حتى فترة غير بعيدة كان "الحنطور" و"الترامواي" من أبرز وسائل النقل الداخلي في "حلب" بالنسبة لسكان المدينة وزوارها.

السيد "خالد سيدو" 79 سنة من حي "الأشرفية" بحلب يتذكر تلك الأيام التي كان للحنطور و"الترامواي" حضور بارز في حياة الحلبيين قائلاً لموقع eAleppo: «أنا أعمل في تجارة الزيت والزيتون منذ أن كنت شاباً ولذلك كنت من زوار مدينة "حلب" الدائمين حيث كنت أنقل بضاعتي من الريف لبيعها في المدينة، إنّ عمليات نقل البضائع بين الريف والمدينة كانت تتم بواسطة الأحصنة والحمير أما وسيلة نقل الركاب ضمن المدينة فقد كانت "الحنطور" و"الترامواي" أو الباص الكهربائي وذلك في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.

لقد تطورت المواصلات العامة داخل "حلب" بشكل مدهش في النصف الأول من القرن العشرين ففي العام 1929 بدأت الحافلات "الترامواي" بالعمل في المدينة وبلغ عدد البطاقات المبيعة في تلك السنة مليوناً ونصف مليون، ثم ارتفع إلى 11 مليون بطاقة في العام 1943 والى 20 مليون بطاقة في العام 1954 وهبط إلى 15 مليوناً في العام 1957 وانخفض إلى 12 مليون بطاقة في العام 1962 بسبب منافسة الباصات التي ظهرت لأول مرة في "حلب" في العام 1952، وفي العام 1963 ألغي "الترامواي" نهائياً وكان عددها حينها تسع حافلات

و"الحنطور" عبارة عن عربة تحتوي على مقعد طويل يتسع لشخصين ولها بابان على جانبيها وتجرها الخيول أو الأحصنة وهي مخصصة لنقل الركاب ضمن حارات وأحياء "حلب" وكان صاحب "الحنطور"- السائق يقوم بتزيين عربته وخيوله بشكل جميل، وبالإضافة إلى نقل الركاب من أبناء المدينة وريفها كان "الحنطور" وسيلة نقل رئيسية لنقل السياح والقناصل والمسؤولين ولهذا كانت الحناطير تقف أمام الفنادق المعروفة كفندق "بارون" وفي الساحات الرئيسية مثل "باب الفرج" بانتظار ركابها الحلبيين والسياح.

خط الترامواي الشمالي -الجنوبي

وبالنسبة للشوارع والطرقات فقد كانت مرصوفة بالحجارة السود كتلك التي نشاهدها اليوم في مناطق وأحياء "حلب" القديمة وما حول القلعة.

في الليل كان سائق "الحنطور" يجلس على مقعده الخاص في مقدمة العربة يحمل لوكساً أو مصباحاً ألمانياً ليضيء الطريق من أمامه، أما الأحصنة أو الخيول التي تجرها فقد كان المتخصصون في صناعة أسرجة الدواب "الجليلاتية" في مدينة "حلب" يصنعون لها أكياساً خاصة لوضع التبن فيها وتعليقها برقبتها لتأكلها كلما جاعت، فقد كان التبن وقود تلك الأيام».

خط الترامواي الغربي -الشرقي

وحول "الترامواي" قال السيد "نبي موسى" 71 سنة من حي "الشيخ مقصود- غربي": «بعد أن جرت الكهرباء في شرايين مدينة "حلب" ولا أعرف تاريخ ذلك بدقة أنشئت فيها خطوط "الترامواي" وذلك لنقل الركاب ضمن المدينة وكان "الترامواي" أكثر تطوراً من الحناطير من حيث السرعة والسعة.

في الخمسينيات من القرن الماضي- كما أتذكر- كان هناك خطان في مدينة "حلب" للترامواي الذي كان يعمل على الكهرباء من خلال أسلاك كانت مربوطة بالحافلة وبنهايتها دولاب ذو مجرى يتدحرج على أسلاك الشبكة الرئيسية الممدة على طول الخط وبمجرد التماس بين السلكين من خلال الدولاب الصغير كانت الحافلة تسير على سكك حديدية مرسومة لها، في حوالي العام 1955 ركبت "الترامواي" الذي كان يسير في "جادة الخندق" وقد دفعت حينها فرنكاً ونصفاً كأجرة بطاقة».

الحنطور يجوب مدينة حلب

وأخيراً ورد في كتاب "محافظة حلب" للدكتور "عبد الرحمن حميدة"- منشورات وزارة الثقافة 1992 ما يلي حول "الترامواي": «لقد تطورت المواصلات العامة داخل "حلب" بشكل مدهش في النصف الأول من القرن العشرين ففي العام 1929 بدأت الحافلات "الترامواي" بالعمل في المدينة وبلغ عدد البطاقات المبيعة في تلك السنة مليوناً ونصف مليون، ثم ارتفع إلى 11 مليون بطاقة في العام 1943 والى 20 مليون بطاقة في العام 1954 وهبط إلى 15 مليوناً في العام 1957 وانخفض إلى 12 مليون بطاقة في العام 1962 بسبب منافسة الباصات التي ظهرت لأول مرة في "حلب" في العام 1952، وفي العام 1963 ألغي "الترامواي" نهائياً وكان عددها حينها تسع حافلات».

وورد أيضاً: «منحت الحكومة العثمانية امتيازاً لرجل تركي يدعى "عثمان بك" من "استانبول" لتنوير "حلب" بالكهرباء مع إنشاء خط حافلات كهربائية "ترامواي" ومدة الامتياز 40 سنة ولم ينفذ المشروع فطُرح بعد الحرب العالمية الأولى حيث نالته شركة بلجيكية في العام 1919 ثم نكصت عنه، وفي العام 1924 نالت شركة المشاريع الفرنسية امتياز تنوير "حلب" وتسيير "الترامواي" وجلب المياه النقية إليها من ينابيع عين التل، فبدأ التنوير المنزلي في العام 1925 وتم مد خطين من "الترامواي" الأول: يقطع "حلب" من الغرب إلى الشرق مروراً بجادة الخندق و"باب الحديد" كي ينتهي في "برية المسلخ" عند مدرسة الجنرال "ويغان" /"اللاييك" سابقاً/ ومن ثم مدرسة "الفيوضات" الابتدائية /حالياً ثانوية/ وتمدد في العام 1950 حتى "السرايا الجديدة" وكان طوله 5 كم تقريباً.

الخط الثاني كان يقطع "حلب" من الشمال إلى الجنوب بدءاً من "الرمضانية" وانتهاءً بخان الحرير وراء الجامع وطوله 3.5 كم وكان له فرع ينطلق من "باب الجنان" نحو "باب إنطاكية" ولكنه لم يعمل».