يمتلك رؤية فنية ثاقبة مكنته من تعرية وصقل ونحت وصوغ كل مواده لمنحى خلّاق، فهو يُعيد الحياة ويبعث في المواد من شذا الفكر نوره الخاص لتتقمص مواده بصيرته وتعزز مخيلته.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان والنحات "الكسندر حداد" بتاريخ 7 تشرين الأول 2017 ، ليحدثنا عن بدايات شغفه بالعمل الفني حيث قال:«يمكن تشبيه الوله بالفن بالفراشة الأولى الهاربة من علب الألوان، حيث كانت تستوقفني التماثيل البيتية الخاصة بالزينة المصنوعة من الزجاج أو البلاستيك أو المعدن، وقد شكلت محاولات رسم الصور الموجودة في الكتب المدرسية خطواتي الأولى في طريقي الفني، فكانت الطفولة منبعاً للجمال والخصوصية والتفرد بحالات فنية تتناسب مع مقدرتي حينها، ثم زاد شغفي بالطبيعة حيث شكلت زادي الفني اليوم للعبور لمرحلة الابتكار والإبداع، والتصقت المشاهد اليومية والحالات النفسية والتراكمات البصرية بي مما سمح لي بإسقاطها في معظم أعمالي الفنية فلي وجهة نظر خاصة تدفعني لصياغة الأعمال مع توظيف العنصر الحيواني ضمن قوالب جديدة تتضمن إسقاطات إنسانية معاصرة».

عرفته شخصياً قبل مغادرته "سورية"، وهو يمتلك نظرة عميقة للتفاصيل ورؤيا واضحة للعمل الفني قبل انتهائه، كما تمتاز أعماله بفلسفة خاصة تحمل حضارات قديمة، ويمد جذوره فيها ليخرج علينا برؤيا جديدة ومفاهيم عميقة، كأنه يملك مفاتيح الماضي ويجرها صوب اللحظة الحقيقية متجاوزاً كل الخطوط ومازجاً كل قديم في قالب جديد، ورغم غربتنا إلا أنني لا أزال أتابع أعماله وهو يستحق كل تقدير

وأضاف: «الفن حالة بركانية متفجرة تُومض في الفكر وتفتح تضاريس متناقضة ومختلفة، ثم تأتي مرحلة التجسيد لتُعبر عن خلجات الروح ويتوجب حينها تسخير الحالات الروحية لعمل إبداعي تُدرك ملامحه وتصويره واتجاهاته مسبقاً، فأرتكز في تشكيل منحوتاتي على تناغم اللحظة وهي تسافر من ومضتها إلى المنحوتة المتداخلة بالرمز الواقعي والأسطوري، ولذا أشعر أن الفنان في حالة اغتراب دائم وهنا لا أقصد العزلة أو الانعزال، بل روحانية الحالة الإبداعية التي تفرض الاغتراب في عوالم عذراء تخترق الوجود وتصنع آفاق مبتكرة وخلابة، ولقد أثبت الفنان السوري قدرته على الوصول للعالميّة وخصوصيته وتميزه ليترك بصمة فنية مستوحاة من تنوع وغنى الحضارة السورية وآثارها، وكان لمشاركتي في الكثير من المعارض في "السويد" و"سورية" و"لبنان" و"الدنمارك" و"النرويج" وغيرهم، تأثير واضح على غنى تجربتي وتنوعها وتأثيرها العميق في قدرتي على إثبات نفسي وموهبتي وحضوري في الساحات الفنية العالمية».

صفقة روح

أما عن الأدوات التي يستخدمها في صوغ عمله الفني فقال: «تُعتبر المادة الخام المستعملة هي الجنين الأول للعمل ولكل مادة خام أسلوب خاص للتعامل معها، والفن عموماً وسيلة للتعبير عن قيامة الروح من صميم الوجد، ولكن للنحت بعداً إضافياً خلاباً، وللخشب حنين إلى الطفولة فنحن نتعامل معه بعد أن تموت الشجرة، وعمل الفنان هو إعادة الحياة إلى قطعة الخشب أمامه وبث الحياة مرة أخرى، وفي الصلصال أشم صوتي ولغتي ورائحة حُريتي، والصلصال يمتاز بليونته وإمكانية تشكيله وتغييره حتى المرحلة التي يقرر فيها الفنان أن العمل اكتمل ويحتاج للتطهر عبر المرور بوهج النار كي ينال حالته الصلبة النهائية».

أما عن تأثير سفره على قدراته وموهبته بالإضافة لوسائل الميديا فقال :«يعطيك السفر فرصة للتعرف عن قرب على أعمال الفنانين الرواد والتواصل اليومي مع كل ما هو جديد على الصعيد الفني والتقني، ويساهم السفر كثيراً في أتساع الرؤيا واختزال الوقت ولكل هذا دور كبير في إيصال الفكرة بشكل أسرع وأوسع، وقد سمحت وسائل التواصل الاجتماعي للكثير من الفنانين بالتعبير عن أنفسهم ورؤيتهم بعيداً عن سلطة وسائل الإعلام، ولذا نجد أن الكثير منهم قد امتلك رؤيا خاصة مكنته من إثبات نفسه والتسويق لعمله عبر الصفحات الإلكترونية وخدمة مشروعه الفني».

دقة في العمل

كما تواصلت المدونة مع الإعلامي "فايز مقدسي" الذي تحدث عن أعمال الفنان "الكسندر" بالقول: «عرفته شخصياً قبل مغادرته "سورية"، وهو يمتلك نظرة عميقة للتفاصيل ورؤيا واضحة للعمل الفني قبل انتهائه، كما تمتاز أعماله بفلسفة خاصة تحمل حضارات قديمة، ويمد جذوره فيها ليخرج علينا برؤيا جديدة ومفاهيم عميقة، كأنه يملك مفاتيح الماضي ويجرها صوب اللحظة الحقيقية متجاوزاً كل الخطوط ومازجاً كل قديم في قالب جديد، ورغم غربتنا إلا أنني لا أزال أتابع أعماله وهو يستحق كل تقدير».

بقي أن نذكر أن الفنان "الكسندر حداد" من محافظة " حلب" ومقيم في "السويد" منذ عام 1988، درس التصوير والغرافيك والسيراميك والخزف في معاهد "نورشوبنغ"، ثم تخصص مدة سنتين في "المدرسة الفنِّية" قسم النحت، وقد تضمَّن تخصصُه النحت في الحجر والخشب والطين والبرونز وصناعة قوالب السليكون والجبس، وهو حالياً يعمل كمدرِّس لمادة النحت والسيراميك في "نورشوبنغ" بالإضافة إلى عمله الفنِّي.

جمالية التفاصيل