية- حلب 1979- الصوت النسائي في الأدب الجزائري المعاصر- منشورات مجلة «آمال» وزارة الثقافة- الجزائر 1982- أنا الشهيد وهذه حكايتي- قصص شعرية للفتيان- جريدة الشعب- الجزائر 1982 - الصرصور والنملة- قصة للأطفال- المؤسسة الوطنية للكتاب- الجزائر 1982‏ - الوشم وسر الذاكرة- شعر- بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب- دار مجلة الثقافة- دمشق 1985- الريح أنا- شعر- المؤسسة الوطنية للكتاب- الجزائر 1986 - شخصيات من الأدب الجزائري المعاصر- المؤسسة الوطنية للكتاب- الجزائر 1989 - المرايا في مواجهة الذاكرة- شعر- دمشق 1994- اتحاد الكتاب العرب). إضافة إلى حيازته على العديد من الثنائات والتقديرات والجوائز المتنوعة من جهات مختلفة على مستو ى الوطن العربي أجمع.