النوم على سطوح المنازل تقليد اجتماعي مميز يمارسه الناس خلال فصل الصيف في محافظة "حلب"، وله طقوس اجتماعية متعددة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 حزيران 2016، العمة "أمينة يوسف" في "ريف حلب"، فحدثتنا عن أهم هذه الطقوس: «مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف يلجأ السكان سواء في الريف أو المدن إلى سطوح منازلهم للحصول على شيء من البرودة المنعشة التي تخفف عنهم عبء التعب والعمل في الجو الحار خلال النهار الطويل.

مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف يلجأ السكان سواء في الريف أو المدن إلى سطوح منازلهم للحصول على شيء من البرودة المنعشة التي تخفف عنهم عبء التعب والعمل في الجو الحار خلال النهار الطويل. الصعود إلى السطوح يكون إما لإقامة سهرات اجتماعية جميلة من قبل الأهل والجيران، أو النوم، أو احتفاء بقدوم ضيف، أو إقامة ليلة الحنة للعريس. وخلال فصل الصيف تقوم النسوة عند العصر برش السطوح بالماء البارد وتنظيفها من الغبار للحصول على مزيد من الرطوبة والبرودة، ثم يمددن السجادات والفرش

الصعود إلى السطوح يكون إما لإقامة سهرات اجتماعية جميلة من قبل الأهل والجيران، أو النوم، أو احتفاء بقدوم ضيف، أو إقامة ليلة الحنة للعريس.

أمينة يوسف

وخلال فصل الصيف تقوم النسوة عند العصر برش السطوح بالماء البارد وتنظيفها من الغبار للحصول على مزيد من الرطوبة والبرودة، ثم يمددن السجادات والفرش».

وأضافت: «في حين تقام السهرات الليلية أو كما يسميها الريفيون أمسيات السهر بجانب مواقد النيران في فصل الشتاء؛ فإن هذه الأمسيات تنتقل إلى السطوح خلال فصل الصيف، ومن تقاليدها دعوة أحد المغنين الشعبيين من أبناء القرية أو القرى المجاورة ليؤدي حتى ساعات الصباح الأولى أجمل الأغاني الفلكلورية والتراثية، أو يقوم حكواتي القرية بقص الحكايات والقصص الشعبية للأطفال والملاحم الشعبية للكبار، بينما تقوم النسوة خلال تلك السهرات بإعداد مشروبات شعبية باردة ومنعشة، مثل: "شراب التوت" و"شراب الحصرم"، وغيرهما.

خالد حمو

كما تشهد سطوح المنازل وخاصة في الريف إقامة حفلات الحنة بالنسبة للعريس وسط أجواء اجتماعية جميلة من الرقص والغناء.

بالنسبة إلى النوم على السطوح فله عدد من الطقوس الاجتماعية التي ما زال الناس يمارسون الكثير منها حتى يومنا هذا؛ وهي طقوس ضرورية للحفاظ على سلامة النائمين وأحياناً حياتهم من خلال إبعاد خطر الحيوانات الزاحفة والعناكب والعقارب والبعوض التي تخرج خلال ليالي فصل الصيف وخاصة فوق السطوح الترابية للبيوت الريفية القديمة، وعلى الرغم من أن السطوح الإسمنتية وظهور المحميات الشبكية الشخصية خففت من هذه الأخطار؛ إلا أن الكثيرين ما زالوا متمسكين بممارسة تلك الإجراءات الضرورية».

"الآفسين" طرد الأفاعي

الجد "خالد حمو" وهو مزارع من منطقة "عفرين" قال: «النوم على السطوح من التقاليد المميزة والمحببة لدينا في الريف خلال فصل الصيف، ومن أهم الإجراءات التقليدية التي نقوم بها لنحمي أنفسنا من أخطار اللسع واللدغ وقرصات البعوض هو أننا نقوم برش الملح وبشكل دائري حول "فرشاتنا"؛ لأن مادة الملح تبعد الأفاعي وتطردها فنكون بمأمن من شرورها.

كما نلجأ إلى وضع كمية من مادة كيميائية تسمى "القطران" ذات رائحة حادة في أوعية بلاستيكية ونعلقها على عيدان أو على أغصان أشجار قريبة، وبما أن الأفاعي تملك حاسة شم قوية فإنها تشم تلك الرائحة الحادة فتبتعد عن الموقع، كما تعد هذه المادة طاردة للعقارب والعناكب وحتى البعوض.

ومن أهم هذه الإجراءات وأكثرها شيوعاً في منطقة "عفرين"؛ ممارسة تقليد "الآفسين"؛ وهو جزء من المعتقدات الشعبية القديمة، وهو الماء المالح المقروء عليه من قبل أحد أصحاب الكرامات في المنطقة؛ حيث يقوم الشخص بزيارة صاحب كرامة؛ وهو شخص لديه القدرة على مسك الأفاعي وترويضها، فيقوم بوضع كمية مناسبة من الماء في كأس مع إضافة قليل من الملح إليه، ثم قراءة بعض الآيات عليه ليصبح ذلك الماء المالح كفيلاً بإبعاد الأفاعي عن البيوت نهائياً، لذلك وخلال النوم على السطوح يقوم أهل البيت برش كميات من "الآفسين" حول مكان النائمين.

وأخيراً، وبالنسبة إلى الأطفال، فإن النوم على السطوح من أكثر الأمور المحببة لديهم في فصل الصيف؛ لأنهم يقضون أوقاتاً جميلة ورائعة بالاستماع إلى القصص والحكايات الشعبية، كما أنه فرصة لإحصاء النجوم وحجز واحدة بسبب الاعتقاد الشعبي القائل إن لكل شخص نجمة في السماء، كما يراقبون حركاتها والتعرف إلى قصصها كـ"درب التبانة، والدب"، وغيرهما من القصص التي يعشقونها».