تعدّ الغيبوبة المرحلة المفصلية الرابطة ما بين الحياة والموت، فهناك أجسام قد تقاوم هذه الظاهرة، وبعضها تستسلم. وبغية شرح ما يعيشه الإنسان المقاوم لهذه الظاهرة أثناء مروره بها، قدمت الطالبة "ريتا بصمه جيان" عرض أزياء يشرح الظاهرة بالتفصيل عبر القصات والأقمشة.

للحديث عن المشروع، مدونة وطن "eSyria" التقت الطالبة في كلية الفنون الجميلة "ريتا بصمه جيان" بتاريخ 3 أيلول 2017، التي قالت: «موضوع "الغيبوبة coma"، والمواضيع العلمية عامة نادراً ما نستطيع تطبيقها في الأزياء، كنت واثقة من أنني سأتمكن من تحقيق هذا الإنجاز، وأبرز عناصر توضيح الفكرة من خلال الخرز والقماش، وبالتأكيد القصات».

كانت تقبل غلطها بسرعة وتصلحه، كنت أشعر بأن التصميم أصبح أسلوب حياتها وليس اختصاصاً، وأثناء وجودي بالعرض في الجامعة لاحظت أنها لم تضيع تعب أساتذتها وتوجيهاتي، وطبقتها بأدق تفاصيلها

ولتوضيح معاني التصميمات أكثر، قامت بشرح المراحل التي يمر فيها الإنسان أثناء الغيبوبة، وأضافت: «الإنسان الذي يقاوم ظاهرة الغيبوبة يمر بأربع مراحل أساسية، وهي: مرحلة الخوف والغموض من عدم العودة إلى الحياة، والترجمة الحرفية لكلمة "coma" تعني النوم العميق، حيث يظن المريض أنَّه نائم، وبعد مدة قصيرة يدرك أن نومه لم يكن طبيعياً، فيرى كل شيء أمامه أسود، وقد عبرت عن هذه الحالة باستخدام اللون الأسود في فستان قصير من الأمام وطويل من الخلف.

ريتا بصمه جيان أثناء العمل

أما مرحلة القلق والصراع، فيشعر المريض بالخوف وفقدان الأمل، لكن إنْ لم يثق بنفسه لن ينتصر على هذه المرحلة، وهنا استخدمت القماش الأصفر الذي يمتلك مفهومين متناقضين، وهما القلق والخوف. أما الصراع والثقة بالنفس، فاستخدمت لها فستاناً ذهبي اللون.

ومرحلة البحث عن النقطة البيضاء التي تلي مرحلة الصراع؛ أي بعد تخطي المريض للخوف والقلق يبدأ البحث عن النقطة البيضاء؛ أي بصيص أمل، وعندما يجدها تبدأ الحياة رسم ملامحها كبراعم الأزهار، وهنا استعملت القماش الأبيض و(كريستالات) زهرية اللون تدل على الحياة، وعلى هيئة براعم الأزهار.

فارتوهي سلاحيان

والمرحلة الأخيرة تعدّ المحطة الأخيرة للرحلة الخيالية؛ أي الاستجابة للعلاج المعطى، وهنا استعملت اللون الزهري المائل إلى "السكري" للدلالة على العودة إلى الحياة».

وعن الصعوبات التي واجهتها أثناء التطبيق، أضافت: «تطبيق الأقمشة من مختلف الأنواع بعضها مع بعض يعدّ إحدى الصعوبات، لكن هذا ضمن دراستي؛ لكوني دخلت المرحلة الجامعية أثناء الحرب وعانيتُ من الوضع الأمني، إضافة إلى عدم توافر الأقمشة والإكسسوارات اللازمة لعملي، خاصة أثناء تحضير المشروع، فاضطررتُ للذهاب إلى "دمشق" لتأمين الأقمشة اللازمة».

المدرّسة في كلية الفنون "باسمة زيبق" التي رافقت "ريتا" طوال العام حتى التخرج، أدلت بشهادتها عن المشروع، وقالت: «"ريتا" شابة تتميز بحبها للعمل المتقن والخالي من العيوب، وهذا سر نجاح المشروع. الفكرة التي اختارتها لم تكن سهلة، لكنها أبدعت في التعبير عنها بدءاً من الرش وصولاً إلى قصات الأقمشة التي دلت على مراحل الغيبوبة بوضوح. ولوحظ أيضاً أنها استعملت أفكاراً خارجية مستفيدة من الإنترنت والخبراء. لم نعطِ المعدل 90% لتكون الأولى على زملائها، إنما لنجعلها تتمسك بالنشاط والحيوية التي كانت تزداد يوماً بعد يوم؛ لأنها قوة شبابية تستحق الدعم».

إلى جانب ما تأخذه من الأسس النظرية تعمقت في التطبيقات العملية أيضاً بوساطة التدريب الخاص، حيث قالت المدربة "فارتوهي سلاحيان" التي رافقت "ريتا" لمدة سنة ونصف السنة لتوجيهها في مجال التطبيقات العملية: «كانت تقبل غلطها بسرعة وتصلحه، كنت أشعر بأن التصميم أصبح أسلوب حياتها وليس اختصاصاً، وأثناء وجودي بالعرض في الجامعة لاحظت أنها لم تضيع تعب أساتذتها وتوجيهاتي، وطبقتها بأدق تفاصيلها».

الجدير بالذكر، أن الطالبة "ريتا بصمه جيان" من مواليد مدينة "حلب"، عام 1996.