تأتي الأهمية الخاصة لنشر ثقافة المكتبات من واقع افتقار كثير من مراكز المكتبات والمعلومات للكوادر المؤهلة علمياً، ومن هنا برزت الحاجة إلى تأهيل دارسي في هذا الاختصاص والعاملين في هذا القطاع لإكسابهم المعرفة النظرية المقترنة بالخبرة العملية.

"بدر شعبوق" المشرف في وحدة الترميم في المكتبة الوقفية في "حلب" بيّن لموقع eAleppo مدى حاجته لهذا النوع من الدورات في فهرسة الكتب وتبويبها وكيفية تنسيقها مع نظام الأرشفة الإلكترونية فيقول: «تقوم الدورة على تغذية أفكارنا بعلم الفهرسة المتداول في العديد من الدول الأخرى ليكون هناك العديد من المصطلحات المتفق عليها بين الدول العربية وألا تنحصر هذه الدورة فقط في المكتبة الوقفية في "حلب"».

يكتسب المتدرب من هذه الدورات الإلمام بكيفية تقديم أفضل خدمات المعلومات للباحثين وقد تجاوز عدد المتدربين 100 طالب وطالبة

وأضاف: «تفيدنا الدورة في فهرسة الكتب ومواضيعها بعيد عن أي نوع من العشوائية في ذلك، ومن خلالها يمكن تعلم المبادئ الأساسية في علم التصنيف والفهرسة العالمية. ويمكن لأي طالب في هذه الدورة أن يستفيد منها على الصعيد الشخصي إن كان يمتلك مكتبة منزلية حيث بإمكانه القيام بتصنيف مواضيع الكتب ويفهرسها شرط أن يكون على علم بمضمون الكتاب ليتسنى له وضعها ضمن فئتها التي تنتمي إليها».

المتدرب "بدر شعبوق"

من المعلوم أن هناك العديد من التصنيفات من أشهرها ذكرها "شعبوق": «تصنيف مكتبة الكونغرس والتصنيف الديوي- العشري- وتصنيف مارك وإن أي متدرب حينما ينتهي من هذه الدورة يكون قد حصل على علوم أرشفة المكتبات ومنها ينتقل إلى التصنيف الخاص بالمكتبة الوقفية وهو نظام يتمتع بالمرونة والسهولة».

وقد انضم إلى هذه الدورة الطالب "أسامة مرعي" خريج كلية الشريعة ليكون من بين المتدربين ويحدثنا برأيه عن سبب تأخرنا عن ذلك النوع من العلوم فيقول: «لم يكن هناك صحوة تجاه الكتب بشكل عام وحينما تنبهنا لأهمية الكتب الموجودة في المكتبات أصبح لدينا رغبة في تنظيم محتواها إضافة للانفجار المعرفي الذي تم مؤخراً والذي زادت فيه كمية المعلومات المنتجة على مستوى العالم».

المتدرب "أسامة مرعي"

وأضاف: «إن هذا الضعف في علم المكتبات إنما يشكل اللبنة الأولى للعمل على تلافي تلك المشكلة والعمل على تصحيحها، وتشكيل الحافز الأكبر في تطبيقها عمليا».

وقد شملت الدورة والكلام لـ "مرعي": «على المحاضرات النظرية والتطبيقات العملية حول تاريخ المكتبات عبر العصور العربية والإسلامية وهيكلة المكتبة وأصنافها والتقسيم العام وكيفية العمل على تزويدها بالكتب إضافة إلى التطبيقات العملية عبر الإنترنت وما أتمناه من الجهات المعنية أن يتم إنشاء قسم خاص لعلوم المكتبات في الجامعات لما يشكله هذا العلم من أهمية مستقبلية وخصوصاً في عالم تخطى العلم حواجز الكرة الأرضية».

المتدرب "محمد ياسر عثمان"

لكن فوائد هذه الدورة كبيرة وخصوصاً لأبناء الريف ممن يعانون من عدم توافر البنية التحتية للشبكة العنكبوتية- الإنترنت- وعن تلك الفوائد قال "محمد ياسر عثمان" مدرس شريعة بثانوية "تركمان بارح": «رغم وجود الإنترنت والسرعة الكبيرة في الحصول عل المعلومات عن طريق محركات البحث إلا أن هذا النوع من العلوم مفيد لأبناء الريف وخصوصاً في حال قلة توافر خدمات الإنترنت فيها، فتبقى علوم المكتبة التقليدية خير دليل في الحصول على المعلومات ولاسيما في مكتبات المدرسة التي يجب على أمينها تطوير مهاراته ليتمكن من خلالها توفير المساعدة على طلاب المدرسة في الحصول على أي نوع من الكتب المدرسية».

ومن ضمن الكوادر التعليمية التي عملت المكتبة الوقفية على توفيرها تأمين العديد من الاختصاصين من مختلف الجامعات العربية من بينها الدكتور "وصفي عارف علي" خبير واستشاري معلومات المكتبات من جامعة "البلقان" الأردنية ليحدثنا عن طبيعة الدورة وما حاجة مدينة "حلب" من تلك الدورة فيقول: «إن المنهاج الذي يقدم في تلك الدورة يضاهي المناهج العربية والعالمية أيضاً، وهذا يدل على حرص المكتبة الوقفية على تطوير هذا العلم».

وأضاف: «فالطالب المتخرج في تلك الدورة يستطيع وبشكل مباشر إدارة أي مكتبة متخصّصة لكون الدورة تشمل على العديد من العلوم المتقدمة في هذا المجال ومنهاجها يرتكز على علوم تخصّصية وأرشيفية».

هناك العديد من الخصائص التي يجب أن تتوافر في الشخص الذي يعمل في المكتبة بينها "علي" قائلاً: «أولاً يجب أن يكون متقناً ومحباً لعمله لتأتي بعدها العلوم النظرية التي تجعل منه شخصاً متخصّصاً ومهتماً لأحدث الأساليب المتبعة عند الأمم المتقدمة».

فكم حاجة مدينة "حلب" من تلك الدورات إذاً؟ قال "علي": «ليس بقدر عدد الدورات وإنما بما تحتوي من علوم وأن تتبع نهاية كل دورة دورة أخرى متقدمة لتكون المكمل لها بحيث تقسم هذه الدورات من مبتدئ ومتقدم ومثال على ذلك إن كانت هناك دورة للفهرسة فإنها تستلزم دورة في المبادئ العامة وأخرى متقدمة لتكملها دورة في الفهرسة المحوسبة ليصل المفهرس إلى درجة عالية من العمل المتقن».

فهل يمكن لشخص أن يلم بجميع العلوم المكتبية؟ أجاب "علي": «لا يمكن فهو علم شديد التشعب ذو فروع عديدة وتخصصات شتى من بينها الفهرسة وتصنيف الحاسوب، الدوريات، خدمات عامة مكتبية من ضمنها الإعارة وتندرج هذه التصنيفات من مبتدى ومتقدم وأكثر من متقدم».

وحول الفائدة الأساسية لتلك الدورات تحدث عنها الدكتور "محمود المصري" مدير المكتبة الوقفية بـ "حلب" فيقول: «يمكن تحقيقها من خلال جودة التزويد بأوعية المعلومات، لتنمية المقتنيات وبناء مصادر المعلومات لتعديل خطط التزويد بشكل مستمر لتيسير الوصول إلى تلك الأوعية من خلال اعتمادها على التصنيف المناسب وتطبيق قواعد الفهرسة المحكمة والمقدرة على التحليل الموضوعي للوصول إلى المحتوى الفكري».

وختم قائلاً: «يكتسب المتدرب من هذه الدورات الإلمام بكيفية تقديم أفضل خدمات المعلومات للباحثين وقد تجاوز عدد المتدربين 100 طالب وطالبة».

يذكر أن المشاركين العرب في دورة علم المكتبات والمعلومات أ. د "ربحي العليان" و"فضل كليب" و"وصفي عارف" من الأردن، د. "فيصل الحفيان" من القاهرة.